وكالات-
قالت مصادر يمنية مطلعة، إن الإمارات وضعت خطة لمنع انهيار المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي الذي يتعرض لانتقادات عدة جنوبية بسبب ارتهانه لأبوظبي، وتحوله عبر التشكيلات المسلحة التابعة له، والتي تأسست بدعم إماراتي، إلى أداة بيد الأخيرة تستخدمها لتهديد وحدة اليمن وتقويض سلطة الشرعية اليمنية.
ووفق المصادر، تعمل الاستراتيجية الإماراتية على مسارين، سياسي وعسكري، ويرتبط كل منهما بالآخر بشكل وثيق، المسار الأول، يتركز في جنوب اليمن.
وفي هذا الصدد، كشف مصدر جنوبي، على اطلاع وثيق على التطورات السياسية، خلال الأيام الماضية، أن المجلس الانفصالي، المدعوم من الإمارات، حاول التواصل مع العديد من الأطراف والناشطين والصحفيين والسياسيين الجنوبيين، وعقد لقاءات عدة، خصوصا بعد أن تكونت قناعة لدى أبوظبي بأن «المجلس الانتقالي» قد يفشل، لذلك تدفع إلى تعزيزه بأطراف أخرى.
لكن الأبرز، وفق المصدر ذاته، كانت اللقاءات التي جرت خلال الأيام الماضية، في القاهرة ثم في أبوظبي، بين قيادات «المجلس الانتقالي» والرئيس اليمني الأسبق، «علي ناصر محمد»، وكذلك رئيس حزب رابطة الجنوب العربي، «عبد الرحمن الجفري»، والتي جاءت بضغوط إماراتية.
وأشار المصدر، الذي واكب هذه اللقاءات، في حديثه مع «العربي الجديد»، إلى أن فشل المجلس الانتقالي في مواجهة تصعيد الحكومة، دفع بالإمارات لتوجيه «الانتقالي» إلى التقرب من «علي ناصر محمد» (الحليف الاستراتيجي لإيران في جنوب اليمن)، فضلا عن القيادي الجنوبي المعروف، «عبد الرحمن الجفري».
وبحسب المصدر، فإن أول لقاء عقد في القاهرة ثم تلا ذلك اجتماع في أبوظبي، ومن ضمن اللقاءات التي جرت خلال الأيام الماضية، اجتماع ضم شخصيات جنوبية موجودة في أبوظبي وعناصر في الاستخبارات الإماراتية، وسط تكتم حول مضمون النقاط التي تم طرحها والتفاهم حولها في هذا الاجتماع.
في غضون ذلك، لم يتردد المصدر في القول إن المجلس الانتقالي تسرّع في الكثير من القرارات، فضلا عن عدم وجود رؤية واضحة لديه، ما دفعه للوقوع في الكثير من الأخطاء.
ورأى أن التوجه الجديد للمجلس نحو أطراف أخرى، يمكن أن تعتمد عليها الإمارات في المرحلة المقبلة، جاء بعد التغييرات التي حدثت أخيراً (تصعيد الحكومة وظهور قوى جنوبية رافضة للهيمنة الإماراتية أثبتت أن لها تأثيراً قوياً)، لذلك اضطر «الانتقالي» مع الإمارات إلى التواصل مع بعض هذه القيادات، في محاولة لإنشاء تحالف بدعم إماراتي تتركز أهدافه على مواجهة الشرعية.
وحول ما إذا كان الرئيس الجنوبي الأسبق، «علي ناصر محمد»، المعروف بعلاقته بإيران فضلا عن امتلاكه علاقات بالإمارات، سيدخل تحت غطاء أبوظبي أو المجلس الانتقالي الجنوبي، قالت مصادر أخرى، إن «مشروع علي ناصر واضح من الحرب والقضية الجنوبية نفسها، فهو من معارضي الحرب التي يقودها التحالف، والإمارات جزء منه، ومحاولة الانتقالي استمالته إلى صفه قد لا تجدي نفعا، إلا إذا دخل الانتقالي تحت المشروع الذي يمثله علي ناصر..هنا قد تكون هناك تغييرات على المشهد الجنوبي».
وهناك من يرى أن محاولة «الانتقالي»، وكيل الإمارات في الجنوب، التقرب من «علي ناصر محمد»، الحليف الاستراتيجي لإيران، يضرب مصداقية الدور الذي تقوم به الإمارات، بل أيضاً الدور الذي يؤديه التحالف، والشعار الذي رفعه وأطلق عليه مواجهة مد المشروع الإيراني، إذ إنه بدلا من دعم الشرعية، التي جاء التحالف من أجلها، تلجأ الإمارات إلى التحالف مع طرف موالٍ لإيران، يرفض فكرة التحالف نفسه، وهو ما قد يعطي دفعة للشرعية والأطراف الداعمة لها لاستغلال الفرصة لمهاجمة الدور الإماراتي.
ولدى الإمارات سوابق في تبديل تحالفاتها مقابل ضمان تحقيق مصالحها، على غرار ما حدث في العلاقة بينها وعائلة الرئيس الراحل «علي عبدالله صالح»، الذي قتل على أيدي الحوثيين قبل أشهر.
أما المسار الثاني الذي تسعى إليه الإمارات، والذي يعتبره مراقبون يمنيون أنه الأخطر، فيتمثل في محاولتها فرض ما يشبه السياج والحصار العسكري، ليس على الحوثيين بل على قوات الشرعية، أو ما تحاول الإمارات وحلفاؤها تسميته بمناطق وجود حزب الإصلاح (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن).
لكن هذا السياج الذي تحاول فرضه يستهدف الجيش الوطني، الموالي للرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي»، والذي ينتشر من الشرق إلى الغرب، إلى مناطق الوسط. وتحاول الإمارات أن تحد من هذا التمدد، وذلك من خلال استغلال نفوذها في التحالف وتمكين وكلائها.
وتشير مصادر عسكرية يمنية عدة، إلى أن الأوامر الآتية أخيرا من التحالف تمنع الجيش الوطني من التقدم رغم قدرته على تشديد الطوق على صنعاء واقتحام صعدة، لا سيما أن الجيش الموالي للشرعية يعد الأكثر عدداً في أنحاء اليمن، مقارنة بالقوات الأخرى، سواء الموالية للإمارات أو حتى قوات الحوثيين.