سياسة وأمن » حروب

مصير مكة «الغامض».. وهيكل «سليمان» والوصاية الهاشمية

في 2018/05/26

القدس العربي-

قدّم اجتماع قمة التعاون الإسلامي في إسطنبول ردّين مهمين من قبل تركيا والأردن على قضيّة رئيسية هي الخطر الذي تتعرّض له مدينة القدس بعد نقل السفارة الأمريكية إليها، وعلى قضايا أخرى مهمة متعلّقة بها.

ومنها مصير المقدّسات الإسلامية ككل (في حال استمرار التواطؤ العربي الجاري مع الأجندة السياسية لإدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في هذه المسألة) وقضية «الوصاية الهاشمية» على القدس ومقدساتها، إضافة إلى الأجندة الإسرائيلية المتطرفة التي تخطط لهدّ المسجد الحرام وبناء هيكل «سليمان» مكانه.

بطريقته الصريحة والحادة، أشار الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» إلى العاقبة التي تنتظر العرب والمسلمين في حال استمرار التفريط الجاري بالمقدسات الفلسطينية، والضغوط على القيادتين الفلسطينية والأردنية، لتمرير المشاريع الأمريكية والإسرائيلية.

ربط «أردوغان» بين مصيري القدس ومكة حين تحدث عن «مستقبل غامض» لمدينة الرسول في حال عدم القدرة عن الدفاع عن القدس بالقول: «إذا لم نستطع الدفاع عن القدس فلن نستطيع الدفاع عن مكة»، فمكة «ليست مجرد مدينة، إنما هي رمز وامتحان وقبلة، إذا لم نتمكن من حماية قبلتنا الأولى فلن نستطيع التطلع لمستقبل قبلتنا الثانية في أمان».

وبدلا من الاتعاظ بهذا الكلام الصريح انهمك موالون للسلطات السعودية بالهجوم على «أردوغان»، والدعوة لمقاطعة البضائع والسياحة التركية والتحذير من «الخطر التركي».

ترتكز فكرة «الوصاية الهاشمية» على التبعية القانونية للقدس والضفة الغربية للمملكة الأردنية الهاشمية عند احتلالهما عام 1967، فقد بقيت القدس والمقدسات تابعة للمملكة حسب قرار فك الارتباط القانوني والإداري.

والأردنيون الذين لفحهم لهيب الهجمة الأمريكية وضغوط تحالف «دول الحصار» لسحب فكرة «الوصاية الهاشمية» من عمّان (عبر التغلغل السياسي والمالي في القدس) يحاولون عبر قنواتهم السياسية والدبلوماسية، ودعم حلفائهم، صد هذه الهجمة، وكان حضور الملك «عبدالله الثاني» رفقة أشقائه الأربعة لقمة إسطنبول إجراء رمزيّاً موفقا لدعم هذه الفكرة.

إضافة إلى الإجراءات السياسية والدبلوماسية والقانونية للدفاع عن القدس ومقدساتها، استخدم الأردن وتركيا المعاني الرمزيّة، عبر ربط «أردوغان» مصير مكة بالقدس، وعبر الحضور الهاشمي المكثف للملك الأردني وإخوته.

معروف طبعا أن فرض قرار نقل السفارة الأمريكية يتغذى من تركيب معقّد يجمع بين السياسة اليمينية المتطرفة وأجواء الصراع الدينيّ وتمثيلاته السياسية والرمزية الكبرى، التي تحاول استرضاء جمهور المسيحانية الصهيونية الأمريكية.

لكنّ سفير الولايات المتحدة «ديفيد فريدمان»، فاق معلّمه «ترامب» في تكسير المحرّمات واحتقار العرب والمسلمين بقبوله أول أمس هدية من منظمة يهودية متطرّفة يظهر فيها هيكل «سليمان» مكان مسجد قبة الصخرة المشرفة، وهو ما يعتبر اشتراكا في التحريض على عمل إرهابي.

في إطار هذه القضايا السياسية ـ الدينية المتشابكة يتابع الفلسطينيون القبض على جمر قضيتهم الملتهب ويحاولون ابتكار أشكال جديدة دائمة لكفاحهم في وقت يرتبط فيه الدفاع عن الهوية مع الدفاع عن الأرض بشكل لا يمكن فكه أبدا.