وول ستريت جورنال- ترجمة شادي خليفة -
ترى الإمارات العربية المتحدة في معركتها للاستيلاء على ميناء «الحديدة» اليمني أمرا محوريا لإجبار المتمردين الحوثيين على التفاوض لإنهاء الحرب المستمرة منذ 3 أعوام في اليمن.
وتعد تلك المعركة المنتظرة أيضا أكبر اختبار حتى الآن لسمعة الإمارات العسكرية.
لكن الإمارات علقت الآن تقدمها بعد مواجهة الألغام الأرضية، والطائرات بدون طيار، والقناصة، والتحديات الإنسانية.
وطوال الحملة التي طال أمدها، تدور رحى تنافس على الهيمنة الإقليمية بين دولة الإمارات والسعودية وغيرها من الدول العربية السنية، ضد إيران التي يهيمن عليها الشيعة.
وتريد الإمارات، التي تعمل على الأرض مع ألوية يمنية تدربها القوات الإماراتية، أن يخرج الميناء من أيدي الحوثيين في أقرب وقت ممكن، قائلة إنه يولد ما يصل إلى 40 مليون دولار شهريًا للحكومة الحوثية التي تحكم العاصمة اليمنية، صنعاء.
الوصول
وقد سعت الإمارات لوضع بصمتها العسكرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل سريع.
وتعيد القوات التي تدربها الإمارات وتدعمها تجميع صفوفها وسط محادثات سياسية تهدف إلى تجنب ما تحذر منه منظمات الإغاثة من احتمالية وقوع كارثة إذا تمت عرقلة وصول الغذاء والإمدادات الطبية إلى الميناء.
ومع ذلك، فإن الألغام الأرضية، التي يصل عددها إلى الآلاف، التي زرعتها القوات اليمنية المتشددة في الجنوب، كانت من أكثر المشاكل صعوبة، وقد تمت تغطية العديد منها بالفيبرجلاس، وتم دهانها لتبدو كأنها صخور.
وقال اللواء الشيخ «عبدالرحمن اللحجي»: «الألغام الأرضية تدمر دباباتنا ومركباتنا»، و«اللحجي» هو قائد اللواء الثالث من أحد كتائب القوات اليمنية المتحالفة مع قوات التحالف في القتال في «الحديدة».
وتستهدف هجمات الحوثيين المتكررة، على طول الطريق الساحلي القاحل إلى حد كبير، الحديدة، وتمر عبر «الخوخة»، حيث تحافظ الإمارات على قاعدة في الأمام.
اليمن في الحرب
وكان الصراع بين المتمردين الحوثيين الموالين لإيران قد احتدم ضد التحالف العسكري بقيادة السعودية لأكثر من 3 أعوام.
ويزعم المسؤولون في الخليج أن ميناء الحديدة قد تم استخدامه من قبل إيران لشحن الأسلحة إلى الحوثيين، وهم يتهمون إيران بتشجيع الجماعة باعتبارها بديلا يشبه «حزب الله» في لبنان، أو الميليشيات الشيعية في العراق، التي تدعمها طهران ماليا وعسكريا.
وقرر خبراء الأمم المتحدة أن بعض الصواريخ الباليستية التي يستخدمها الحوثيون لمضايقة السعودية صنعت في إيران.
وتنفي إيران تسليح الحوثيين، ولا يوجد عسكريون إيرانيون معروفون في اليمن، بعكس ما عليه الحال في سوريا.
وقال بعض المسؤولين الغربيين إنهم يشكون في أن مساعدة طهران العسكرية للحوثيين تهدف إلى استدراج السعودية والإمارات إلى صراع طويل ومكلف.
وتعد الإمارات واحدة من أصغر الدول في المنطقة، لكنها من أكبر دول المنطقة من حيث الطموحات العسكرية.
ومع جيش نشط مكون من 63 ألف جندي فقط، سرعان ما وسّعت الإمارات نطاقها عبر شبه الجزيرة العربية وشرق أفريقيا، ولديها سلسلة من القواعد في الصومال وإريتريا، وعلى طول الساحل اليمني.
وفي عام 2016، هزمت القوات المدعومة من الإمارات قوات «القاعدة» في مدينة المكلا بجنوب اليمن.
وفي حين تقود السعودية التحالف الذي يقاتل الحوثيين في اليمن، تدير الإمارات معركة «الحديدة»، وترى الإمارات الحديدة كمنطقة من شأنها أن تحول زخم الصراع المطول، وتعتبرها أيضا اختبارا لقدرتها على تدريب القوات المحلية وتجهيزها ونشرها لتحقيق أهدافها العسكرية.
الأكبر في التاريخ
وتعد الحديدة أكبر عملية قتالية تخوضها الإمارات في تاريخها، ويقول «مايكل نايتس»، الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الذي درس التطور العسكري للإمارات عن كثب: «هذا هو نوع من الأمور التي يعتقد الناس أنها يمكن للأمريكيين فقط القيام بها».
وبعد أكثر من 3 أعوام من القتال، حصل التحالف وحلفاؤه اليمنيون على أراضٍ متعددة، لكنهم لم يقتربوا من النصر الكامل.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 10 آلاف شخص لقوا حتفهم في القتال، ووفقا لما ذكرته الأمم المتحدة أيضا، فقد نزح أكثر من 3 ملايين من منازلهم، بما في ذلك أكثر من 120 ألفا نتيجة لمعركة الحديدة.
وهناك أكثر من 22 مليون شخص، بما يعادل حوالي 4 من كل 5 أشخاص في اليمن، بحاجة إلى مساعدات.
ويعمل ميناء الحديدة كبوابة لنحو ثلاثة أرباع مساعدات اليمن، وتقريبا جميع شحنات الأغذية التجارية.
وقال مسؤولون إماراتيون إن التقدم البطيء يمنح سكان الحديدة، البالغ عددهم 400 ألف شخص، فرصة أفضل للبقاء، مع عملية تدريجية تسمح لميناء المدينة بالبقاء مفتوحا والحصول على معونات، مع توقفات بالسماح للجهود الدبلوماسية بالوصول إلى انسحاب سلمي من قبل الحوثيين.
وقد ناشدت مجموعات الإغاثة عدم الاعتداء على المدينة، وقد منحت الولايات المتحدة دعما فاترا لخطة حليفتها، وذلك في جزء كبير منه بسبب الخطر على حياة البشر.
ويأمل التحالف في أن يؤدي سير العملية على مراحل إلى التخفيف من بعض هذه المخاوف، مع السماح لمزيد من الوقت لمحادثات السلام التي يجريها مبعوث الأمم المتحدة في اليمن، «مارتن غريفيث».
وأخبرت وزارة الخارجية الإماراتية الأمم المتحدة الشهر الماضي إن لديها 50 ألف طن من المساعدات الغذائية جاهزة لإدخالها إلى المدينة، ويقوم الإماراتيون بترتيب كاسحات الألغام والرافعات وغيرها من المعدات لإصلاح الميناء بعد الاستيلاء عليه.
لكن هذا الهدف قد تأخر، حيث تمكن المقاتلون الحوثيون من الانتشار لتجنب الضربات الجوية، وقد اختفى قناصوهم في الأراضي الزراعية اليمنية لمهاجمة قوات التحالف.
كما قاموا بنشر طائرات بدون طيار للتجسس على القوات الإماراتية ومهاجمة قوات التحالف، وبينما تمكنت القوات اليمنية من إسقاط بعض الطائرات بدون طيار، نجحت أخرى في إسقاط متفجرات أدت إلى خسائر بشرية وتلف في المعدات.
تكتيكات جديدة
وقال اللواء «عبدالرحمن»، القائد العسكري اليمني المتحالف مع الإمارات: «لقد قاتلناهم منذ فترة طويلة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يستخدمون فيها مثل هذه الأسلحة».
وأضاف «عبدالرحمن» بالقول إنه عندما وصلت قواته إلى أطراف الحديدة، قام مقاتلو الحوثي بوضع أنفسهم في مناطق مدنية، ووضعوا سيارات عسكرية داخل ساحات المستشفيات وفي المناطق السكنية.
وقال «لؤي الشامي»، الناطق باسم الحوثيين، إن الائتلاف هو الذي يضع المدنيين في خطر، من خلال محاولة الاستيلاء على المطار والميناء في المدينة، وعلى حد قوله، «عندما فشلوا في الاستيلاء على المدينة، وتعرضوا لخسائر فادحة، زعموا أنهم أبطأوا بسبب المدنيين».
واستولت قوات التحالف على المطار في الشهر الماضي، لكن وسائل الإعلام التي يديرها الحوثيون أظهرت منذ ذلك الحين أن قوات الحوثيين سيطرت مرة أخرى على أجزاء من المنشأة.
ولم يرد متحدث باسم قوات التحالف على طلب للتعليق على الوضع في المطار.
وقال «الشامي» إن الحوثيين أبطأوا تقدم الائتلاف بقطع طرق الإمداد ومباغتة قوات التحالف بالهجمات بالطائرات بدون طيار والصواريخ.
وأظهر فيديو نشرته وسائل الإعلام الحوثية هذا الشهر طائرات بدون طيار تقوم بمراقبة وإلقاء قنابل صغيرة على مواقع على ساحل البحر الأحمر، وبدت إحدى الطائرات التي تعمل بدون طيار أكثر شبها بطائرة إيرانية بدون طيار قامت قوات التحالف باعتراضها في الماضي.