الخليج أونلاين-
تعود "بثينة"، التي تُلقّّب بـ"عين الإنسانية"، لواجهة الأحداث من جديد بعد أن طوت السعودية قصتها -أو هكذا ظنت- منذ نحو عام بعد أن شغلت الرأي العام الدولي والصحافة العالمية.
فيديو جديد ظهر للطفلة اليمنية بثينة الريمي (6 سنوات)، التي كانت الناجية الوحيدة من أفراد أسرتها (والدها، والدتها، 5 من أشقائها، خالها) التي قضت تحت أنقاض منزلها بقصف لطائرات التحالف بقيادة السعودية في 25 أغسطس 2017 على صنعاء.
وتقول بثينة في الفيديو للسعودية: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"، وذلك تعليقاً على احتجازها وأسرة عمها بالرياض.
ضجة عالمية
ورغم أن ما حدث لبثينة صار مع أسر يمنية عديدة خلال الحرب الدائرة في البلاد للعام الرابع على التوالي، فإن قصتها أحدثت ضجة عالمية بعد أن انتشرت لها صورة وهي متورمة الوجه تحاول فتح عينيها لرؤية مَن حولها بأحد مستشفيات صنعاء.
عندما
— يمنــــي_مــــحنكـ (@gooog_bop) September 2, 2017
تقول بثينة
اريد امي
اين ابي ؟
اين اخوتي ؟
هنا فقط يتوقف كل حديث#بثينه_عين_الانسانية
pic.twitter.com/wzYrF67ccO
هذه الصورة التي انتشرت على وسم (#بثينة_عين_الإنسانية) في مواقع التواصل الاجتماعي جرى تقليدها من قِبل نجوم ورياضيين وشخصيات من مختلف البلدان بحركة تضامنية معها ورسالة داعمة للسلام وحماية المدنيين.
خدعة وتهريب
بفعل هذا التضامن، لجأت السعودية إلى سيناريو تهريب بثينة إلى الرياض؛ ومن ثم محاولة إقناع عمها بالتنازل وإغلاق الملف؛ خوفاً من أي دعاوى قضائية قد تُرفع في المحاكم الدولية ضد قيادات المملكة كمجرمي حرب.
رئيسة مؤسسة "سماء الإنسانية" سماء أحمد، التي تولت تنسيق بعض الأعمال الإنسانية لصالح الطفلة بثينة، أوضحت تفاصيل الاختطاف في مؤتمر صحفي عقدته بسبتمبر الماضي.
وأوضحت أن "شخصاً يدعى فؤاد المنصوري قدم إلى مؤسستها الإنسانية وطلب منها التنسيق مع عم بثينة لعمل تسجيل وثائقي للطفلة لصالح مؤسسة صناع السلام، على اعتبار أن يُبث الفيلم في الأمم المتحدة، وسيتم تصويره بعدة أماكن شهدت جرائم بحق المدنيين".
وقالت سماء: "بدأنا التصوير من أطلال منزل عائلة بثينة في حي عطان، ثم قرر المنصوري الانتقال إلى جريمة عرس سنبان في ذمار، ومن هناك طلب من عم بثينة الانتقال بزيارة سياحية إلى مدينة دمت، ولم يرفض عم بثينة الطلب".
كمين وطائرة
وأضافت: "في مدينة دمت، طلب المنصوري أن يذهب لزيارة عائلته القريبة من المكان، إلا أن ذلك كان كميناً، حيث كان بانتظارهم سيارات ومدرعات تابعة للتحالف".
الصحفي قائد السعيدي، المقرب من أسرة بثينة، أكد في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، هذه الرواية، وأضاف أن "هذه المدرعات أوصلت بثينة وعمها وأسرته إلى قاعدة العند العسكرية قبل أن يتم نقلهم على متن طائرة عسكرية سعودية إلى الرياض ومن دون وثائق أو جوازات سفر".
وكان عم بثينة قد نشر فيديوهات بعد الحادثة يؤكد فيها تعرّضه لخدعة، وأنه سيصمد أمام الإغراءات السعودية، وسيعود لليمن، لكنه قوبل بانتقادات لاذعة واتهامات بالتواطؤ والتفريط في حق بثينة وأسرتها وتشكيك في الفيديو، لكن السعيدي نفى ذلك وأكد جدية موقف العم وأنه تعرض للسجن والضرب داخل اللجنة الخاصة بعد نشر الفيديو.
وقال السعيدي: إن "السلطات السعودية وضعت بثينة، بالإضافة إلى عمها علي الريمي وأسرته، في شقة بشارع التخصصي في الرياض بالقرب من مقر اللجنة السعودية الخاصة التي تمثل جهازاً مخابراتياً سعودياً مختصاً بشؤون اليمن برئاسة العميد محمد القحطاني، ولا تسمح لهم بالخروج أو للأطفال بالتعليم".
وأوضح أن "الوسيط فؤاد المنصوري، الذي نفذ حيلة الاختطاف عبر التصوير، يعمل لصالح المخابرات السعودية وله علاقة بالعقيد السعودي ناصر العتيبي، الذي كان يعمل قنصلاً بسفارة المملكة في صنعاء قبل أن يصبح حالياً نائب رئيس اللجنة السعودية الخاصة باليمن".
ترغيب وترهيب
وكشف السعيدي عن "ضغوطات وممارسات ترغيب وترهيب قامت بها المخابرات السعودية ضد عم بثينة طوال فترة تجاوزت تسعة أشهر؛ كي يتنازل عن حق أسرة أخيه التي قُتلت في القصف على منزلها بمنطقة عطان في صنعاء، لكنه رفض وقاوم كل شيء".
وتابع: "السمسار والعميل اليمني فؤاد المنصوري، الذي يعمل للمخابرات السعودية، استدرج خال بثينة وأخذ توكيلاً من جدتها للتنازل، وجاء إلى مقر اللجنة السعودية الخاصة لأخذ بثينة، فرفض عمها علي، الذي اعتبر قضية بثينة قضية شعب ووطن وقضية اليمن بأكمله".
ووفقاً للسعيدي، فإنه "عقب رفض عم بثينة، تم أخذه من قِبل اللجنة السعودية الخاصة وضربه وحبسه، وهو الآن في أحد السجون السعودية منذ أكثر من شهر، وزوجته وأولاده وبثينة بالشقة محجوزون طبعاً، يتم إعطاؤهم الأكل والشرب، لكنهم ممنوعون من الخروج".
تهديد ومناشدة
وطالب السعيدي بالإفراج عن علي الريمي وأسرته والطفلة بثينة وإعادتهم إلى وطنهم اليمن ومحاسبة الجناة المتورطين في عملية الاختطاف والذين يحاولون بيع قضيتها، ومحاكمة مرتكبي جريمة قصف بثينة وأسرتها".
وتساءل عن سبب صمت الحكومة اليمنية وغضها الطرف عن بثينة وأسرتها رغم أن المطلوب هو الإفراج عن عمها وإعادتهم إلى وطنهم بحسب رغبتهم وإرادتهم.
وناشد السعيدي المنظمات الدولية والمجتمع الدولي الوقوف إلى جانبهم وحمايتهم من التهديدات التي طالته شخصياً بفعل نشاطه ومتابعته للقضية، حيث أكد تلقيه رسائل تهديد من رئيس اللجنة السعودية الخاصة ونائبه والسفير السعودي لدى اليمن، الذي وصفه بالحاكم الفعلي لليمن، لكنه تعهد رغم ذلك "بالاستمرار والمتابعة وحشد الدعم لقضية بثينة وعمها وأسرته".
الناشط والكاتب اليمني عباس الضالعي علق على فيديو بثينة، قائلاً: "جريمة تضاف لآلاف الجرائم التي ارتكبها الطيران السعودي-الإماراتي وقتل آلاف المدنيين الأبرياء".
وأكد في منشور له على فيسبوك، أنه "ستنتهي الحرب مهما طالت، وستنشأ محكمة دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب في اليمن وقتلة الأطفال والنساء في تحالف الشر والتدمير".
وتقود السعودية تحالفاً عسكرياً منذ مارس 2015، بدعوى دعم حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
ويشهد اليمن منذ ذلك الوقت حرباً عنيفة بين القوات الحكومية الموالية لهادي، المسنودة بقوات التحالف من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي من جهة أخرى، وفشلت كل المفاوضات ومحاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين.
وقُتل في الحرب اليمنية، منذ التدخل السعودي، قرابة 10 آلاف يمني، في حين أصيب أكثر من 53 ألف شخص، بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية.
وبحسب الأمم المتحدة، يشهد اليمن "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، كما يواجه خطر المجاعة.