سياسة وأمن » حروب

الأمم المتحدة وضياع البوصلة!

في 2018/08/31

علي القاسمي- الحياة السعودية-

تواصل الأمم المتحدة حكايتها المعتادة في إحداث الضجيج الذي يخدم توجهاتها وألعابها، هذه المرة تمرر السم مجدداً على وقع الفعل الإنساني لتوجه بوصلة البعيدين ومن يجهل الحقيقة نحو البغية والمراد، وحين تعمد الأمم المتحدة للتضليل والجحود فهي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنها لا تزال تدار من تحت الطاولة وتوجه بما يخدم الانتهاك الحقيقي للحقوق وهو الفعل الذي يمارسه كثير من القابعين تحت وخلف طاولة الأمم المتحدة.

التقارير المستفزة من الأمم المتحدة والقادمة على هيئة ثرثرة كلامية واختيارها الأوقات والنصوص والجمل بالموازاة مع التوقيت الساخن والحرائق المشتعلة في المحيط الشرق أوسطي، تشرح كيف أن الألعاب السياسية تدار بالمزاج، والمزاج وحده، وهو الذي يحدد أيا من المخاطر يجب أن تكون في السطر الأول من القائمة وأيها كذلك يمكن العبث به وتحويله من إطار شرعي بني على حماية أفراد من وحشية أفراد وجماعات وميليشيات دول اعتادت على التدخل والعبث وشكلوا في ذهن العاقل النزف الخطر الجدير بالتوقف والانتباه والإشارة والتعرية.

وجبات الضحك التي اعتادت على تقديمها الأمم المتحدة بين وقت وآخر ليست إلا محاولة بائسة لـ «لفت» الأنظار وسحب التركيز العالمي الإنساني – على الأقل – من المساحة الواجب التدقيق والتركيز فيها إلى مساحات واضحة ومبررة الخطوات، بل ومصحوبة بتأييد لا ينكره إلا مراوغ ومنحاز وراغب في لي عنق الواقع بما يخدمه ويمرر مصالحه ومصالح من يدفع به لهذا الهراء والتجني والتزييف المخجل.

إشغال الرأي العام بالنسبة للأمم المتحدة فلسفة معتاد عليها، ولم ولن تكن الأولى ولا الأخيرة، لكنها ضمن مشروع المحاولات السنوية لخدمة حلفاء الشر وتغييب أفعالهم وجرائمهم التي ما إن يسلط الضوء عليها إلا وكانت القائمة السوداء غارقة حد الخجل بهم وغير قابلة لإضافة ربع منافس من شدة ما يضاف للرصيد في اليوم الواحد بعيداً عن حسابات الشهر والسنة.

لا نخجل مطلقا من إظهار الحقائق، ولكن الخجل هو من إظهار الكراهية وبث الأكاذيب والعمل لصالح العابثين بالإنسانية والمتكئين على الفعل المخادع والماضي في مستنقعاته سنوات طويلة من دون أن يتحدث عنهم أحد بشكل شجاع، إنه زمن تغطية الجرائم والحديث عن المآسي بدم بارد وتغليف الفضائح، وليت أن الأمم المتحدة تتحدث عن الإنسانية بشكل أشمل وأدق وأصدق وتتحدث عن اليمن بشجاعة نيابة عن أن تقدم ردود فعلها وفقا لما يقوله عملاؤها الظاهرون والمستترون وما يكتبه المشبوهون، للأمم المتحدة أن تستنكر وتقرأ الأحداث وفق إمكاناتها ونواياها، لكن ليس أن تكذب وتزور وتشرعن الإرهاب أو الخبث والتزوير وتقدمهم في كل محفل وتقرير باعتبارها خير ممثل للإنسانية والشرعية، الأمم المتحدة – ويا للخيبة – تحصد الغباء يوما بعد يوم، وتفصح عن عنصريتها بحجة الإنسانية المزيفة.