سياسة وأمن » حروب

أوقِف حرب اليمن كي لا تصبح مثل بشار

في 2018/09/13

جمال خاشقجي- "واشنطن بوست" الأمريكية-

دعا الكاتب السعودي المقيم بأمريكا جمال خاشقجي، وليَّ عهد بلاده، الأمير محمد بن سلمان آل سعود، إلى وقف الحرب في اليمن؛ حتى لا يصبح الحديث عن أن السعودية تمارس في اليمن ما يمارسه بشار الأسد مع شعبه في سوريا "صحيحاً".

وقال خاشقجي في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اليوم الأربعاء: "إن السعودية يجب أن تواجه الأضرار الناجمة عن حرب السنوات الثلاث الماضية في اليمن، فلقد أفسد هذا الصراع علاقات السعودية بالمجتمع الدولي، كما أضر بسمعتها في العالم الإسلامي".

ومضى الكاتب السعودي قائلاً: إن "السعودية يمكنها استخدام نفوذها وفاعليتها داخل الدوائر الغربية وباستخدام المؤسسات والآليات الدولية لحل النزاع في اليمن، ولكن للأسف يتم إغلاق هذه النافذة التي يمكن أن تقود للحل بسرعة".

انهارت المحادثات المقررة في جنيف بين الحوثيين والوفد الحكومي قبل أن تبدأ -يقول خاشقجي- بسبب خشية الحوثيين من عدم تمكنهم من العودة؛ بسبب سيطرة السعودية على الأجواء، وكان من الممكن أن تؤمِّن المملكة لهم الانتقال أو تدعم سفرهم حتى على متن طائرة سعودية. والأفضل من ذلك أن تعلن وقفاً لإطلاق النار وتعرض إجراء محادثات في الطائف كما جرت محادثات سابقة مع اليمنيين.

تحركات السعودية في اليمن -بحسب خاشقجي- جاءت مدفوعة بمخاوف الأمن القومي بسبب تورط إيران في اليمن، ومع ذلك لم تؤدِّ الحرب إلى توفير هذا الأمن؛ بل زادت من احتمالات وقوع إصابات وإلحاق أضرار بالمملكة، رغم أنها نجحت في التصدي لعدد كبير من الصواريخ الحوثية بواسطة نظام باتريوت الأمريكي. ومع ذلك، فإن قدرة السعودية على منع إطلاق الصواريخ هي بمثابة تذكرة بأنها غير قادرة على كبح جماح خصمها المدعوم من إيران.

ويضيف خاشقجي: "كل صاروخ تطلقه مليشيات الحوثي يشكل عبئاً سياسياً ومالياً على المملكة، ليس لدينا تصور لتكلفة الصاروخ الذي توفره إيران للحوثيين، لكن المؤكد أن صاروخ باتريوت واحداً يكلف السعودية 3 ملايين دولار".

ويرى الكاتب السعودي أن "هناك تكاليف غير متوقعة مرتبطة بالنزاع في اليمن، فلقد أُعلن أن السعودية تقترض على نحو متزايدٍ، الأموال من الأسواق الدولية، دون أن تذكر بوضوح ما هي الأموال اللازمة لذلك. وحسبما نُشر، فإن السعودية اقترضت 11 مليار دولار من بنوك دولية".

وأوضح خاشقجي أن "الأخطاء والمخاطر المرتبطة بالصراع الطويل في اليمن أدت إلى إضعاف مكانة السعودية دولياً، وزادت من فرص المواجهة بينها وبين الحلفاء التقليديين، فلقد صرح وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، مؤخراً، بأن واشنطن تدعم حق السعودية في الدفاع عن نفسها، وهو المقطع الذي طارت به وسائل الإعلام السعودية دون أن تستكمل بقية التصريح، الذي أشار فيه إلى أن هذا الدعم الأمريكي ليس دعماً غير مشروط، وحث الرياض على القيام بكل ما هو ممكن إنسانياً لتجنب أي خسائر في الأرواح البريئة".

ويرى خاشقجي أن "السعودية لا تستحق المقارنة مع سوريا، التي لم يتردد زعيمها في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، لكن استمرار الحرب في اليمن سيثبت صحة الأصوات التي تقول إن السعودية تفعل في اليمن ما يفعله بشار الأسد والروس والإيرانيون بسوريا".

حتى جنوبي اليمن، الذي من المفترض أنه "تحرر" من سيطرة الحوثيين -يقول خاشقجي- يقوم الناس هناك بحملة احتجاجات وعصيان مدني، ويرفعون شعارات ضد التحالف الذي تقوده السعودية، الذي يُنظر إليه على أنه السلطة الفعلية على الأرض بدلاً من الحكومة المنفيَّة في اليمن.

كما اعتبر  أن محادثات السلام ستمثل فرصة ذهبية للسعودية، وأنها ستجد دعماً دولياً، خاصة إذا سبق ذلك وقف لإطلاق النار من أجل التمهيد للمفاوضات، وأن على السعودية أن تستخدم نفوذها العالمي في الضغط على إيران حتى تنسحب من اليمن.

وشدد الكاتب على "ضرورة أن يقبل وليُّ العهد السعودي بأن يكون للحوثيين و(الإصلاح) والانفصاليين الجنوبيين دور في مستقبل اليمن؛ فمن الواضح أن الرياض لن تحصل على كل ما تريده".

وختم جمال خاشقجي مقاله بالقول: "كلما طالت الحرب القاسية في اليمن، كان الضرر أكثر دموية، وعلى ولي العهد أن يضع حداً للعنف، وأن يستعيد كرامة السعودية مهد الإسلام".