سياسة وأمن » حروب

"خاشقجي": على "بن سلمان" إنقاذ كرامة السعودية بإنهاء حرب اليمن

في 2018/09/17

جمال خاشقجي - واشنطن بوست-

في مقاله بصيحفة "واشنطن بوست" دعا الصحفي السعودي المقيم في المنفى "جمال خاشقجي" ولي العهد "محمد بن سلمان" لإنهاء الحرب في اليمن.

وقال "خاشقجي" إن استمرار الحرب في اليمن يهدر كرامة المملكة ويطعن في شرعيتها كمهد للإسلام، كما أنه لا يجعل المملكة أكثر أمنا، ناهيك عن التكاليف الباهظة المرتبطة بالحرب.

وفيما يلي ينشر "الخليج الجديد" أهم ما ورد في مقال الصحفي السعودي:

يجب أن تواجه السعودية الأضرار الناجمة عن حرب السنوات الثلاث الماضية في اليمن، حيث أفسد الصراع علاقات المملكة بالمجتمع الدولي، وأضر بديناميات الأمن الإقليمي وآذى سمعة المملكة في العالم الإسلامي.

ويمكن أن تصبح المملكة العربية السعودية في موقف فريد من نوعه يمكنها من إبقاء إيران خارج اليمن وإنهاء الحرب بشروط مواتية في الوقت ذاته إذا غيرت دورها من صانع حرب إلى صانع السلام، ويمكن للسعودية استخدام نفوذها داخل الدوائر الغربية وتمكين المؤسسات والآليات الدولية لحل النزاع، لكن ما تفعله المملكة إلى الآن هو إغلاق جميع نوافذ حل النزاع.

وقد انهارت محادثات جنيف للسلام التي ترعاها الأمم المتحدة والتي كان من المقرر افتتاحها يوم الخميس الماضي، وذلك يعود جزئيا إلى أن المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة (ومعظم مناطق غرب اليمن) كانوا يخشون أن تتم عرقلة عودتهم بسبب سيطرة السعودية على المجال الجوي لليمن.

وكان يمكن للسعوديين أن يمدوا عدوهم ومسؤولي الأمم المتحدة بدعم لسفرهم، أو ربما كان يمكنهم حتى أن يقدموا لهم طائرة سعودية، والأفضل من ذلك، أنه كان يمكن للسعودية أن تعلن وقف إطلاق النار وأن تعرض إقامة محادثات السلام في مدينة الطائف السعودية، حيث جرت محادثات سلام سابقة مع اليمنيين.

حرب مكلّفة

وكانت تحركات السعودية في اليمن مدفوعة بمخاوف الأمن القومي بسبب تورط إيران في البلاد، ومع ذلك، لم تؤد جهود الحرب السعودية إلى توفير طبقة إضافية من الأمن، بل زادت من احتمال وقوع إصابات وأضرار محلية، ومع اعتماد أنظمة الدفاع السعودية على صواريخ باتريوت الأمريكي الصنع، نجحت السعودية في منع الصواريخ الحوثية من التسبب في أضرار كبيرة، ومع ذلك، فإن عدم قدرة السلطات السعودية على منع إطلاق صواريخ الحوثي في ​​المقام الأول هو بمثابة تذكرة محرجة بأن قيادة المملكة غير قادرة على كبح خصمها المدعوم من إيران.

ونتيجة لذلك، فإن كل صاروخ تطلقه قوات الحوثي يشكل عبئا سياسيا وماليا على المملكة، وفيما لا تعرف تكلفة الصاروخ الإيراني الذي يتم تزويد الحوثيين به على وجه التجديد، ولكن يمكن للمرء أن يتكهن بأن قيمته لا يُقارن بتكلفة صاروخ باتريوت الذي يكلف 3 ملايين دولار.

وتعني تلك التكاليف غير المتوقعة المرتبطة بالنزاع في اليمن أن السعودية تقوم على نحو متزايد باقتراض الأموال من الأسواق الدولية دون أن تذكر بوضوح ما تخصص هذه الأموال له، ويقال أن المملكة ترتب لاقتراض 11 مليار دولار من بنوك دولية.

وعلاوة على ذلك، لا يمكن الاستهانة بالتكاليف السياسية المرتبطة بفقدان الأرواح البريئة، فقد أدى سوء التقدير للاستخبارات السعودية إلى استهداف حافلة يشتبه في أنها تحمل قوات الحوثي، ولكن القذيفة بدلا من ذلك، ضربت حافلة مدرسية تحمل أطفالا، ولا يمكن للمملكة أن تكون لديها منطقة حرب مفتوحة على حدودها الجنوبية وتأمل في نفس الوقت في ثقة في الأسواق الدولية وفي تماسك شرعيتها الأخلاقية.

ومن الواضح أن الأخطاء والمخاطر المرتبطة بالصراع تقلل من مكانة السعودية دوليا وتزيد من فرص المواجهة مع الحلفاء التقليديين، وقد صرح وزير الدفاع "جيمس ماتيس" مؤخرا قائلا: "نحن ندعم حق السعودية في الدفاع عن النفس"، وقد نقلت وسائل الإعلام السعودية تصريح "ماتيس" بحماس شديد، ولكنها حذفت بشكل انتقائي الجزء الذي ذكر أن الدعم الأمريكي لا يأتي "بلا شروط" وأنه حث السلطات السعودية على "القيام بكل ما هو ممكن إنسانيا لتجنب أي خسائر في أرواح الأبرياء".

ويجب أن تكون تصريحات "ماتيس" ناقوس الحقيقة بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، ومن المفترض أن المملكة العربية السعودية بمكانتها الإسلامية البارزة، لا تحتاج إلى تذكير بقيمة الحياة البشرية، والمسلمون في جميع أنحاء العالم يستحقون أن يروا مهد الإسلام يمثل أخلاقيات الإسلام.

استعادة الكرامة المفقودة

لا تستحق السعودية أن توضع في مقارنة مع سوريا، التي يبدو أن زعيمها لم يتردد في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، لكن استمرار الحرب في اليمن سيمنح شرعية للأصوات التي تقول إن السعودية تفعل في اليمن ما يفعله الرئيس السوري "بشار الأسد" والروس والإيرانيون في سوريا.

وحتى في جنوب اليمن الذي تم "تحريره"، يقوم المحتجون فيه حاليا بحملة عصيان مدني مرددين شعارات ضد التحالف الذي تقوده السعودية، والذي يُنظر إليه على أنه السلطة الفعلية على الأرض، وليس حكومة اليمن المنفية.

وستتيح محادثات السلام في اليمن للسعودية فرصة ذهبية.

ومن شبه المؤكد أن تجد الرياض دعما دوليا إذا دخلت في وقف لإطلاق النار ويمكنها أن تستخدم نفوذها العالمي وأن تحشد المؤسسات والحلفاء الدوليين للضغط المالي على طهران للانسحاب من اليمن، كما يجب على ولي العهد السعودي أن يقبل بأن الحوثيين والإصلاح (إسلاميون سنة) والجنوبيين يجب أن يلعبوا دورا مستقبليا في حكم اليمن، وأن الرياض لن تحصل على كل ما تريده، وستترك اليمنيين لحل خلافاتهم مع "الحوثيين" بشكل سياسي بدلا من خوض المعارك الدامية.

وكلما طالت هذه الحرب القاسية، كلما كان الضرر أكثر ديمومة، وكلما تورط شعب اليمن أكثر في مشاكل الفقر والكوليرا وندرة المياه، ويجب على ولي العهد وضع حد للعنف واستعادة كرامة مهد الإسلام.