الخليج أونلاين-
بعد أيام طويلة من اشتداد المعارك وقتل المئات من المدنيين في مدينة الحديدة اليمنية، وفشل التقدم وتحقيق أي من الإنجازات العسكرية على الأرض، تراجع التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات عن الاستمرار في هذه المعركة، وأوقف عملياته فيها.
وأعلن التحالف السعودي - الإماراتي في اليمن، اليوم الخميس، وقف الحملة العسكرية في مدينة الحديدة، الواقعة بمنتصف الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر.
ونقلت وكالة "رويترز" عن ثلاثة مصادر أن "التحالف، بقيادة السعودية، أمر بوقف الحملة العسكرية في الحديدة".
وفي خضم الإعلان ظهر دور سياسي للإمارات بشكل ملحوظ، على أكثر من صعيد، بدءاً بترحيبها بالمحادثات التي تجري بالسويد برعاية الأمم المتحدة لإعادة المسار السياسي لحل الأزمة اليمنية.
وحاولت الإمارات إبراز حرصها على إنهاء حرب اليمن ومعركة الحديدة بالتحديد، من خلال تصريحات لوزير خارجيتها أنور قرقاش، الذي أكد أن المحادثات السياسية حول اليمن فرصة يجب الاستفادة منها لإعادة الحل السياسي.
وقال قرقاش في تغريدة عبر حسابه في "تويتر": إن "الحديدة هادئة، والميناء يعمل، ونحن نعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة من أجل توسيع نطاق المساعدات الإنسانية لجميع المناطق في اليمن".
وهذا تطور غير مسبوق في لهجة الإمارات الجديدة، التي كانت تقف دائماً وراء إفشال أي دور سياسي لوقف الحرب في اليمن، من خلال تشكيلها لعدد من المليشيات المسلحة، لفرض الفوضى، وتنفيذ مهام اغتيال لعدد من الشخصيات اليمنية المهمة، لإطالة زمن الحرب.
- موقف بعيد
وذهبت أبوظبي بعيداً في مواقفها من أحد أبرز الأحزاب التي كانت دائماً ما تعتبره أحد الممولين الأساسيين للإرهاب في اليمن، من خلال استضافتها في أبوظبي حزب التجمع اليمني للإصلاح القريب من الإخوان المسلمين.
وظهر كل من رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح محمد اليدومي، والأمين العام للحزب عبد الوهاب الآنسي، مع مسؤولين إماراتيين في صور، أثناء استقبال ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، الأسبوع الماضي، لوزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت.
ويُعد هذا اللقاءَ الثاني الذي يجمع بين قيادة حزب الإصلاح وولي عهد أبوظبي، بعد لقاء معه في العاصمة السعودية الرياض بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في ديسمبر 2017.
وبهذا اللقاء والترحيب الواسع الذي لقيه حزب الإصلاح من قبل المسؤولين الإماراتيين، تكون قيادة أبوظبي قد سلكت طريقاً جديداً في حرب اليمن، بدلاً من القصف والقتل المتواصل منذ دخوله الحرب.
ويبدو أن الإمارات تحاول من خلال هذه اللقاءات والتصريحات المرحبة بوقف الحرب، واستئناف الحوار حول اليمن، أن توجه للعالم رسالة بأنها ضد الحرب وتعمل على إيقافها، خاصةً مع عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة، ومجلس الشيوخ الأمريكي على السعودية وحلفائها المشاركين في حرب اليمن.
ومؤخراً، صادق البرلمان الأوروبي على فرض حظر على صادرات الأسلحة الموردة إلى السعودية بسبب استمرار حربها في اليمن، بعد مشروع قرار قدمه عدد من أعضائه.
كذلك، أعلن السيناتور الجمهوري بوب كوركر، أن مجلس الشيوخ قد يصوت خلال أسابيع على تشريع لمعاقبة السعودية بسبب الحرب في اليمن.
وخسرت الإمارات بالفعل النرويج قبل شهور، أولى الدول الموردة للأسلحة إليها؛ بسبب استمرار حربها في اليمن. وتصل صادرات الأسلحة والذخيرة منها إلى 79 مليون كرونة (9.7 ملايين دولار).
وتعتمد الإمارات بشكل كبير على الأسلحة الموردة لجيشها من دول في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، لذلك فإن خسارتها لأي صفقات من هذه الدول يعني أنها ستكون في ورطة البحث عن بديل لتوفير الأسلحة لجيشها.
كما وصل الغضب الدولي الشديد تجاه الإمارات والسعودية بسبب حربهما في اليمن إلى وقف إعادة تزويد واشنطن طائرات التحالف بالوقود جواً في العمليات الجارية باليمن.
وتعطي هذه الخطوة الأمريكية تنبؤات بأن الإمارات تلقت رسائل شديدة اللهجة بضرورة وقف المشاركة مع السعودية في الحرب باليمن، واللجوء إلى الحل السياسي للأزمة.
كذلك، أطلقت منظمات دولية تحذيراً من أن القتال في الحديدة يعرض حياة 14 مليون يمني للخطر، باعتبار أن معظم الواردات الغذائية تدخل من مينائها الاستراتيجي.
كما كرر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، خلال اتصال مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الدعوة إلى وقف العمليات القتالية في اليمن، وجلوس كل الأطراف للتفاوض.
المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، يقول: إنه "لا يوجد حتى الآن مؤشرات جدية حول تراجع معركة الحديدة، فالقوات الموالية للحكومة ماضية في مهمتها العسكرية، التي سوف تنتهي باستعادة المحافظة من الحوثيين".
ويرى في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن هدوء المعارك في الحديدة كان مرتبطاً بزيارة وفد أممي، معظمه من الأمريكيين، للميناء، واستمر ساعتين.
ويضيف: "لقد بدا ما حدث وكأنه هدنة مؤقتة، وتؤشر إلى مدى التأثير الدولي في مجريات الأحداث في الحديدة وغيرها من الجبهات في اليمن".
وأمام هذه المناورة الجديدة للإمارات في اليمن، هل ستلتزم فعلاً في اللجوء إلى الحل السياسي، والتوقف عن قصف الأهداف المدنية، وصولاً إلى انسحابها من هذه الحرب الذي لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة؟ أم تكون مجرد تهدئة عابرة لامتصاص الغضب الدولي؟