سياسة وأمن » حروب

الخليج والدخول من الباب الاسرائيلي الخاطئ !

في 2018/11/19

أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-

ترى دوائر امريكية وعلى رأسها الخبير ستيفن كوك، ان سلطنة عمان تبحث عن حماية امريكية عبر الوسيط الصهيوني، وهو سر استقبال السلطان قابوس لنتنياهو مؤخرا.

وهذا التحليل يكشف عن جوانب قصور خطيرة في السياسة الخليجية واولها ان دول الخليج تخاف من بعضها البعض، فقد ضرب ستيفن كوك مثالا بحصار قطر وبالعدوان على اليمن، ليبرر مخاوف سلطنة عمان من تهور السعودية والامارات، وانها ليست بقوة وموارد قطر مثلا لتصمد امام اي ضغوط، وبالتالي هي تشتري الحماية من الباب الاسرائيلي.

يبدو التحليل قريبا من الواقع، وخاصة وان الاوضاع في الاقليم ملتهبة، وتمر القضية الفلسطينية بأًصعب مراحلها، وهناك محاولات تصفية حثيثة وصلت لانتزاع القدس ومحاولة ابتلاع كاملها، فلا يوجد مبرر لاتصالات مع الصهاينة، ناهيك عن رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي واستقباله بحفاوة!

ما يكشف عنه هذا التوجه ايضا، هو اهمال الجانب الشعبي، ووضع قوة الرأي العام الداخلي والعربي عموما في قاع سلة التوازنات، وقد كانت اية لقاءات او اتصالات تجرى في الخفاء خشية هذا الرأي العام وخشية الغضب الشعبي.

ايضا تسارع الخليج ككل وليس سلطنة عمان فقط في التطبيع المعلن، يجعل من منطقة الخليج، مربعا استراتيجيا مستقلا عن الوطن العربي، حيث لا تزال هناك دول عربية لا تعترف بالصهاينة ولا دولتهم، وليس هناك علاقات الا مع مصر والاردن بحكم الاتفاقيات المنعقدة بينهما وبين "اسرائيل"، مما يعطي للخليج ريادة في كسر الاجماع العربي على غرار الريادة المصرية والتي قوبلت بمقاطعة العرب جميعا ابان كامب ديفيد.

هل المصلحة الخليجية ككل تكمن بالفعل في التطبيع مع الصهاينة؟

بادئ ذي بدء، فإن محاولة الاجابة، تتطلب مناقشة حول الجانب القيمي وجانب الثوابت العربية والاسلامية، فهل تخلى الخليج عن هذه القيم وهذه الثوابت واعتمد سياسة براجماتية بحتة؟

ثانيا، اذا افترضنا ان الخليج اعتمد هذه السياسة البراجماتية، بل دعونا نصل الى الميكافيللية، فهل الباب الاسرائيلي هو الذي يحقق الحماية للخليج؟ وممن يخاف الخليج اذن اذا ما اراد ان يتحالف مع العدو الاسرائيلي، وهو العدو الحقيقي للعرب والمسلمين؟!

ان توازنات القوى لم تعد في صالح العدو الاسرائيلي، بعد التطورات الاخيرة في الاقليم واخرها احداث غزة والضربة التي تلقاها العدو وما تكشف من خلل بنيوي في امنه الداخلي وفي سياسته، وما تكشف من فجوة بين طموحاته وممارساته من جهة، وبين حقيقة قوته وتفوقه من جهة أخرى.

كما ان تطور مقاومة العدو في اتجاهها لتعيد الزخم الشعبي للقضية وتعيد للرأي العام اعتباره، وللصراع وجهه الحقيقي، مما سيجعل المهرولين للتفريط في تناقض مع شعوبهم، فعليهم ان يراجعوا حساباتهم.

اي غيور على الخليج، ينبغي ان ينصح دوله وشعوبه بأن تعود لقضايا امتها وان تفك ارتباطاتها بمصالح اعداء الامة، وان تحتمي بشعوبها ، فالخطر الحقيقي يكمن في العدو الاسرائيلي، وفي الاطماع الاستعمارية الامريكية والغربية والتي لا تشبع من ثروات الخليج وتستغل كل حدث لمزيد من الابتزاز، والعدو هو الازمات الاقتصادية القادمة، فعلى الخليج اعتماد معركة التنمية عبر الاستقواء بالشعوب في مواجهة اطماع الاستعمار، ومواجهة الاعداء الحقيقيين، وفتح الحوار وباب التعاون مع الجيران، بعيدا عن اجندات الغرب.

ان الدخول من الباب الاسرائيلي لهو دخول من الباب الخاطئ والذي سيؤدي الى التيه الحقيقي.