سياسة وأمن » حروب

إدارة ترامب وقضية خاشقجي .. أمل جديد لليمن؟

في 2018/11/23

إيمان ملوك- DW- عربية-

جدد الرئيس ترامب تمسكه بالشراكة مع السعودية رغم مقتل خاشقجي، في المقابل يضغط أعضاء في الكونغرس على البيت الأبيض لاتخاذ إجراءات ضد الرياض كوقف صادرات السلاح. فهل يمكن استعمال هذه القضية كورقة ضغط لإنهاء الحرب في اليمن؟

لا تزال قضية مقتل الصحفي والكاتب السعودي جمال خاشقجي تشغل الرأي العام العربي والعالمي وتأخذ أبعاداً مختلفة. كما مهدت لفتح ملفات مهمة وحساسة في السعودية وأعاد الجدل بقوة حول انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة وسياسة ولي العهد محمد بن سلمان، فضلاً عن ملف الحرب في اليمن، والذي بات في صدارة الاهتمام العالمي.

ففي تقرير لموقع القناة الأولى في التلفزة الألمانية (ARD) بعنوان: "أمل جديد لليمن؟"، تناول الموقف الحالي لواشنطن تجاه السعودية على خلفية مقتل الصحفي السعودي خاشقجي، تساءل الكاتب تورستن تايشمان فيما إذا كانت هذه القضية تشكل ورقة ضغط تنهي الحرب في اليمن؟. وذكر التقرير بأن مقتل خاشقجي لم يغير في السياسة، ولكنه غير النظرة إلى ولي العهد السعودي في واشنطن، حتى في ظل دعم الرئيس الأمريكي له.

الضغوط تنهي الحرب في اليمن؟

وجهت منظمات حقوق الإنسان ودول غربية عدة انتقادات شديدة للسعودية على خلفية مقتل خاشقجي يمكن استخدامها كورقة ضغط من أجل التوصل إلى حل للحرب في اليمن. فقد قررت ألمانيا منع دخول 18 مواطناً سعودياً لأراضيها كما أوقفت جميع صادرات الأسلحة للسعودية. بدورها قررت الدنمارك وقف تصدير الأسلحة إلى الرياض. كما فرضت فرنسا عقوبات على 18 سعوديا وقررت منعهم من دخول أراضيها وذلك أسوة بألمانيا. 

إضافة إلى فرض عقوبات على 17 مسؤولاً حكومياً سعودياً، أعلنت الإدارة الأمريكية، في خطوة أولية في وقت سابق من هذا الشهر وقف تزويد طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية بالوقود. ويرى الباحث في الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية في برلين، سيباستيان زونس، بأن هذه الخطوة قد تكون استراتيجية أميركية جديدة قد تتبعها خطوات أخرى في الملف اليمني.

ولكن تصريحات الرئيس ترامب أظهرت بوضوح أن الأمر لا يتعلق بمعاقبة السعودية أو إنهاء الشراكة معها أو زيادة الضغط على محمد بن سلمان بحيث يتم عزله من منصبه، كما يرى زونس في حديثه لـDW عربية. ويضيف قائلا: "هذا ليس هدف الرئيس الأمريكي، فهو يرى في السعودية شريكاً اقتصادياً مهماً خاصة فيما يخص تجارة الأسلحة.. كما أنها شريك مهم أيضاً في الحرب ضد إيران؛ وهاتان النقطتان هما أساس علاقة ترامب وبن سلمان".

ولهذا فإن السعودية تحت قيادة محمد بن سلمان ستستمر في تحقيق هذه الأهداف، ولذلك فإن الضغط الأمريكي عليها فيما يتعلق بملف اليمن، لن يكون بدرجة كبيرة، بحسب الباحث والخبير الألماني.

"حفظ ماء الوجه"

وأثار موقف ترامب الداعم للسعودية، وبالأخص لولي العهد السعودي انتقادات أعضاء الكونغرس، الذين يصرون على أنه يجب على واشنطن التفكير في فرض عقوبات إضافية ويطالبون بإجراء مزيد من التحقيقات في مقتل خاشقجي. وقال السيناتور الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن الموقف يشبه قيام البيت الأبيض بدور شركة علاقات عامة لصالح ولي العهد السعودي. ولوّح بأن الكونغرس سيدرس فرض عقوبات على الرياض.

وحول ما إن كانت الضغوط المتزايدة على السعودية وترامب، من داخل الولايات المتحدة ستنهي الحرب في اليمن، يرى الباحث الألماني زونس، أن الضغط على الرياض آخذ في الازدياد فعلياً، لكن: "بالنسبة لي، السؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أي مدى قد تتجاوب السعودية بشكل فعلي مع هذه الضغوط؟. لدى السعودية مصالح أمنية في اليمن، وهو موضوع مهم جداً، ولا يمكن أن تخرج إلا بحل يحفظ ماء الوجه".

"صفقة وراء الكواليس"

لكن هل يمكن تصور وجود "صفقة وراء الكواليس"، قد تتم عن طريق تسامح الغرب، خاصة الولايات المتحدة، مع ولي العهد السعودي، مقابل تراجع السعودية عن حربها في اليمن؟. لا يستبعد الباحث الألماني سيباستيان زونس هذا السيناريو ويقول بأن "تقديم السعودية تنازلات بهذا الشأن، وارد". بيد أنه سرعان ما يستدرك قائلا: "لكني لست متأكداً إن كان ذلك ممكناً في الملف اليمني. أعتقد أن اليمن ملف حساس جداً بالنسبة للسعودية وأن سمعة بن سلمان في البلاد مرتبطة بنجاحه في اليمن. الخسارة هناك، تعد بطبيعة الحال إشكالية".

ويضيف الباحث الألماني أن "النجاح في اليمن من المنظور السعودي يتمثل في هزيمة الحوثيين وتقليص نفوذ إيران واستعادة صنعاء، وطالما لم يحدث ذلك من الصعب جدا تخيل أن تستسلم الرياض دون تحقيق أهداف الحرب هذه". في المقابل يرى زونس إمكانية تقديم السعودية تنازلات في ملفات أخرى، على سبيل المثال في مجال حقوق الإنسان وإطلاق سراح النشطاء المعتقلين وأخيرا في ملف التقارب مع القطر.