متابعات-
في كل مرة تحاول فيها السعودية، من خلال تصريحات وزير خارجيتها المتلعثم عادل الجبير، تأليب المجتمع الدولي ضد قطر تفشل محاولاتها وتتكسر أمام الموقف القطري الثابت تجاه كل القضايا والأزمات التي تشكل قلقاً في المنطقة والشرق الأوسط.. فالسياسة القطرية الراسخة كانت دائما تنادي بتكريس الجهود وإنفاذ مبادئ الأمن والاستقرار الدوليين على النحو الذي يخلق قدراً من الرفاهية للشعوب... سياسة تقوم على إستراتيجيات متينة وغير موجهة وتنبع من صميم الرؤية القطرية الواضحة لتحقيق التنمية المستدامة للمجتمعات الإنسانية في كافة أرجاء المعمورة.
وربما المؤامرة الكبرى التي رسمتها وخططت لها كل من السعودية والامارات والتي سعت من خلالها لإفشال جهود قطر في حل الأزمة السورية وبالطرق السلمية في بداياتها الأولى فيما يبدو لم تكن تستهدف قطر فحسب وإنما ايضاً كانت تؤسس لكسر إرادة الشعب السوري وتطويعه للقبول ببشار الأسد بكل علاته رئيساً لسوريا.. مؤامرة ستدفع السعودية فاتورتها كاملة، مثلما ستدفع الإمارات ثمن مؤامراتها في المنطقة كاملة .. ولو بعد حين.
وفي سبيل توجيه الرأي العالمي وتأليبه للضغط على قطر من أجل إجبارها لدفع فاتورة المؤامرات السعودية والاماراتية في سوريا عمد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى التسويق لأكاذيبه المتكررة .. أكاذيباً هدفها سلب الإرادة السياسية لدولة قطر لتصبح تابعاً تحركه أبوظبي والرياض لصالحهما في أي وقت .. ولكن تحطمت كل هذه الأكاذيب وانكشفت أمام الإرادة القطرية القوية وصلابة موقفها الواضح تجاه القضية السورية وغيرها من القضايا الساخنة التي تشهدها المنطقة في السنوات الأخيرة ..
الجبير حاول اقحام قطر في الأزمة السورية بتصريحات أطلقها في ابريل الماضي، قال فيها: إن على قطر دفع ثمن وجود القوات العسكرية الأمريكية في سوريا وأن ترسل قواتها العسكرية إلى هناك.
ولم يدر عادل الجبير انه في يوما من الأيام ستخيب كل توقعاته بالتأثير على الرأي العام العالمي وستتحمل السعودية وزمرتها في المنطقة نفقات كل الخراب والتدمير الذي حاق بسوريا بعد أن وقفوا حائلا بين الشعب السوري وآماله العراض بالأمن والأمان والسلام والإستقرار.
فبعد ثمانية شهور على تخاريف الجبير خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجأة ليقول أن السعودية قد وافقت على دفع فاتورة إعمار سوريا بدلاً من أمريكا... ترامب ذكر ذلك على حسابه الرسمي الموثق على "تويتر" في تغريدة أحرجت المملكة العربية السعودية .. التي تمشدق مسؤوليها بـ"خط السيادة الأحمر".. سيادة تتقلب على طاولات أبوظبي وواشنطن كيف ومتى شاءت إرادة الدولتين.
وذهب ترامب الى أبعد من ذلك حين أعلن أنه بحث مع أردوغان مكافحة تنظيم "داعش" والانسحاب "المنسق بشكل عال والبطيء" للقوات الأميركية من سوريا، إضافة إلى التبادل التجاري بين البلدين بشكل موسع.. بل وأكد ترامب على أن أردوغان شخص قادر على ذلك ، وهو إعلان يثبت جليا أن الحرب التي قادتها أبوظبي والرياض ضد تركيا لم تؤتي ثمارها وخابت مثلما خابت مؤامرتهما ضد دولة قطر والمنطقة ...
وعليه فإن الخبر الذي صدره الرئيس الأمريكي بدفع السعودية فاتورة إعمار سوريا، حشر الجبير وزير خارجية السعودية في الزواية كطائر مهيض الجناح ، ففي كل كل مرة خرج لوسائل الإعلام السعودية والعالمية ليدلي بتصريحاته المتلعثمة محاولاً توريط قطر وتجريمها وشيطنتها ترتد محاولاته وبالاً عليه وعلى دولته وسمعتها ما جعله يستحق لقب "أفشل وزير خارجية في العصر الحديث" وبلا منازع...
والمتابع للسياسة الخارجية السعودية في السنوات الأخيرة يلاحظ بما لا يدع مجال للشك تخبطاتها وخروجها عن الأعراف والقوانين الدولية ، ويكشف ضعف ذهنية وإمكانيات عادل الجبير وتسبب الرجل في تشويه سمعة السعودية مرارا وتكرارا وادخالها في نفق مظلم من التحديات الجسام التي لا يملك الجبير حيالها الأدوات التي تمكنه من مواجهتها وإدارتها بالطرق الدبلوماسية والسياسية..
هذه المرة بدا منظر السعودية هزيلا بعد ان فقدت سيادتها وقدرتها على إدارة شؤونها وأصبحت قراراتها السيادية تصدر من على حسابات أجنبية تارة من واشنطن وتارات كثر من أبوظبي .. في مشهد فيه من الهوان ما يكفي لتدفن النعامة رأسها في الرمال.
ستدفع السعودية فاتورة إعمار سوريا فهي التي أججت حربها ودعمتها بالمال والسلاح وهي التي قطعت الطريق على كل المحاولات الهادفة لحل الأزمة عبر طاولة المفاوضات .. ستدفع السعودية فاتورة مؤامراتها كاش داون .. ليس حبا في الشعب السوري ولا في نضاله المستمر ضد الطغيان .. ولكن ستدفعها ولسان حالها يقول "مكرهٌ أخاك لا بطل".