الخليج أونلاين-
توصل "الخليج أونلاين" إلى معلومات خاصة تتعلق بالاتفاق الذي جرى مؤخراً بين طرفي الصراع الليبي، واحتضنته الإمارات، ورعته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
مسؤول من حكومة الوفاق كشف أن اللقاء الذي جمع فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد ما يسمى "الجيش الوطني الليبي"، الذي يتبع الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني، نتج عنه اتفاق نص على تشكيل مجلس عسكري أعلى يتكون من ثلاثة أعضاء.
وذكر المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أنه جرى التوافق على رئاسة حفتر، الذي يتهم بارتكاب انتهاكات وتلقي دعم خارجي من الإمارات ومصر، للمجلس العسكري، وأن يتولى اختيار وزير الدفاع في الحكومة الجديدة، واختيار أحد أعضاء المجلس الرئاسي.
أما فيما يتعلق بالفصائل المسلحة داخل طرابلس، فأوكل الطرفان وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا مسؤولية إعادة إدارتها، دون أن يوضح المسؤول تفاصيل أكثر.
الأمم المتحدة تعلن عن تسوية
واعتبر اللقاء الذي عقد الأربعاء (27 فبراير الماضي)، خطوة جديدة شهدتها الساحة السياسية الليبية؛ حيث أفادت البعثة الأممية أنه جرى الوصول إلى اتفاق تسوية للأزمة.
ويأتي هذا الاتفاق في وقت ما تزال ليبيا منقسمة بين حكومة الوفاق التي تأسست نهاية 2015؛ بموجب اتفاق رعته الأمم المتحدة، ومقرها في طرابلس وتحظى بدعم دولي، وحكومة موازية في شمال شرق البلاد، تحت اسم الحكومة الليبية المؤقتة، يسيطر عليها ما يسمى بـ"الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده اللواء المتقاعد المدعوم من أبوظبي خليفة حفتر.
وبحسب البعثة الأممية في ليبيا، فإن الاتفاق نص على إنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات عامّة، دون أي توضيح رسمي من قوات حفتر، في حين أعلن المجلس الرئاسي أن الانتخابات ستجري قبل نهاية 2019.
في ليبيا.. ارتياب من الاتفاق
في ليبيا أظهرت القوى السياسية ارتياباً من الاتفاقية، لا سيما أن اتفاقية سابقة، هي "الصخيرات" في المغرب، وضعت أساساً واضحاً لاتفاق ينهي الخلاف الليبي، لكن التدخلات الخارجية الداعمة لحفتر قضت على فرص نجاحها.
المجلس الأعلى للدولة، في تعليق مقتضب نشره على صفحته الرسمية بـ"فسبوك" الجمعة (1 مارس الجاري)، أكد تمسكه باتفاق الصخيرات، داعياً "الشريك الوحيد في الاتفاق السياسي مجلس النواب، للعمل على استكمال الخطوات المتبقية المتوافق عليها لإنهاء الانقسام السياسي وتوحيد المؤسسات"، في إشارة إلى رفضه الضمني الاتفاق الجديد.
ويتضمن اتفاق الصخيرات الذي وقع في مدينة الصخيرات المغربية، في يوليو 2015، ثلاث نقاط هي: تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية، واعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية، وتأسيس مجلس أعلى للدولة ومجلس أعلى للإدارة المحلية، وهيئة لإعادة الإعمار وأخرى لصياغة الدستور ومجلس الدفاع والأمن.
بالإضافة إلى موقف المجلس الأعلى للدولة، أصدر ملتقى مجالس الحكماء والأعيان بالمنطقة الغربية بياناً، الأحد (3 مارس الجاري)، تحصل "الخليج أونلاين" على نسخة منه، ووقع عليه كل من أعيان مدن: غريان، وجنزور، وصبراتة، والرحيبات، وصرمان، ورقدالين، والزاوية، والزنتان، والرجيبان، ونالوت، والعجيلات، وككلة، والقلعة، وجادو، والجميل، وزلطن، وزوارة، والأصابعة.
وشدد الأعيان من خلال بيانهم على رفضهم "المشاركة في أي حرب، وعدم السماح لأي طراف استخدام أراضيها للاعتداء على أطراف أخرى بالمنطقة الغربية".
وأكد أعيان المنطقة الغربية في بيانهم "رفضهم الإرهاب والعودة إلى الدكتاتورية"، وتمسكهم بتأسيس "دولة مدنية بمرجعية دستورية، وقيام الشرطة والجيش تحت سلطة مدنية"، داعين للمحافظة "على النسيج الاجتماعي وتماسكه، ومحاربة كل ما يسيء إلى اللحمة الاجتماعية والوطنية".
وفي مصراتة، شمال غربي ليبيا، أصدر مجلس حكماء وأعيان المدينة بياناً الأحد (3 مارس الجاري) من خلال وقفة احتجاجية وسط المدينة.
حكماء وأعيان مصراتة أكدوا في بيانهم رفض تدخلات البعثة الأممية في الشأن الداخلي الليبي، واتهموا البعثة بأنها تؤدي دوراً وصفوه بالخطير إزاء الوضع في البلاد، والعمل على إعادة ليبيا إلى حكم الدكتاتورية، في إشارة إلى الاتفاق الذي رعته البعثة الأممية في الإمارات.
وأكد المجلس "استعداده التصدي لأي قوة تحاول سرقة البلاد ومكتسبات الثورة"، وفقاً للبيان.
رصاص "تمهيدي"
الاتفاق الجديد الذي بدا السراج مجبراً عليه جاء بعد توتر وتصعيد في الجنوب الليبي وسع سيطرة حفتر على مساحات إضافية، فدفع بتعزيزات أمنية إثر تعرّض قواته لهجوم مباغت على الحدود التشادية، يوم 28 ديسمبر الماضي، غنم فيه المهاجمون الذين ينتمون للمعارضة التشادية عربات عسكرية، بعد قتل ضابط وإصابة 12 آخرين ينتمون للواء العاشر.
كما كشف تقرير أواخر العام الماضي، أن دولة الإمارات تقوم بدور سلبي في خلط الأوراق بالجنوب الليبي، ونقل التقرير الذي بثته قناة "الجزيرة"، عن مصادر خاصة لم تسمّها، أن إغراءات قُدّمت لقادة عسكرين تابعين لحكومة الوفاق في الجنوب بهدف استمالتهم لجانب قوات حفتر.
وكشف شاهد من أعيان التبو بمدينة مرزق عن شن قوات حفتر، بعد سقوط المدينة في فبراير الماضي، حملة اعتقالات وتنكيل بالمدنيين، تخللتها إعدامات ميدانية وتصفية جسدية، فضلاً عن سرقة ممتلكات السكان.
من جهة ثانية ضغطت قوات حفتر أكثر حين أعلنت خلال حربها الأخيرة سيطرتها على حقل الفيل النفطي، الواقع غربي مرزق، والقريب من الحدود مع الجزائر، الذي ينتج نحو 75 ألف برميل يومياً، وسيطرت قبلها على الشرارة الواقع في صحراء المنطقة، وهو أكبر حقول البلاد؛ إذ يبلغ إنتاجه نحو 300 ألف برميل يومياً.
اتفاق غير شرعي
الخبير في الشأن الليبي عصام الزبير يرى أن اتفاق أبوظبي مثله مثل باليرمو وباريس، لا تتماشى في حقيقتها مع الاتفاق السياسي، وليس لها شرعية أو قانونية؛ لأن الأطراف المتفقة ليس لها وجود في اتفاق الصخيرات.
فالمجلس الرئاسي، وفق الزبير، "منبثق عن الاتفاق السياسي، في حين أن حفتر ما زالت مشكلته قائمة بين مجلسي الدولة والنواب، وهو ما يؤكد عدم شرعية هذا الاتفاق الذي جاء لفرض سياسة الأمر الواقع عبر الدفع نحو مؤتمر وطني جامع، لتقسيم الكعكة بين كل من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا والإمارات ومصر، والاستحواذ على مقدرات البلاد من قبل تلك الدول".
الزبير في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أكد أن "الحلّ لو كان صحيحاً لتم الدفع نحو اعتماد الدستور، وتكوين جيش حقيقي وفق ضوابط وطنية، ودفع وزارة الداخلية لتكون مهنية وشرطية، بعد ذلك يتم الدخول في مرحلة جديدة وإنهاء المرحلة الانتقالية".
أما فيما يتعلق بوجود جيش ليبي تحت سلطة مدنية، فيرى الزبير أنه "حلّ غير مضمون؛ لأن حفتر لا يعترف بسلطة السراج ولا المجلس الرئاسي ولا حتى اتفاق الصخيرات، وبدا الأمر جلياً حينما حظر على أتباعه الانخراط داخل حكومة الوفاق(غرب)"، مؤكداً أنه "لا يمكن ضمان انقلاب حفتر على الشرعية، وأن خير شاهد على ذلك ما فعله السيسي في مصر".