سياسة وأمن » حروب

محاولة لافروف تعويم نظام الأسد تصطدم برفض خليجي

في 2019/03/07

أحمد الإبراهيم- العربي الجديد-

صعّدت روسيا تحركاتها من أجل دفع الدول العربية إلى إبداء مرونة في سياستها إزاء النظام السوري، وتحديداً من بوابة عودته إلى جامعة الدول العربية، وهو الملف الأبرز الذي حمله معه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في جولته الخليجية التي استكملها أمس بزيارة الكويت، بعد قطر والسعودية، محاولاً ترويج الأفكار الروسية عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية كمنطلق لحل سياسي. كما أنه سعى لفتح خطوط تواصل مع المعارضة السورية، عبر لقاء مع الهيئة العليا للتفاوض، تبعها ترويج روسي لاتفاق بين موسكو والمعارضة، وهو ما نفته الأخيرة. كذلك، حاول لافروف في جولته تسويق خطة روسية لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ما يعني الدفع للاعتراف مجدداً بشرعية النظام والقفز فوق قرارات دولية تدعو إلى تغيير عميق في بنية هذا النظام السياسية والعسكرية والأمنية. ولكن المؤشرات التي صدرت عن الدول التي زارها الوزير الروسي، دلّت على أن مهمته لم تلق النجاح الذي سعى إليه، في ظل موقف أميركي رافض لعودة العلاقات العربية مع نظام بشار الأسد، إذ كانت وكالة "رويترز" قد نقلت أخيراً عن خمسة مصادر أميركية وخليجية أن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً على دول خليجية للامتناع عن إعادة العلاقات مع النظام، بما فيها الإمارات.

وتابع لافروف جولته أمس بزيارة الكويت، وأكد منها أن "السعودية وروسيا والعديد من الدول المعنية الأخرى تسعى إلى القضاء على الإرهاب في الأراضي السورية بشكل تام". وأشار في مؤتمر صحافي مع نظيره الكويتي صباح الخالد الصباح، إلى أن السعودية، تتفق مع بلاده "على ضرورة استكمال إنشاء اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن، والتوقف عن البحث عن ذرائع لإبطاء هذا العمل بشكل مصطنع"، وفق قوله.
من جهته، ربط الوزير الكويتي عودة سورية للجامعة العربية بحل سياسي، قائلاً إن "بدء العملية السياسية وعودة سورية إلى حياتها الطبيعية وإلى أسرتها العربية، سوف يكون أمراً في غاية السعادة بالنسبة لنا في الكويت"، كما نقلت عنه وكالات أنباء.

ومن الواضح أن موسكو تحاول دفع الدول العربية للتقارب مع النظام السوري، بعد أن فشلت في إقناع الغرب بإعادة تأهيل هذا النظام. وتريد موسكو موقفاً عربياً جديداً بالعلاقة مع النظام، الذي لا يزال يصر على وأد أي جهد من شأنه الإسراع بالتوصل لحل سياسي للقضية السورية، وبالتالي من المتوقع أن يخرج لافروف خالي الوفاض من جولته الخليجية.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة في المعارضة السورية، لـ"العربي الجديد"، أن لافروف "لم يتلقَ وعوداً من الدوحة والرياض والكويت بإعادة العلاقات مع نظام بشار الأسد قبل التوصل إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف". وأشارت إلى أن جنوح بشار الأسد المتزايد إلى الجانب الإيراني والذي تجلّى بزيارته الأخيرة إلى طهران "يدفع الدول العربية إلى التشدد أكثر في مسألة إعادة الشرعية للنظام السوري"، مضيفة: "أوقفت الزيارة أي محاولات تقارب مع النظام من قِبل دول عربية، وصعّبت مهمة دول أخرى كانت تتحرك لإعادة النظام إلى الجامعة العربية".
وكانت الإمارات قد أعادت افتتاح سفارتها في دمشق أواخر العام الماضي، في خروج على القرار العربي بعدم عودة العلاقات الدبلوماسية معه طالما لم يتم التوصل لحل سياسي وفق القرارات الدولية ذات الصلة. 

ولا تزال المعارضة السورية تعوّل على موقف عربي متماسك حيال رفض إعادة العلاقات مع النظام قبل انصياعه للإرادة الدولية والانخراط في مفاوضات جادة تفضي إلى حل وفق قرارات مجلس الأمن الدولي. وفي هذا الصدد، أكد رئيس "منصة القاهرة" فراس الخالدي، أن الأخيرة "تعوّل على موقف عربي داعم لمطالب الشعب السوري في بناء سورية الدولة والمؤسسات والعدالة والسلم الأهلي، ويعيد التوازن للملف السوري دولياً". وأشار في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المعارضة تأمل بموقف عربي ضاغط لـ"رفع الهيمنة والوصايات التي استجلبها النظام عبر تعنّته، مما جعل الملف السوري مدولاً ويخضع لانتداب مباشر وغير مباشر دولي وإقليمي". وأمل الخالدي "أن يكون الوزير الروسي توصل إلى قناعة مفادها أن المحور العربي، وما يطلبه لحل القضية السياسية، أي تطبيق القرار 2254، والتوصل إلى حل سياسي عادل ولجنة دستورية متوازنة وممثلة للشعب السوري، هو المدخل لفرض توازن في وجه أصحاب المطامع دولياً وإقليمياً"، مضيفاً: "العملية السياسية المخرج الأمثل لتشابك المصالح وتنافرها في سورية".

وكان لافروف قد التقى الثلاثاء في الرياض وفد الهيئة العليا للتفاوض في محاولة لحلحلة الخلاف بين موسكو والمعارضة، التي تقف ضد الرؤية الروسية للحل لأنها تقوم على إبقاء بشار الأسد في السلطة. وقال رئيس الهيئة العليا، نصر الحريري، في تغريدة على "تويتر" إن "الوضع في إدلب ومناطق التسويات... العملية السياسية واللجنة الدستورية... إجراءات بناء الثقة والمعتقلون والبيئة الآمنة والمحايدة... جهود محاربة الإرهاب، كانت في مقدمة القضايا التي ناقشناها في لقائنا مع وزير الخارجية الروسي، وسيكون هناك المزيد من المناقشات في لقاءات أخرى".