سياسة وأمن » حروب

ماذا تبقى من مغامرة بن سلمان وبن زايد في اليمن؟

في 2019/04/16

القدس العربي-

قال تقرير نشرته مؤخراً «مجموعة الأزمات الدولية» أن أربع سنوات من الدعم الأمريكي للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن لم يسفر إلا عن القليل من النتائج على صعيد الاستثمار، والكثير من فظائع الحرب وأهوالها. واعتبرت المجموعة، التي تعمل بين بروكسل ونيويورك، أن «حكاية تواطؤ الولايات المتحدة في الحرب اليمنية» نجمت في جزء منها عن سوء حسابات بصدد قدرة واشنطن على صياغة سلوك التحالف، ومقدار الخراب الذي يمكن أن يكتنف نزاعاً ساعدت واشنطن على اندلاعه، ولكنها أيضاً «حكاية علاقات معقدة وتصورات عن مصالح الولايات المتحدة» انقاد إليها الرئيسان باراك أوباما ودونالد ترامب رغم ما بينهما من اختلافات.
ويستعرض التقرير بالتفصيل مراحل الغرق الأمريكي في «مستنقع» مساندة التحالف العسكري السعودي في اليمن، ابتداء من أول قرار اتخذه أوباما في هذا الصدد، مروراً بذهاب ترامب خطوات أبعد على خلفية صفقات مبيعات الأسلحة إلى المملكة بمئات مليارات الدولارات، ثم وصولاً إلى مرحلة الشراكة بين مستشار ترامب جاريد كوشنر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وما اقترن بها لاحقاً من فضائح اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي. ويستخلص التقرير أن على واشنطن «مواجهة الحقيقة التي تشير إلى أن مساندتها المستمرة للحملة لا تخدم مصالح الولايات المتحدة ولا مصالح المنطقة»، وأن على الإدارة الأخذ بقرار الكونغرس الأخير حول وقف تزويد التحالف بالأسلحة التي استُخدمت وتُستخدم في قصف المدنيين ومضاعفة الكوارث.
ويترافق نشر هذا التقرير مع معلومات جديدة أوردها موقع «ديسكلوز» الاستقصائي، تؤكد أن القوات السعودية والإماراتية التي تخوض الحرب في اليمن استخدمت وتواصل استخدام مختلف صنوف الأسلحة الفرنسية، من مدفعية ودبابات وزوارق حربية وحوامات. وكشف الموقع عن صور التقطت بالأقمار الصناعية في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي وظهر نشر دبابات فرنسية من طراز «لكليرك» في مدينة الحديدة على بعد ثلاثة أميال من تجمعات سكانية مدنية، كما أن طائرة تزويد بالوقود فرنسية الصنع تقلع باستمرار من قاعدتي خميس مشيط وجيزان في السعودية. ومن المعروف أن فرنسا ثالث مصدّر للأسلحة إلى السعودية والإمارات، وذلك رغم تصريحات المسؤولين الفرنسيين بأن ما يُباع إلى هذين البلدين لا يتجاوز أغراض الدفاع عن النفس ضدّ الحوثيين.
ويأتي التقريران بمثابة برهان جديد على الطريق المسدود الذي بلغته المغامرة العسكرية السعودية والإماراتية في اليمن، سواء على الصعيد العسكري في الوضع العالق الذي تشهده جبهات القتال المختلفة، أو على الصعيد السياسي الذي لا يلوح أنه يمكن أن يزود الرياض وابو ظبي بما يحفظ ماء الوجه بعد اجتماعات السويد. وما يزيد في تدهور أوضاع التحالف العسكري في اليمن أن التناقض آخذ في الاتساع بين الفئات التي تجندها الإمارات في الجنوب وتلك التي تحشدها السعودية في الشمال، وأن جبهات القتال تتبعثر وتتباعد معها خطوط القتال ومراكز القرار العسكري.
ولكن هل بقيت ثمة حاجة إلى برهان جديد على انتكاس مغامرة بن سلمان وبن زايد في اليمن وانهيارها على رؤوس صانعيها؟ ألا يتضح كل يوم أن الدلائل الوحيدة على استمرارها ليست سوى المآسي والمجاعات والأوبئة وأهوال الحرب التي تعصف باليمن؟