أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
الخليج بين "أزمة مركبة" و"فشل مركب" في التعاطي معها..
يعيش الخليج حاليا في أزمة من النوع المركب، وملامح هذه الأزمة يتمثل في انشقاق التوجه الخليجي العام عن الرأي العام العربي في قضايا مختلفة، على رأسها قضية العرب والمسلمين المركزية وهي القضية الفلسطينية، هذا من جهة، ومن الأخرى عدم الإجماع الخليجي والانشقاقات الداخلية في مجلس التعاون بما يهدد استمراره شكلا، بعد سقوطه موضوعا.
وليس الانشقاق العام عن الإجماع العربي والفلسطيني، ومعه الانشقاقات الداخلية الخليجية، هي كل ما يجعل من الأزمة مركبة، وإنما هناك ملفات أخرى تساهم في التعقيدات وتعميق الأزمة، ويمكن رصد ما يلي منها:
أولا: طبيعة اتخاذ القرار خليجيا، وهو عامل مشترك في كل دول الخليج رغم الخلافات والتمايزات، وهذه الطبيعة تتميز بالقرار السلطوي الأحادي دون مشاركة جماهيرية، بل وحتى عدم وضع الرأي العام في الاعتبار، وهو ما يعقد حلول المشكلات الداخلية بين دول مجلس التعاون، حيث ترغب الشعوب في التوافق، بينما القرارات الفوقية تقود للخلاف والقطيعة، كما ترغب الشعوب في حل عادل للقضية الفلسطينية ولا ترغب في تنازلات مجحفة ولا ترغب في الاصطدام مع الإجماع الفلسطيني على اقل تقدير، بينما تقود القرارات الفوقية لعكس رغبة الشعوب.
ثانيا: الابتزاز الأمريكي الذي يعمق الخلافات ليستفيد من جميع الأطراف، والذي يبدو معه استسلام كامل وعدم القدرة على اتخاذ قرار مستقل شجاع يستهدف الحد من السيطرة الفجة، ويستطيع مقاومة الانصياع التام ويستطيع بلورة موقف متحد ولو جزئي يواجه الهيمنة الأمريكية ويعمل للصالح الخليجي.
ثالثا: المقاربات الجديدة والتي تتخذ عنوانا اصلاحيا، وهي في جوهرها رضوخا للنمط الشكلي الغربي في الاقتصاد، مما يهدد بأزمات اقتصادية ومجتمعية تضاف للأزمات الأخرى المتعلقة بالتسليح المقيد بالتشغيل الأمريكي والانفاق للصالح الأمريكي بمعزل وانفصال تام عن جوهر الأمن القومي الخليجي والذي يتم ترديده ليلا ونهارا كشعار أجوف، ليس مفتقدا فقط للتعبير عن جوهر الأمن الخليجي، بل يعكس تناقضا وتضادا معه.
ومكمن الخطورة هنا لا يتمثل في وجود أزمة مهما كانت تعقيداتها وطبيعتها المركبة، وإنما الخطورة تتمثل في افتقاد القدرة على التعامل مع الأزمة وافتقاد الارادة السياسية والرؤية الاستراتيجية، للدرجة التي يعكس فيها التعاطي مع الأزمة ولا سيما من طرف السعودية والامارات، فشلا مركبا.
فالسعودية والامارات تحديدا يشكلان مجلسا للتنسيق الثنائي يتجاوز مجلس التعاون الخليجي، ويحاولان قيادة العمل الخليجي بنزعة سيطرة واذعان وليس بمنطق توجيه، هذا من ناحية، ومن الأخرى، يشكل التعاطي تعميقا للازمات لا محاولة للسيطرة عليها ولا حتى الحد من تفاقمها.
فالازمة اليمنية يقودها البلدان بنوع من التكبر والعند والذي ثبت انه يقود لمزيد من الفشل وضياع اي فرصة لحفظ ماء وجه البلدين، وكأنهما يصران على فضيحة كبرى لا تسوية!
وكذلك الأوضاع الاقليمية، نرى البلدان ينفخان في نار الحرب بينما تقود كل الشواهد والحسابات أنهما أول الخاسرين من اندلاع حرب اقليمية!
ان لم يكن هذا وقت انتفاضة خليجية على هذه المرحلة الخطيرة سواء شعبية او دبلوماسية، فمتى يحين وقت الانتفاضة، أو حتى الاستفاقة وقراءة الوضع بصورته الصحيحة؟!