متابعات-
في وقت تشهد محاور القتال جنوبي طرابلس هدوءاً حذراً، بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقوات الجيش الليبي بقيادة حكومة الوفاق، بعد محاولة فاشلة لتقدم قوات حفتر صباح أمس الأحد نحو غريان، كشف مصدر عسكري مطلع من مدينة سبها جنوبي ليبيا، عن استمرار توافد عشرات المقاتلين المرتزقة الأفارقة إلى معسكرات حفتر، لا سيما في قاعدة الجفرة، وسط الجنوب.
ويقول المصدر العسكري، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، إنّ ضباطاً أجانب، منهم إماراتيون، يشرفون على نقل عشرات المقاتلين المرتزقة التابعين لحركة "تحرير السودان"، بواسطة القيادي في الحركة جابر إسحاق، إلى مقرات حفتر العسكرية.
وأكد المصدر أنّ الإمدادات التي يؤمّنها حلفاء حفتر لا تتوقف على نقل مقاتلين، بل تشمل أيضاً إمدادات عسكرية، وصلت إلى قاعدة الجفرة، تتمثل في سيارات مسلّحة، ومدافع، وعربات مصفحة، استعداداً لإطلاق حفتر المرحلة الثانية من عمليته نحو طرابلس.
وتأتي الخطوة لتعويض النقص الكبير الذي تعانيه صفوف قوات حفتر من ناحية المقاتلين، بعد تراجع الدعم القبلي الذي تلقاه في حملته السابقة، فيما أشارت مصادر من بنغازي في وقت سابق لـ"العربي الجديد" إلى أنّ شيوخ "التيار المدخلي" كثفوا من خطبهم، لاستهداف الشباب ما دون العشرين عاماً، والتي تؤكد لهم أنّ الخروج من دون إذن الوالدين لطاعة أمر ولي الأمر للجهاد جائز، وذلك بعد تراجع إقبال القبائل في شرق وجنوب ليبيا على حثّ أبنائهم على المشاركة في حرب حفتر الجديدة، لتغطية العجز الكبير الذي تعانيه معسكرات حفتر من المقاتلين.
وكشف المصدر العسكري أنّ فصائل من المرتزقة تم نقلهم فعلياً على دفعات من قاعدة الجفرة نحو مدينة ترهونة، عبر طرقات صحراوية يستخدمها مهربو البشر، عبر الشويرف، ووادي مرسيط، ثمّ نسمة، مروراً بمنطقة العرقوب، ووصولاً إلى ترهونة، التي يبدو أنّ حفتر يستخدمها كقاعدة جديدة لاقتحام طرابلس.
وكان مكتب الإعلام الحربي التابع لحكومة الوفاق قد أعلن، في بيان عاجل مساء أمس الأحد، عن تمكّن طيران قوات الحكومة من استهداف رتل لمليشيات حفتر في منطقة مرسيط بالقرب من مزده (180 كم جنوب غربي طرابلس).
وليست المرة الأولى التي يستخدم فيها حفتر المرتزقة في حروبه، فقد تحالف مع مليشيات حركة العدل والمساواة في السابق لتأمين حقول النفط، ومكّنهم من السيطرة على مناطق ليبية، ما دفع بأهالي مدينة مرادة، الواقعة جنوب الهلال النفطي وسط البلاد، إلى الاشتباك مع مقاتلي "العدل والمساواة" منتصف عام 2017. وأكد بيان رسمي لبلدية مرادة مقتل مواطن في منطقة زلة المجاورة للمدينة، جراء الاشتباكات.
كما أكدت تقارير خبراء الأمم المتحدة، العام الماضي، دفع حفتر أموالاً طائلةً لحركة "العدل والمساواة" السودانية للعمل لصالحه ودعم وجوده في مناطق جنوب ليبيا.
وكان وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، قد أكد في تصريح تلفزيوني في 13 مايو/أيار الماضي، أنّ الإمارات زوّدت حفتر بمرتزقة من "الجنجويد" والمعارضة التشادية للهجوم على طرابلس.
وأظهرت فيديوهات، تناقلتها صفحات التواصل الاجتماعي، عشرات الأسرى من المرتزقة الأفارقة الذين تمكنت قوات حكومة الوفاق من أسرهم في مدينة غريان، إثر سيطرتها عليها في السادس والعشرين من الشهر الماضي.
ويتوقع الخبير العسكري الليبي، محيي الدين زكري، استخدام حفتر للمرتزقة في القتال في جبهات جديدة سيعمد لفتحها لتشتيت قوات الحكومة. وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الحديث عن وجود المرتزقة في صفوف حفتر بات أمراً لا يحتاج تأكيداً، لكنه في ذات الوقت لن يستخدمها في القتال في الخطوط الأمامية في عملية اقتحام طرابلس، التي يعتمد فيها بالدرجة الاولى على مقاتلي اللواء التاسع المؤلف في أغلبه من مؤيدي النظام السابق.
وبحسب معلومات زكري، فإنّ حفتر أشرف في الآونة الأخيرة على إعادة النظر في خططه، وإبعاد كلّ القيادات البارزة التي كانت تقود حملته السابقة، وعلى رأسهم ابنه صدام، وقائد غرفة العمليات المركزية عبد السلام الحاسي، وقام بالدفع بقيادات جديدة.
ويُرجّح زكري في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تكون العملية الجديدة تحت إشراف كامل من قبل حلفاء حفتر، وعلى رأسهم القاهرة وأبوظبي، لافتاً إلى إشراف ضباط مصريين على بناء مهبط جوي عاجل في ترهونة، بعد فقدانهم مهبط بني وليد، الذي أقفلته حكومة الوفاق أمام حركة الإمدادات.
وعن اتجاهات الحملة العسكرية المقبلة لحفتر، قال: "ستكون باتجاه فتح محاور جديدة سواء غربي العاصمة، بواسطة قواته المرابطة في صرمان، أو باتجاه فتح قتال نحو غريان وسرت، في رقعة واسعة من شأنها تشتيت قوة الحكومة وتمهيد الأوضاع للواء التاسع، للدخول سريعاً باتجاه أحياء جديدة وسط العاصمة".