سياسة وأمن » حروب

ما علاقة الإمارات بعمليات ترحيل اليمنيين من عدن؟

في 2019/08/06

الخليج أونلاين-

تعيش مدينة عدن، العاصمة المؤقتة لليمن (جنوب)، أياماً صعبة وحالة من عدم الاستقرار؛ بعدما شهدت حملة واسعة من التعدّي والترحيل التي تشنّها مليشيات موالية للإمارات ضد اليمنيين من أبناء المحافظات الشمالية.

وفرضت قوات "الحزام الأمني" الموالية للإمارات عقاباً جماعياً على أبناء المحافظات الشمالية الموجودين في عدن، عقب مقتل قائد اللواء أول إسناد في الحزام، منير الماوري، المعروف بـ"أبو اليمامة"، في هجوم شنه الحوثيون على عرض عسكري، في 1 أغسطس الجاري.

ويتهم اليمنيون بشكل مباشر الإمارات بالوقوف وراء ما يحدث في عدن، في وقت طالبت فيه الحكومة اليمنية التحالف الذي تقوده السعودية باتخاذ خطوات جادة لوقف التصعيد ومنع تقويض عمل السلطات في عدن.

ترحيل واعتداء

استغل ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" حادثة مقتل "أبو اليمامة"، ونحو 35 من عناصر الحزام الأمني، في قصف للحوثيين على معسكر الجلاء بعدن، متخذاً منها ذريعة لاستهداف المواطنين المنحدرين من المحافظات الشمالية بتهم مختلفة، من بينها تقديم معلومات للحوثيين.

وشنّت المليشيات الموالية للإمارات حملة اعتقالات واسعة في عدن طالت المئات من العمال والمهنيين من أبناء الشمال، كما تعرضت مبانٍ سكنية للاقتحام والتفتيش والطرد منها، إضافة إلى منع دخول من ينتمون للمحافظات الشمالية إلى المدينة.

وانتشرت مقاطع وصور على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد تلك الأعمال، رغم محاولة وسائل إعلام وناشطين تابعين للانتقالي نفي تلك الأحداث، في محاولة منهم للتكتم على تلك الانتهاكات.

كما حاول الحزام الأمني نفي الاتهامات الموجهة لها، وأصدر بياناً يقول إنها "ضد أي عمليات ترحيل أو انتهاكات تحدث في الجنوب"، في وقت نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً صوتي لقيادي في تلك القوات يدعو لعدم نشر مقاطع فيديو لعمليات الترحيل؛ "خشية المحاسبة والملاحقة الدولية".

نهب وحرق!

كما أطلقت القوات الموالية للإمارات النار عشوائياً على الباعة في السوق المركزي في البريقة، ورحّلت الكثيرين منهم، في حين شهد سوق المنصورة حرقاً لبسطات أبناء الشمال، الذين رُحّل عدد كبير منهم أيضاً عبر شاحنات النقل.

وتركّزت حملات الترحيل القسري في مديريات المنصورة، والشيخ عثمان، ودار سعد، وخور مكسر، شمالي عدن، في حين طالت انتهاكات محدودة الباعة والتجار في التواهي والمديريات الأخرى.

واستهدفت حملات الترحيل رجال أعمال، وتجاراً، وأصحاب محالّ تجارية، وعاملين في مجال الصرافة، وعاملين في مجال البناء، وطلاب جامعات، وموظفين حكوميين.

وتعرضت العشرات من المحال التجارية للنهب والمصادرة، بينما أُغلقت أخرى ورُحّل أصحابها إلى مناطقهم الأصلية.

كما تحدث حقوقيون وناشطون عن سقوط قتلى، بينهم مالك "كافتيريا" يدعى رضوان علي، من أبناء محافظة إب، ونهب ممتلكاته.

دعم إماراتي للترحيل والانفصال!

ولم تكن غريبة التصريحات الإماراتية الداعمة لانفصال جنوب اليمن مجدداً؛ فقد خرج نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، ضاحي خلفان، مهاجماً الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قائلاً في تغريدة له على حسابه بـ"تويتر": إن "إنهاء ما يسمى بشرعية عبد ربه العلاج الحقيقي لاستقلال الجنوب".

وأضاف في سلسلة تغريدات: "التفريط في استقلال الجنوب تفريط في الأمن القومي العربي والخليجي".

وتابع: " يتحدثون عن يمن موحد... وعبر التاريخ لم يكن اليمن بلداً واحداً أو حاكماً واحداً".

ويتهم اليمنيون بشكل مباشر الإمارات بالوقوف وراء ما يحدث من عمليات ترحيل، ومحاولة فرض واقع الانفصال على جنوب البلاد.

وشن ناشطون، بينهم قيادات حكومية، هجوماً شرساً ضد خلفان، وقال وزير الدولة أمين العاصمة، عبد الغني جميل: "يا ضاحي خلفان من انتخب فخامه الرئيس هادي هم الشعب اليمني وليس الشعب الإماراتي، من أنت لحتى تغرد وتتكلم عن شرعيته؟".

وقال مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي، في تغريدة أخرى بـ"تويتر": "لم يكن هناك دولة اسمها الإمارات عبر الزمن، أنتم دولة طارئة عمرها لا يتعدى الثلاثة عقود، أما اليمن فهو دولة واحدة موحدة عبر التاريخ دولة صاحبة تاريخ وحضارة عمرها سبعة آلاف عام".

وجاءت تغريدات خلفان بعد يوم واحد من تغريدة للأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، الذي قال فيها: "إن الحرب في اليمن انتهت إماراتياً ويبقى أن تتوقف رسمياً".

وأضاف مستشار بن زايد: "الإمارات ستضع من الآن فصاعداً كل ثقلها السياسي والدبلوماسي للدفع بالتسوية وتحقيق السلام للشعب لليمني، الذي عانى كثيراً من انقلاب جماعة الحوثي المدعومة من إيران".

غضب حكومي

 الحكومة اليمنية التي لا تملك زمام السيطرة على مدينة عدن، خرجت عن صمتها عبر رئيسها، معين عبد الملك، الذي قال: إنه "لا يمكن التغاضي عن تبعاتها الخطيرة في شق النسيج الاجتماعي، وإضعاف جبهة الشرعية والتحالف في مواجهة مليشيا التمرد الحوثي والمشروع الإيراني في المنطقة".

وأضاف عبد الملك في تغريدات له على "تويتر": "نُجري اتصالات عالية مع قيادات التحالف لإيقاف هذه الانتهاكات، ونضغط في اتجاه الحل، لا صب مزيد من الزيت على نار خطاب الكراهية والتصرفات المناطقية".

كما وجه الرئيس اليمني السلطات الحكومية بمنع ترحيل أبناء المناطق الجنوبية، ووقف الانتهاكات التي يتعرضون لها، واتخاذ إجراءات سريعة لمواجهتها.

في حين ألمح رئيس مجلس النواب اليمني (البرلمان)، سلطان البركاني، في تغريدة عبر "تويتر"، إلى تدخل السعودية لوقف حملات الاعتقال والتحريض بقوله: "إن لحظات الفرج قد اقتربت، وإن ما يجري في عدن وبعض المحافظات سيتم تجاوزه خلال الساعات القادمة".

وأضاف: "رئيس الدولة وبقية قيادات الدولة والأشقاء يعملون بكل جهد وعزيمة وإصرار على إنهاء وعودة الأوضاع إلى طبيعتها.

وتحدثت مصادر محلية لـ"الخليج أونلاين" عن انتشار قوات عسكرية وأمنية في عدة مديريات في العاصمة اليمنية عدن لمنع الاعتداءات على أبناء المناطق الشمالية، كما اشتبكت بشكل محدود مع قوات الحزام الأمني الموالي للإمارات.

ليست الأولى!

وخلال السنوات الماضية، تعرّض أبناء المحافظات الشمالية في اليمن لانتهاكات واعتداءات وترحيل، خصوصاً منذ اجتياح المحافظات الجنوبية في 2015 من قبل مسلحي جماعة الحوثيين وحلفائهم، والتي تم تحريرها لاحقاً من قبل التحالف وقوات يمنية.

وارتفعت التهديدات التي يتعرض لها الشماليون منذ ذلك الحين، وجرت عمليات ملاحقات واقتحامات للعديد من المنازل، كما واجه المواطنون القادمون من الشمال صعوبة في الوصول إلى عدن.

وكانت أكثر العمليات سخطاً لدى اليمنيين قيام السلطات المحلية بالمدينة بعملية ترحيل تبنتها، في مايو عام 2016، إبان تولي عيدروس الزبيدي، منصب محافظ المدينة، الذي أقيل لاحقاً بسبب تلك التحركات التي رفضتها الحكومة.

وعقب إقالة الزبيدي، أنشأ ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الموالي للإمارات، في مايو 2017، والذي تنطوي في إطاره قوات الحزام الأمني التي تقوم حالياً بعمليات الترحيل، إضافة إلى تشكيلات مسلحة أخرى خارج إطار الدولة.

ويشهد اليمن نزاعاً دامياً، منذ يوليو 2014، وزادت حدته عقب تدخل التحالف السعودي الإماراتي، في مارس 2015، لدعم القوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً، ضد مليشيا الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.