القدس العربي-
في شريط بثته قناة «عدن المستقلة» المحلية، استغل هاني بن بريك، قائد «المجلس الانتقالي الجنوبي»، وجود حشد لتشييع قتلى لإعلان «النفير العام»، مطالبا الجنوبيين، بالتوجه إلى قصر «المعاشيق» الرئاسي، مقر الشرعية اليمنية في العاصمة الجنوبية، «لإسقاط الخونة الذين ينتمون إلى ميليشيات حزب الإصلاح الإخوانجي»، والمقصود طبعا القوات التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعومة من السعودية.
وهكذا تم توجيه غضب المشيعين على الثلاثين جنديا، ومعهم منير اليافعي قائد اللواء الأول في «الحزام الأمني»، الذين قضوا بصاروخ باليستي سقط على «معسكر الجلاء» غربي عدن إلى معسكر الشرعية بدلاً من الحوثيين الذين تفاخروا بالعملية الكبيرة، ثم صرّحوا بعدها أنهم سيلتزمون بالهدنة مع الإمارات بعد إرسالها وفدا للتنسيق مع إيران، وإعلانها قرار الانسحاب من اليمن.
أدت الدعوة إلى اشتباكات عنيفة في محيط قصر المعاشيق عصر أمس، استخدم فيها الطرفان الأسلحة الخفيفة والآر بي جي،، ورداً على الحركة المدعومة إماراتيا حلّق طيران حربي يعتقد أنه يتبع سلاح الجو السعودي فوق سماء عدن، فتوقفت المواجهات وانتهى «النفير العام» خلال نصف ساعة، لكنّه خلف، حسب بعض الأنباء، بعض القتلى والجرحى.
وإضافة إلى اتهام قوات هادي بأنها «ميليشيات الإخوان»، وبأنها السبب في «إراقة الدم الطاهر وإدخال البلد في متاهات»، على لسان بن بريك، واعتبارها «حكومة احتلال»، حسب المحامي علي ناصر العولقي، استخدم «المجلس الانتقالي» دعاية مضادة لليمنيين الشماليين الموجودين في الجنوب، مطالبا إياهم بمغادرة المحافظات الجنوبية خلال 72 ساعة، وقد لقيت هذه التحركات ترحيبا «تكتيكيا» من قبل الحوثيين الذين أعلن أحد مسؤوليهم استعدادهم للحوار السياسي مع «المجلس الانتقالي» بعد حسم المعركة مع قوات هادي.
إضافة إلى تحليق طيرانها، فقد ردّ معسكر هادي والسعودية بنشر صورة لنجل الرئيس العميد ناصر عبد ربه، قائد الحماية الرئاسية، مع قائد القوات السعودية المشاركة في التحالف، وبإرسال تعزيزات عسكرية لتأمين العاصمة المؤقتة والمقرات الحكومية فيها، وكانت وسائل إعلام يمنية قد توقعت قيام «المجلس الانتقالي» بانقلاب إماراتي للسيطرة على عدن بعد احتفال التشييع.
تكشف الأحداث الأخيرة، بداية، أن إعلان الإمارات انسحابها من اليمن لا يعني وقف استثماراتها السياسية في الميليشيات التي قامت بتأسيسها، وهو ما يؤكده تأجيج صراع تلك الميليشيات مع قوات الرئيس اليمني منصور هادي، أما شعارات «محاربة الإخوان» و«حكومة الاحتلال» فليست غير أوراق اللعب الضرورية لتحشيد الغرائز السياسية لاستمرار الحرب العبثية بين مكونات الشعب اليمني.
إضافة إلى ذلك فإن هذه الأحداث تظهر تصارع ثلاث قوى إقليمية على الكعكة اليمنية، وبعد التحالف السعودي ـ الإماراتي العتيد، بدأت لعبة تدوير الكراسي والأوراق بين هذه الأطراف الثلاثة، بينما تضمحل آخر معاني السيادة اليمنية، وينوء الشعب اليمني تحت وطأة الاستعراضات العسكرية الإماراتية والصواريخ الحوثية والطائرات السعودية.