سياسة وأمن » حروب

أحداث عدن تزيد عقدة السعودية في اليمن

في 2019/08/14

متابعات-

تزيد أحداث مدينة عدن وسيطرة الانفصاليين الجنوبيين المدعومين إماراتيا، على العاصمة المؤقتة عدن، من صعوبة المهمة التي تهدف السعودية لتحقيقها، وهي إضعاف قبضة الحوثيين على البلاد، والذين يسيطرون حاليا على العاصمة صنعاء، وأغلب المراكز الحضرية.

فمن شأن سيطرة الانفصاليين في جنوب اليمن على عدن، أن تضع السعودية في موقف صعب، تكابد فيه للحفاظ على تماسك تحالف عسكري يقاتل الحوثيين المتحالفين مع إيران.

كما تهدد هذه السيطرة بتقسيم اليمن من جديد، وإعادة الدولة الجنوبية من جديد، في خطوة تهدد بتأجيج الاقتتال في الجنوب، وتقوية شوكة جماعات، مثل تنظيم "القاعدة".

وسيطرت قوات المجلس الانتقالي -التي تدعو لانفصال الجنوب- والحزام الأمني على قصر معاشيق الرئاسي في العاصمة المؤقتة عدن، وطردت الحكومة الشرعية من المدينة.

وتأتي سيطرة القوات المدعومة إماراتيا على عدن بعد أيام من إعلان أبوظبي انسحاب قواتها من اليمن، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من الإمارات لإخلاء مسؤوليتها عن "تحرك مرتقب ومخطط له ضد حكومة الرئيس المعترف به دوليا "عبدربه منصور هادي".

جاءت هذه التحركات بزعم من الانفصاليين، حزبا متحالفا مع "هادي"، بالتواطؤ في هجوم صاروخي للحوثيين على قواتهم.

هذه ليست الانتفاضة الأولى للانفصاليين، فقد سيطروا على عدن في يناير/كانون الثاني من عام 2018، وحينها ساعدت الرياض وأبوظبي في إنهاء تلك الأزمة.

ولكن اليوم ومع انسحاب الإمارات من اليمن، لا يمكن القول إن التحالف تفكك، ولكنه تصدع، في وقت يستبعد محللون أن تلزم أبوظبي نفسها مجددا بإرسال قوات، لكنها ستدعم الرياض التي تعمل معها لاحتواء إيران.

وقالت الإمارات، إنها خفضت وجودها في اليمن مع صمود الهدنة في ميناء الحديدة الرئيسي الذي صار محور الحرب العام الماضي عندما سعى التحالف للسيطرة عليه.

ولفت دبلوماسيون، إلى أن تقليص مشاركة الإمارات يرجع إلى قبولها فكرة عدم إمكانية الحل العسكري هناك، بعد الانتقادات الدولية للضربات الجوية التي شنها التحالف، وأسفرت عن مقتل مدنيين، فضلا عن الأزمة الإنسانية في اليمن.

ومما منح قرار الإمارات حافزا إضافيا، ضغوط الغرب لإنهاء الحرب، التي أودت بحياة عشرات الألوف، وصعّدت التوتر بين الولايات المتحدة وإيران لدرجة قد تنذر بحرب في الخليج.

وأمام ذلك، وعقب الخطوة الإماراتية، بات يشكل الاقتتال بين أطراف مشاركة في التحالف، انتكاسة في حملته المستمرة، منذ أكثر من 4 سنوات، التي تهدف إلى كسر قبضة جماعة "الحوثي" المتحالفة مع إيران على البلاد.

وللانفصاليين الذين تدعمهم الإمارات، برنامج يتعارض مع حكومة "هادي"، فيما يتعلق بمستقبل اليمن.

وفي محاولة للتصدي لما يجري، رد التحالف الذي تقوده السعودية ويدعم حكومة اليمن، قائلا إنه هاجم أحد الأهداف بعد أن هدد بالتحرك ما لم توقف قوات الجنوب إطلاق النار، قبل أن يعلن انسحاب الانفصاليين من المواقع التي سيطر عليها، وهو ما نفته تقارير غربية لاحقا.

في وقت قالت الرياض إنها ستستضيف قمة طارئة لطرفي الأزمة لاستعادة النظام، وطلبت أبوظبي من مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن "مارتن غريفيث"، ممارسة ضغوط على الجانبين.

وفي الوقت الحالي، يمكن للأمم المتحدة أن تباشر الدبلوماسية المكوكية.

وسعى "غريفيث"، ولا يزال لإنقاذ اتفاق تعثر تنفيذه لسحب القوات، وهو الاتفاق الذي توصل إليه الحوثيون مع حكومة "هادي" خلال محادثات سلام بالسويد، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

كما يحاول "غريفيث"، تهدئة التوتر بين الحوثيين والسعودية، بعد أن صعدت الحركة هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على مدن سعودية على مدى الشهور الماضية.

وإذا ما تبلورت لدى الأطراف فكرة إجراء محادثات سياسية أوسع نطاقا بهدف تشكيل كيان حاكم مؤقت، فسيكون عليها ضم المزيد من الفصائل اليمنية المنقسمة ومن بينها انفصاليو الجنوب.