بروس ريدل - المونيتور-
يمثل انتصار الانفصاليين اليمنيين الجنوبيين في عدن نكسة أخرى مهينة لجهود الحرب السعودية في اليمن وقائدها ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان". وفقدت حكومة "عبد ربه منصور هادي" المدعومة من السعودية عاصمتها، مما زاد من تقويض مطالباتها المهزوزة بالشرعية.
وتعد الإمارات، الحليف الأقرب للسعودية، مسؤولة جزئيا عن مكاسب الانفصاليين، ويعد الحوثيون وإيران هم الفائزون الاستراتيجيون من ذلك الخلاف.
ورعت الإمارات الانفصاليين الجنوبيين لعدة سنوات في عدن، وعندما سحبت أبوظبي الكثير من قواتها من المدينة هذا الصيف، أصبح الانفصاليون أحراراً في التحرك ضد حكومة "هادي" وحققوا النصر بسرعة. وستحاول السعودية إخفاء الخلاف داخل الائتلاف المناهض للحوثيين، لكن الضرر حدث بالفعل لنظام "هادي" الضعيف وكذلك للتحالف السعودي الإماراتي.
إخفاق استراتيجي
ويعد هذا الإخفاق هو الأحدث في سلسلة طويلة من الأخطاء الاستراتيجية من قبل القيادة السعودية؛ فقد كان الرد الأولي على استيلاء المتمردين الحوثيين على صنعاء قبل 5 سنوات عبر محاولة فاشلة لتخويف الجماعة الزيدية الشيعية بالقوة الجوية، وكانت عملية عاصفة الحسم أبعد ما تكون عن الحسم، حيث كان الافتقار إلى استراتيجية موثوقة وخطة للخروج واضحين للعديد من الحلفاء الرئيسيين للسعودية - مثل باكستان وعمان - الذين اختاروا عدم الانضمام إلى الحرب.
وتحولت الحرب بسرعة إلى مستنقع مع عواقب إنسانية مروعة للشعب اليمني، وعانى الأطفال بشكل خاص بسبب سوء التغذية والأمراض المتوطنة. ويتحمل السعوديون نصيب الأسد من المسؤولية عن هذه الكارثة في أفقر دولة عربية.
وكان من المفترض أن تقوم الضربات الجوية السعودية بتدمير القدرات الصاروخية للحوثيين خلال الجولة الأولى من الحرب، ولكن بدلاً من ذلك، تحسنت قدرات الحوثيين بشكل مطرد، وهم الآن يهاجمون بانتظام المدن السعودية في المنطقة الحدودية وفي بعض الأحيان يطالون قلب المملكة. وتقدم إيران وحزب الله الدعم للحوثيين على نطاق صغير نسبيًا، وفي المقابل، قام الحوثيون بجمع التبرعات لـ"حزب الله" لمساعدته في تمويل عملياته في سوريا.
ويصعب قياس تكلفة الحرب على المملكة، بالنظر إلى الطبيعة المغلقة للنظام السعودي. لكن من الواضح أن السعوديين سعوا إلى منع أي انتقاد علني للحرب وشراء دعم البلدات الحدودية وعائلات الجنود والمحاربين القدامى الذين لقوا حتفهم.
وتشير بعض التقارير إلى أن ما يصل إلى 3000 جندي سعودي لقوا حتفهم في السنوات الأربع الأولى من الحرب وجرح 20 ألفاً آخرين على الرغم من الجهود المتعمدة لتجنب الصراع البري مع المتمردين. وقدد عززت السعودية الصبغة الطائفية للحرب لحشد الدعم من المؤسسة الوهابية، لكن رفع التوترات الطائفية له عواقب في الداخل والخارج.
ويعد ولي العهد هو المحرك للحرب السعودية الفاشلة، حيث يتحمل المسؤولية عن قرار التدخل المتهور، وعملية التخطيط الفاشلة، وسوء إدارة التحالف وتجويع ملايين الأبرياء. ولا يزال ولي العهد يتمتع بدعم والده الملك "سلمان" لذا يظل من المستحيل انتقاد الحرب في المملكة. وقد دفع الصحفي "جمال خاشقجي" حياته ثمناً لانتقاد سياسات ولي العهد السعودي.
انتصار استراتيجي لإيران
وقد دعم رئيسان أمريكيان حرب ولي العهد السعودي؛ أحدهما ربما دعمها على مضض (أوباما) والآخر دعمها بحماس (ترامب). والنتيجة النهائية هي انتصار استراتيجي لإيران، حيث غرق منافسوها العرب في مستنقع باهظ الثمن يطلق فيه حلفاء إيران طائرات مسيرة وصواريخ على الرياض مع بقاء طهران آمنة.
لحسن الحظ، يحاول الكونغرس إيقاف هذا الجنون، وقد نجح "ترامب" في اعتراض هذه الجهود حتى الآن، لكن اللعبة لم تنته بعد. والخطوة التالية هي تضمين التشريعات التي تقطع إمدادات الأسلحة عن الرياض وأبوظبي مع مشروع قانون تفويض الدفاع، والذي سيكون من الصعب على الرئيس استخدام الفيتو ضده.
واليوم، يبلغ عمر الشراكة الأمريكية السعودية أكثر من 75 عامًا. ونجت هذه الشراكة من العديد من التجارب التي كادت أن تكون مهلكة في أعوام 1973 و 1979 و 2001، كما حظيت دائمًا بدعم من الحزبين، لكن الأمر لم يعد كذلك.
وفي حين يخاطر ولي العهد السعودي بتدمير العلاقة الدائمة التي ضمنت بقاء المملكة لعقود من الزمان بحربه في اليمن، يحتاج الأمريكيون والسعوديون الذين يقدرون هذه الشراكة إلى إنهاء هذه الحرب العبثية فورا قبل كل شيء.