الخليج أونلاين-
شكل العاشر من أغسطس 2019 علامة فارقة في تاريخ الحرب باليمن وتداعياتها على وحدة البلاد، ومستقبل التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ضد الحوثيين، بعدما دعمت أبوظبي انقلاباً متكامل الأركان في العاصمة المؤقتة عدن.
واستغلت الإمارات العربية التصعيد بين واشنطن وطهران في منطقة الخليج، وتقاربها مع إيران مؤخراً، في تنفيذ مخطط كبير على الأرض في اليمن، أسهم في خلط الأوراق في ساحة الصراع باليمن، وهو ما قد يُسرع في انهيار التحالف الإماراتي السعودي في هذا البلد.
ولعل الحكومة اليمنية صحت مؤخراً على كارثة حلت في المناطق المحررة، بعد سقوط عدن في يد مليشيا موالية للإمارات، وهو ما دفعها للتصريح علانية بأن أبوظبي هي من مولت ذلك الانقلاب، فيما تتحدث الأنباء عن تحركات حكومية بهدف طردها من التحالف، والاستغناء عن خدماتها باليمن.
اليمن تشكو الإمارات
يوم الثلاثاء 20 أغسطس 2019، تقدمت الحكومة اليمنية بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد دولة الإمارات، متهمة إياها بالوقوف وراء الانقلاب الذي قادته مليشيا موالية لها في عدن العاصمة المؤقتة للبلاد.
وأبلغ مندوب اليمن في الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، مجلس الأمن بأن ما تعرضت له مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، مؤخراً، هو "تمرد مسلح" على الحكومة الشرعية من قِبل قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، "وبدعم مالي ولوجستي وإعلامي من الإمارات".
وخلال الجلسة التي خصصت لليمن حمّل المسؤول اليمني "المجلس الانتقالي الجنوبي ومن يدعمه ويسانده تبعات هذا التمرد المسلح"، مطالباً الإمارات بالوقف الفوري لدعم تلك "المليشيات المتمردة والالتزام بأهداف التحالف".
كما عقدت الحكومة اليمنية، يوم الأربعاء في الرياض، جلسة استثنائية لمناقشة الانقلاب في عدن، حيث حمَّلت في بيان نقلته "وكالة سبأ" الحكومية، الإمارات "المسؤولية الكاملة عن التمرد المسلح لمليشيا ما يسمى بالمجلس الانتقالي وما ترتب عليه".
تهديدات سابقة
في مايو من العام الماضي 2018، شهدت العلاقات بين اليمن والإمارات توتراً كبيراً، على خلفية نشر أبوظبي قوات في جزيرة سقطرى.
ويومها كانت الحكومة اليمنية تدرس توجيه طلب إلى الأمم المتحدة لطرد الإمارات من التحالف العربي، وهو ما كان سينهي التحالف الرسمي بين البلدين.
وجاء التوتر بين الإمارات وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعد إرسال أبوظبي قوة عسكرية على متن 5 طائرات، حملت أكثر من 100 جندي، ودبابات وعربات إلى جزيرة سقطرى، دون علم الحكومة اليمنية.
لكن الرياض استبقت تلك الخطوة بشكل سريع، وقامت بدور الوسيط بين اليمن وأبوظبي، وأنهت النزاع بينهما بإجبار الإمارات على سحب قواتها، ونشر قوات سعودية تشرف على تنفيذ الاتفاق، وهو ما حدث لاحقاً، وأنهى المشكلة بين البلدين.
الرياض تتدخل ثانية!
ومع تطور الأحداث في عدن الشهر الجاري، نقلت تقارير صحفية عن مصدر حكومي يمني قوله إن الرئيس اليمني كان بصدد اتخاذ إجراءات صارمة بعد اليوم الأول للاشتباكات في عدن جنوبي البلاد، في 10 أغسطس، إلا أن السعودية تدخلت وطلبت مهلة لإنهاء الأحداث.
وأورد المصدر الحكومي اليمني أن الإجراءات التي كان سيتخذها الرئيس هادي ضد الإمارات "قاسية"، ومنها طردها من التحالف بقيادة السعودية ومن اليمن مع كامل قواتها، وتقديم شكوى رسمية ضدها في مجلس الأمن لدعمها انقلاباً والعمل على فصل اليمن وتقسيم أراضيه.
وقال المصدر - وفقاً لتقارير صحفية- إن السعودية طلبت من الرئيس هادي، منذ أول يوم للأحداث، منحها خمسة أيام لإنهاء الانقلاب في عدن وإعادة الأمور إلى طبيعتها.
لكن تلك المهلة كان هدفها الرئيسي إعطاء الوقت الكافي للقوات الموالية للإمارات لإسقاط العاصمة المؤقتة عدن، والدخول في مفاوضات من مصدر قوة، وهو ما حدث فعلياً بعدما سقطت عدن خلال 4 أيام، بحسب سياسيين يمنيين.
الحكومة اليمنية تصعّد
وقال مصدر في الحكومة اليمنية إن مجلس الوزراء اليمني تقدم بطلب للرئيس هادي، بطلب طرد الإمارات من التحالف العربي.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"الخليج أونلاين"، أن الحكومة في اجتماعها الاستثنائي مساء الثلاثاء (20 أغسطس) في السفارة اليمنية بالعاصمة السعودية، طالبت في رسالة إلى هادي بسرعة رفع طلب إلى مجلس الأمن بخروج الإمارات من البلاد، والتوقف عن دعم المليشيا الانقلابية، وتعويض الحكومة عما تعرضت له مؤسساتها من تدمير بسبب الانقلاب.
وكان وزير النقل في الحكومة اليمنية صالح الجبواني أكد، في 21 أغسطس، تلك المعلومات، وقال إن حكومته رفعت رسالة للرئيس هادي بشأن إعفاء الإمارات من استمرار مشاركتها في التحالف العربي في اليمن.
وأوضح الجبواني في تصريح نقلته عنه وكالة "سبوتنيك" الروسية، أن "المجلس الانتقالي في جنوب اليمن ولد في غرفة مخابرات في أبوظبي، لذلك هو أداة إماراتية مئة في المئة".
وأضاف أن اليمن ستعمل على "ملفات سياسية وحقوقية وإنسانية، وسنرفعها للهيئات والمحاكم الدولية ضد الإمارات وضباطها، وكل ما فعلوه في اليمن من انتهاكات وسجون سرية والتعدي على سيادة البلد ومحاولة اقتطاع أجزاء من أراضيه".
هل يكون طرد الإمارات واقعاً؟
ويقول مختار الرحبي، مستشار وزير الإعلام اليمني، إن طرد الإمارات من اليمن أصبح على بعد خطوة واحدة فقط.
وأضاف، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أن حكومته تبقى لها "خطوة واحدة تتخذها، بعدها سيتم طرد الإمارات من اليمن وقطع العلاقة معها"، رافضاً الكشف عن مزيد من المعلومات.
من جانبه رأى الباحث السياسي ناصر الحسيني أن مسألة طرد الإمارات في الوقت الحالي تعد بالنسبة للحكومة اليمنية فرصة كبيرة لاستغلالها، خصوصاً مع إدانات دولية لما حدث في عدن.
ويشير، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن اليمن يقع تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يوجب على مجلس الأمن أن يتحمل المسؤولية "وإيقاف العبث الإماراتي في المحافظات الجنوبية اليمنية"، مشيراً إلى أن ذلك أيضاً يؤكد أهمية اتخاذ قرار الطرد لأبوظبي.
وأضاف: "على الدولة اليمنية أن تسارع في هذا القرار لتصبح الإمارات دولة محتلة لليمن، وفي ذلك الوقت سيتم مواجهتها بكل الوسائل المشروعة وفقاً للقانون الدولي".
هل تتدخل السعودية مرة أخرى؟
ورفض مستشار للرئيس اليمني التصريحات التي تتحدث عن تدخل السعودية في إبطال قرار يمني للمطالبة بطرد الإمارات.
وقال عبد الرب السلامي، وهو مستشار رئاسي ووزير الدولة أيضاً، إن بلاده لا تواجه أي ضغوط من قبل السعودية فيما يتعلق بتهديداتها ضد الإمارات.
وأضاف، في تصريح نقلته قناة "يمن شباب" المحلية الثلاثاء (20 أغسطس): "إن قضية طرد دولة من التحالف الداعم للشرعية في اليمن أمر سيادي خاص باليمن، وسنسمع خلال الأيام القادمة موقفاً واضحاً من الرئاسة".
22323232323
لكن الباحث السياسي الحسيني قلل من ذلك، مؤكداً أن الرئيس اليمني يتعرض لضغوط كبيرة من السعودية، ما تسبب في منعه لمرات عديدة من اتخاذ خطوة طرد الإمارات.
ويقول: "أتوقع أن تتدخل السعودية مرة أخرى كما حدث سابقاً لمنع هذا القرار، مقابل أن يكون هناك تنازل شكلي من الإمارات ومليشياتها في الجنوب من خلال سحب تلك القوات من المراكز الحكومية في عدن".