سياسة وأمن » حروب

المملكة المجهدة: ما قوة الجيش السعودي المدجج بالسلاح؟

في 2019/09/20

كرستين كنيب- DW- عربية-

هل انكشفت السعودية؟ فقد تعرضت منشآتها النفطية لهجوم بطائرات مسيرة تبناه الحوثيون فيما حملت الرياض وواشنطن إيران المسؤولية عنه. والمفارقة أن هذا الهجوم ليس الأول على المملكة المدججة بالسلاح. فما مواطن الضعف لدى جيشها؟

أفكار حول المنافسة وقوة فرض الذات قد تكون تبادرت لولي العهد السعودي محمد بن سلمان السبت، في ذلك اليوم الذي سقطت فيه صواريخ على منشأتين نفطيتين في شرق المملكة. لكن هذه الأفكار لم تكن في تلك اللحظة بالذات تتعلق بالوضع الاستراتيجي العام في المنطقة، بل بشيء آخر. فقد حضر محمد بن سلمان برفقة نائب رئيس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة سباقا للجمال بالقرب من مدينة الطائف.

"فضيحة"

استراحة من الحاضر لا تنعم بها فقط قيادة الدولة للمملكة، بل حتى قيادتها العسكرية التي تملك في الحقيقة أحد أكبر وأغلى ترسانات الأسلحة، لكن عامة الناس في البلاد مجبرون على  إدراك أن تلك الترسانة لا تنفعهم حاليا في شيء.

فالهجوم على منشآت النفط يشكل بالنسبة إلى السعودية فضيحة كبيرة، كما يقول خبير الشرق الأوسط، ميشائيل لودرز في حديث مع دويتشه فيله (DW). "السعودية هي أكبر مشتر للأسلحة الأمريكية، فعشرة في المائة من صادرات الأسلحة الأمريكية تذهب إليها. وبواسطة عشر طائرات مسيرة فقط، يمكن إنتاجها ببساطة نسبية أو شراؤها، تمكن المتمردون الحوثيون أو أي طرف آخر غيرهم من ضرب قلب إنتاج النفط السعودي".

نفقات عسكرية هائلة

مع العلم أن السعودية استثمرت في العقود والسنوات الماضية مبالغ هائلة في الجيش. ففي عام 2018 وحده اشترت، حسب "معهد بحوث السلام الدولي في ستوكهولم" عتادا عسكريا بقيمة تتجاوز 67 مليار دولار أي أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة. وعلى مستوى العالم تأتي المملكة فيما يخص اقتناء الأسلحة في المرتبة الثالثة مباشرة بعد الولايات المتحدة والصين.

فنفقات التسلح تأخذ قسطا كبيرا من الناتج القومي: في عام 2018 وصلت تلك النسبة إلى 8.8 في المائة وفي عام 2015 حتى 13 في المائة. "الاستثمارات الشاملة للسعودية أدت إلى أنها أصبحت تملك بين دول منطقة الخليج أكبر عتاد للأسلحة الحديثة"، كما ورد في دراسة معهد بحوث السلام الدولي من مايو 2019. "الواردات شملت طائرات نقل ومقاتلات اكتسب من جرائها سلاح الجو السعودي امتداد مجال وقوة ردع أكبر".

كما أن المملكة طورت قدرتها في الدفاع عن نفسها في الجو. وباعتبار النفقات العسكرية فقط يمكن الجزم بأن السعودية متفوقة جدا على منافستها الرئيسية إيران التي أنفقت في عام 2018 مبلغا صغيرا جدا، أي 13 مليار دولار لشراء أسلحة، وهذا المبلغ يؤثر على البلاد المنهكة اقتصاديا بالعقوبات وشكلت بالرغم من ذلك 9.5 في المائة من الناتج القومي.

ترسانة أسلحة لحروب الأمس

وبالرغم من ذلك فإن النفقات العسكرية ليست ضمانة لقوة الردع العسكرية. وهذا الدرس تتعلمه السعودية منذ أربع سنوات ونصف تقريبا في خضم تدخلها العسكري في اليمن الموجه ضد المتمردين الحوثيين. وفي إطار هذا التدخل تهاجم السعودية أعداءها إلى حد الآن فقط من الجو ـ وإلى حد الآن دون نجاحات تُذكر. بل العكس إذ نجد أنه في الشهور الماضية تمكن الحوثيون من امتلاك صواريخ وطائرات مسيرة يهاجمون بها الآن السعودية.

والجيش السعودي يجد نفسه في اليمن ـ والآن أكثر فأكثر حتى في مضيق هرمز أمام مشكلة خوض حرب غير مهيأ لها أي المعركة ضد عدو غير تقليدي ينهج أسلوب حرب العصابات. "يجب الحديث عن كيفية خوض حروب بالوكالة، لأن هذه الحروب هي التي يتم خوضها اليوم في المنطقة بهذا الأسلوب"، يقول أحد الخبراء الغربيين.

وبالتالي فإن الرياض تحتاج إلى أن يقدم لها شركاء مثل الولايات المتحدة فورا المشورة لوقف هذا النوع من الهجمات. وعلى هذا النحو ينبغي على الولايات المتحدة وشركاء آخرون تقديم مشورة عملية حول الدفاع الجوي والطوارئ في الرياض تركز على إجراءات عملية وقصيرة المدى ترفع من قوة تصدي المملكة للهجمات بالصواريخ.

تهديد من اليمن

وعلى السعودية أن تتحسب أكثر لهجمات من اليمن ينفذها الحوثيون الذين رفعوا في الشهور الماضية من قوة ترسانتهم من السلاح. وكتب رئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية عبد الباري عطوان في مطلع هذا الأسبوع أنه تلقى مكالمة هاتفية من متحدث باسم الحوثيين كشف له فيها عن هجوم واسع على التراب السعودي. وبغض النظر عن هذا الإعلان الذي قد يكون مناورة في الحرب النفسية، فإن الحوثيين رفعوا مؤخرا من قوة سلاحهم. "لاحظنا عندهم قفزة تكنولوجية يعود الفضل فيها في المقام الأول لطهران"، كما قال الباحث والخبير الألماني غونتر ماير، مدير "مركز البحوث حول العالم العربي" بجامعة ماينز.