سياسة وأمن » حروب

هل ستقف الإمارات مع السعودية في أي تصعيد ضد إيران؟

في 2019/09/20

الخليج أونلاين-

بموازاة صراع الخليج المتصاعد بين طهران والرياض، ما زالت الإمارات تسعى للسير على حبال إيران دون أن تسقط، فثمة خطوات لافتة في التقارب الإيراني الإماراتي، في اتجاه معاكس مع جارتها الخليجية السعودية، بدأ في الفترة الأخيرة ولم يتأثر بالتصعيد الجديد.

وبات الخليج مصدر قلق دولي على وقع تصاعد الأحداث، مؤخراً، بدءاً من تعرض ناقلات النفط والتجارة لما وُصف بـ"هجوم تخريبي" قرب ميناء الفجيرة الإماراتي، مروراً بما تُعرف بـ"حرب الناقلات" بين إيران وبريطانيا، وصولاً إلى استهداف منشآت نفطية تابعة لأرامكو السعودية.

ورغم ما تواجهه المملكة من حرب واسعة من إيران وأذرعها في الدول العربية، تركت أبوظبي جارتها وحدها في تلك المواجهة، بل واستغلت ذلك في سبيل تحقيق رغبتها في الاستيلاء على جنوب اليمن، والتقارب مع طهران.

هجوم أرامكو

أعلنت السعودية، في 14 سبتمبر الجاري، تعرض منشأتين تابعتين لشركة أرامكو النفطية شرقي البلاد لهجوم بطائرات مسيرة، وهو الهجوم الذي شكل ضربة تاريخية لإنتاج النفط السعودي وهوى بأسعاره إلى النصف، وسط صمت إماراتي رفض اتهام أي جهة؛ "بانتظار نتائج التحقيق السعودي".

وتبنت جماعة الحوثي المتهمة بتمويلها من إيران، الهجوم على المنشآت النفطية السعودية، لكن الرياض وواشنطن شككتا في ذلك، واتهمتا إيران بالوقوف خلف الهجوم.

وقال وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، في بيان، إن الهجوم أدى إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو 5.7 ملايين برميل يومياً، أو نحو 50% من إنتاج شركة أرامكو.

وتدفع السعودية باتجاه تدويل الهجوم، لكن تدويل الملف تعترضه عقبة في مجلس الأمن، حيث يوجد حليفان لإيران هما روسيا والصين، اللتان تملكان حق النقض "الفيتو"، في حين يبدو الموقف الإماراتي غامضاً وغير واضح تجاه الأزمة مع إيران.

رفض إماراتي

ورفضت الإمارات، على لسان وزير خارجيتها، ربط هجمات أرامكو السعودية الأخيرة بتطورات اليمن، لكنها في الوقت ذاته ترفض الإشارة أو الحديث عن أن إيران تقف وراء الهجوم.

وطالبت الإمارات المجتمع الدولي، الثلاثاء، بدعم دولي للسعودية بعد الهجمات على شركة أرامكو الأخيرة، التي تسببت بمشاكل بصادرات المملكة وأزمة بسوق النفط العالمي، لكن لم تعلن أنها ستحارب إلى جانب السعودية إذا اتخذت الخيار العسكري.

وفي تصريحات لوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، على "تويتر"، قال فيها إن الهجمات على السعودية "تمثل تصعيداً خطيراً"، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم المملكة.

وقال قرقاش: "تبرير الهجوم الإرهابي وغير المسبوق على منشآت أرامكو من باب تطورات حرب اليمن مرفوض تماماً، فالهجوم على السعودية تصعيد خطير في حد ذاته، والموقع الصحيح لكل دولة عربية وكل دولة مسؤولة في المجتمع الدولي يجب أن يكون مع السعودية ومع استقرار المنطقة وأمانها".

من جهتها أعلنت مسؤولة في وزارة الخارجية الإماراتية، بعد يوم من الهجمات، أن بلادها تنتظر نتائج تحقيق السعودية.

وأضافت هند مانع العتيبة، في تصريح لوكالة "رويترز"، أن الإمارات ستواصل دعم الجهود الدبلوماسية لمبعوث الأمم المتحدة الخاص في اليمن، دون أن توجه أي انتقاد للحوثيين الذين تبنوا الهجوم على أرامكو.

تناقض إماراتي!

الإمارات التي دخلت حرباً ضمن تحالف دعم الشرعية باليمن إلى جوار السعودية، ضد الحوثيين الذين تمولهم إيران، ما زالت ترتبط حتى اليوم بعلاقات واسعة مع طهران.

وعلى الرغم من أن الحرب اندلعت في مارس 2015 باليمن، فإن أبوظبي لم تقم بأي تحركات دبلوماسية ضد إيران، حتى يناير 2016، عندما أعلنت تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع طهران إلى مستوى قائم بالأعمال، وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في الدولة، وكان ذلك على خلفية الاعتداءات على السفارة والقنصلية السعودية في إيران.

ويبدو أن الإمارات تلعب بأكثر من وجه، فقد فضح أكاديمي ومستشار ولي عهد أبوظبي، عبد الخالق عبد الله، بلاده بأنها لم تقلص مستوى التمثيل الدبلوماسي الإيراني، وكتب في صفحته بـ"تويتر"، في 24 سبتمبر 2018، "من حق الإمارات أيضاً وفق الأعراف الدبلوماسية استدعاء سفير إيران في أبوظبي وتقدم احتجاجاً رسمياً على قيام مسؤول إيراني بتهديد حياة أكاديمي إماراتي".

وجاءت تلك التغريدة رداً على استدعاء طهران القائم بالأعمال في سفارة أبوظبي بطهران؛ على خلفية تأييد مسؤولين إماراتيين لهجوم وقع في الأهواز وخلف عشرات القتلى والجرحى من الجنود الإيرانيين.

الزيارة الإماراتية إلى إيران

وبينما تتصاعد الأزمة في اليمن وحرب السعودية ضد الحوثيين الموالين لإيران، تفاجأت الرياض بطعنة تلقتها من ظهرها؛ عقب زيارة وفد إماراتي إلى طهران، في نهاية يوليو الماضي.

وزار وفد عسكري إماراتي العاصمة الإيرانية طهران لبحث قضايا التعاون الحدودي بين البلدين، على الرغم من أن تلك اللقاءات كانت منقطعة منذ منذ 2013.

الامارات

وجاءت تلك التغريدة رداً على استدعاء طهران القائم بالأعمال في سفارة أبوظبي بطهران؛ على خلفية تأييد مسؤولين إماراتيين لهجوم وقع في الأهواز وخلف عشرات القتلى والجرحى من الجنود الإيرانيين.

الزيارة الإماراتية إلى إيران

وبينما تتصاعد الأزمة في اليمن وحرب السعودية ضد الحوثيين الموالين لإيران، تفاجأت الرياض بطعنة تلقتها من ظهرها؛ عقب زيارة وفد إماراتي إلى طهران، في نهاية يوليو الماضي.

وزار وفد عسكري إماراتي العاصمة الإيرانية طهران لبحث قضايا التعاون الحدودي بين البلدين، على الرغم من أن تلك اللقاءات كانت منقطعة منذ منذ 2013.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، في 30 يوليو الماضي: إن "7 من مسؤولي خفر السواحل الإماراتي زاروا طهران، وبحثوا مع نظرائهم الإيرانيين قضايا التعاون الحدودي المشترك، وتوافد مواطني البلدين وتسريع عمليات نقل المعلومات بينهما".

وجاء الاجتماع بعد عدة أسابيع من إعلان الإمارات، في مايو الماضي، تعرض 4 سفن شحن تجارية لعمليات تخريبية قبالة ميناء الفجيرة، ومع أن أمريكا والسعودية اتهمت إيران بالوقوف وراء الهجوم، فإن الإمارات رفضت توجيه الاتهامات لها.

خلافات اليمن

كما جاءت زيارة الوفد الإماراتي إلى إيران بالتزامن مع سحب أبوظبي معظم قواتها العسكرية من مناطق يمنية، ما أثار تساؤلات حول علاقة الانسحاب بهذه الزيارات، وإذا ما كانت الإمارات تسعى من وراء هذه الخطوة إلى تهدئة الأمور مع إيران بعيداً عن السعودية.

وذكرت نيويورك تايمز أن الإماراتيين تجنبوا الإعلان عن خطوة الانسحاب علناً؛ للتخفيف من انزعاج نظرائهم السعوديين، غير أن دبلوماسيين غربيين أشاروا إلى أن السعوديين شعروا بخيبة أمل كبيرة نتيجة القرار الإماراتي، وأن كبار المسؤولين في الديوان الملكي السعودي حاولوا ثني المسؤولين الإماراتيين عن خطوة الانسحاب.

وتبدو السعودية والإمارات أقرب إلى التحالف، لكن الأمر في حقيقته ليس أكثر من تحالف انتهازي تكشفه خلافات البلدين العميقة وتعارض أجنداتهما في أكثر من ملف، خصوصاً في اليمن، التي كشفت أن الأخيرة أوقعت الرياض في مستنقع مع الحوثيين وإيران، بينما فضّلت العمل على الاستيلاء على جنوب اليمن وترك الحوثيين دون قتال.

ووجدت الرياض نفسها عاجزة أمام تحرك الإمارات في اليمن بعد انقلاب نفذته قوات موالية لأبوظبي في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، على الحكومة الشرعية التي تقول إنها تقاتل من أجلها، كما قام الطيران الإماراتي بقصف قوات الجيش اليمني المدعوم من الرياض، وسط عجز كامل للسعودية عن وقف تلك التحركات.

سياسة التحريض والانسحاب

ويقول الباحث اليمني في العلاقات الدولية، سمير الصنيدي، إن السياسات الإماراتية تميل إلى "تحريض الرياض ثم تركها وحدها تواجه النتائج، كما حدث في حالة اليمن؛ حيث انسحبت وتركت السعودية وحدها في مأزق".

وأضاف في حديث مع "الخليج أونلاين"، أن الخطاب السياسي الإماراتي لا يميل للتصعيد تجاه طهران مثل السعودية، ويفضل أن يحرض الدول العربية الأخرى عليها دون ضجة، والاحتفاظ بشعرة معاوية مع طهران.

وأضاف: "يعلم الإماراتيون أن موقعهم الجغرافي وطبيعة الاقتصاد الإماراتي المنفتح تجعلهم الهدف الأسهل أمام الإيرانيين، وعندما تعرضت سفن في ميناء الفجيرة الإماراتي للتخريب لم توجه الإمارات الاتهام بشكل مباشر للإيرانيين، بل ذهبت لعقد اتفاقية معهم".

وتحدث الصنيدي، عن تعرض بئر نفطي إماراتي في الخليج لاستهداف من قبل إيران، مشيراً إلى أن أبوظبي لم تكشف عن هذه الحادثة؛ لأنها لم ترغب بالتورط في أي نزاع مع طهران.

الهروب من الواجهة

ويقول ناصر الشاذلي الكاتب والمحلل السياسي اليمني، إن الإمارات تعمل على حماية صورتها أمام الغرب بتوريط السعودية في عدة معارك وخلافات، أبرزها استمرار الحرب في اليمن.

وأضاف: "كانت التسريبات حول انسحاب قوات أبوظبي من اليمن هدفها إبعاد نفسها عن التداعيات السلبية السياسية، وكسب تأييد مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، وفي بعض الدول الأوروبية، مع أنها ما زالت تتحكم بالمشهد في اليمن أكثر من الرياض".

وقال في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، إنه بالرغم من ذلك "فإن الإمارات مصممة على أن تظل لاعباً رئيسياً في اليمن، حيث تقاتل الحكومة عبر وكلائها، ومجموعة محدودة من قواتها التي تدير معاركها بالوكالة، وهدفها عدم الخروج من اليمن بدون مكاسب، بعكس السعودية المتخبطة".

وتابع: "موقفها من إيران سيئ للغاية بالنسبة للسعوديين، الذين وجدوا أنفسهم أمام دولة متخاذلة مثل الإمارات، بل وطعنتهم أكثر من مرة، كما أنها قد تترك الرياض مجدداً في حال أعلنت دخول حرب عسكرية مع طهران بعد قصف أرامكو".