رويترز-
تعتزم السعودية تقديم أدلة في اجتماع عالمي في نيويورك، هذا الأسبوع، لاتخاذ إجراء منسق لمعاقبة عدوها اللدود إيران وردعها بعدما هزت هجمات على منشأتي نفط سعوديتين الأسواق العالمية وكشفت عن إمكانية تعرض المملكة لهجمات.
لكن دبلوماسيين يقولون إن الحليفين الرئيسيين للمملكة، الولايات المتحدة والإمارات، لا يوجد لديهما رغبة تُذكر لمواجهة عسكرية تقليدية قد تشعل حربا في الخليج وتورط منتجي نفط آخرين.
وفي حين تحاول الرياض بناء تحالف، تستعد لتقديم أدلة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تقول إنها ستثبت أن إيران كانت وراء الهجمات التي تمت بطائرات مسيرة وصواريخ في 14 سبتمبر/أيلول، وهو رأي تؤيده واشنطن.
وأثرت الهجمات بشكل كبير على إنتاج السعودية من النفط. وتقول الرياض إن الأسلحة الإيرانية أطلقت من الشمال، وإنها تعمل على تحديد الموقع بدقة.
ونفت إيران ضلوعها في الهجمات، وتعهدت بالرد حتى لو على رد عسكري محدود.
وقالت إن الاتهامات تأتي في إطار حملة "الضغوط القصوى" التي أطلقها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على طهران بعدما انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 وشدد العقوبات على صادرات النفط الإيرانية، وتريد الرياض أن يتخذ المجتمع الدولي مزيدا من الإجراءات العقابية.
وقال مصدر خليجي لـ"رويترز"، الأحد: "هذا الهجوم يمثل نقطة تحول، ستقول السعودية إنه يمثل ضربة مدمرة وتهديدا مستمرا للاقتصاد العالمي".
وأضاف المصدر: "إذا استطاعت السعودية إثبات أن إيران كانت وراء ذلك دون أدنى شك، فيمكن للقوى العالمية أن تمارس نفوذها، وضغوطها وأدواتها التجارية، وأن تثني إيران عن سياسة حافة الهاوية".
وقبيل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قالت الرياض إنها تريد حلا سلميا لكن إذا أثبت التحقيق أن الهجوم جاء من إيران فحينها "سيعتبر هذا عملا حربيا".
اقتراح أمني إيراني
وفي طهران، ذكر الرئيس الإيراني "حسن روحاني"، الأحد، أنه سيقدم خطة بشأن تحقيق الأمن في الخليج بالتعاون مع الدول الأخرى في المنطقة عندما يحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.
وسيكون تقديم دليل دامغ على المسؤولية عن الهجوم الأخير بطائرات مسيرة حاسما في التغلب على تحفظات القوى الأوروبية وغيرها من القوى التي كانت مترددة إلى حد كبير في الانضمام إلى تحالف للأمن البحري بقيادة الولايات المتحدة بعد اتهام إيران أيضا بشن هجمات على ناقلات نفط في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران في مياه الخليج، ونفت طهران أيضا ضلوعها في تلك الهجمات.
وقال دبلوماسي غربي إن هجوم 14 سبتمبر/أيلول "كان تصعيدا كبيرا، فهناك مشكلة واضحة. لكن المعضلة الحقيقية في كيفية الرد دون مزيد من التصعيد.. لم يتضح بعد ما الذي تريد الولايات المتحدة فعله".
وتدعو فرنسا إلى خفض التصعيد كما تحاول إنقاذ الاتفاق النووي في حين تخفض إيران التزاماتها، وحذرت الصين وروسيا اللتان تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي من توجيه اتهام دون تقديم دليل.
وثمة انقسامات بين دول الخليج العربية، وهناك خلاف بين الرياض وحلفائها من جهة ودولة قطر من جهة أخرى، ما أدى إلى تصدع في مجلس التعاون الخليجي.
كما ظهرت خلافات بين الحليفين الرياض وأبوظبي، الشريك الرئيسي للمملكة في التحالف العسكري الذي يقاتل في اليمن، بعد أن قلصت الإمارات مشاركتها في الحرب في يونيو/حزيران، وخففت من لهجتها تجاه إيران.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" إن الإمارات في نيويورك "ستؤكد على أولوية الدبلوماسية".
وأرسلت الولايات المتحدة إشارات متضاربة أيضا.
وأعلن "ترامب" في بادئ الأمر أن واشنطن مستعدة للرد، ثم قال إن هناك خيارات ليس من بينها الحرب.
وكان "ترامب" قد أمر بفرض مزيد من العقوبات ووافق على إرسال قوات أمريكية لتعزيز دفاعات السعودية. وقال وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو"، الخميس، إن الولايات المتحدة تبحث بناء تحالف لتحقيق حل سلمي.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الجمعة إنها سترسل مزيدا من القوات إلى السعودية وستعمل على سرعة إرسال عتاد عسكري للسعودية والإمارات بعد الهجمات التي كشفت عن ثغرات خطيرة في الدفاعات الجوية السعودية.
وقال "روحاني" إن وجود قوات أجنبية في المنطقة سيؤدي لانعدام الأمن بالنسبة للنفط والشحن.
وقالت "باربرا أيه. ليف"، التي كانت سفيرة أمريكية لدى الإمارات في الفترة من 2014 إلى 2018 وهي الآن زميلة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "أشك في أن أي شخص لديه رغبة في اشتباك مباشر بين الولايات المتحدة وإيران".
وأضافت لـ"رويترز": "الأمر يتطلب حقا إعادة إرساء للردع، من الواضح أن ذلك غير موجود الآن، يعتمد الأمر فعليا على أن تكون الإدارة واضحة في الهدف والنية".