الخليج أونلاين-
الهروب نحو السلام قد يكون هو المنجي الوحيد من حرب مدمرة ساحتها الرئيسية منطقة الخليج العربي، بحسب ما يحذر منه مختصون عرب وغربيون في تحليلات تناقلها كبرى وسائل الإعلام العالمية؛ إذ تحولت المنطقة الخليجية، في الشهور الخمس الماضية، إلى واحدة من أبرز مناطق التوتر في العالم وأكثرها خطورة.
حرب طرفها السعودية المتمترسة بالدعم الأمريكي، مقابل إيران التي باتت محوراً مهماً في المنطقة نظير امتلاكها العديد من الأدوات الفاعلة؛ كالمليشيات التابعة لها في عدد من الدول العربية، بات الحديث عن اشتعالها يزداد يوماً بعد آخر، وتتسع دائرة توقعات المراقبين بوقوعها.
لكن فكرة الهروب نحو السلام للنجاة من دمار كبير أصبحت يطرحها الخصمان السعودي والإيراني، بحسب ما أشاح عنه مؤخراً الجانبان.
فمحمد بن سلمان، ولي عهد السعودية، بدأ يلمح للحوار وأهميته وضرورة الابتعاد عن الحرب، وهو ما جاء بعد أن تكبدت السعودية خسائر مادية مليارية، وسمعة دولية مشوّهة، وتهديدات مباشرة باستهداف عمق المملكة.
حيث أعرب في مقابلة تلفزيوينية مع قناة أمريكية، الأحد (29 سبتمبر الجاري)، عن أمله بألا يكون الرد على إيران عسكرياً، وإنما يكون سياسياً؛ لأنه الأفضل، حسب تعبيره.
وفي إشارة واضحة إلى الرغبة بالحوار، أكد بن سلمان أن الرياض وواشنطن ترحبان بلقاء الرئيس دونالد ترامب مع نظيره الإيراني حسن روحاني، لكن الإيرانيين هم من يرفضون ذلك.
الحوثيون.. تهديد مستمر
تلك الرسالة التي بعث بها بن سلمان للجانب الإيراني عبر هذا اللقاء جاءت مترافقة مع وساطات تجريها دول لتمييع الخلافات بين الرياض وطهران، إذ كشفت الحكومة الإيرانية، الاثنين (30 سبتمبر الجاري)، عن تلقيها رسائل من السعودية تسعى فيها الأخيرة إلى اللجوء للحوار.
وقال المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، في مؤتمر صحفي: "وصلتنا رسائل من السعودية من إحدى الدول، لكن يجب أن نشاهد رسالة علنية من قبلها، ويمكن أن تكون إحدى رسائل السعودية العلنية هي إنهاء الحرب على اليمن".
وأضاف: "إذا كانت السعودية تريد تغيير سلوكها بشكل حقيقي فنحن نرحب بذلك".
ولم يذكر ربيعي الدولة التي حملت الوساطة، لكن عادل عبد المهدي، رئيس وزراء العراق، زار مؤخراً الرياض والتقى بالملك سلمان بن عبد العزيز، ونجله ولي العهد، فضلاً عن وساطات سابقة أجرتها دول أخرى مثل سلطنة عُمان، وفرنسا والصين.
وفي السياق ذاته ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الجمعة (27 سبتمبر 2019)، أن الرياض وافقت على وقف محدود لإطلاق النار في أربع مناطق، من بينها العاصمة اليمنية صنعاء التي تسيطر عليها قوات الحوثيين منذ عام 2014.
هل لوت عملية الحوثيين ذراع السعوديين؟
الأحد (29 سبتمبر الجاري)، عرضت مليشيا الحوثي لقطات لما قالت إنه هجوم كبير قرب الحدود اليمنية مع منطقة نجران (جنوبي السعودية)، مضيفة أن اللقطات أظهرت استهداف مركبات مدرعة بتفجيرات واستسلام جنود.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، إن العملية انطلقت في 25 أغسطس الماضي، وسبقها رصد دقيق استمر شهوراً قبل استدراج القوات السعودية لما وصفه بأكبر كمين نفذه الحوثيون منذ اندلاع الحرب في 2015.
وأضاف أن قواتهم تمكنت أيضاً من "تحرير 350 كيلومتراً مربعاً في المرحلة الأولى من العملية، بما فيها من مواقع ومعسكرات، وسقوط ثلاثة ألوية بعددها وعتادها".
وذكر أن العملية في مرحلتها الأولى أسفرت عن سقوط نحو 500 بين قتيل وجريح، وأسر أكثر من ألفي ضابط وجندي، وخسائر كبيرة في صفوف من وصفهم بالعدو.
وحول ذلك قال المحلل السياسي عمر عياصرة: إن "السعودية تريد التهدئة في الملف اليمني؛ بسبب أن الضربة الكبيرة في الفترة الأخيرة ضد أرامكو كانت مؤذية، حيث انكشفت السعودية عسكرياً، وتراجعت هيبة الحكم أمام الرأي العام السعودي، ما اضطر المملكة إلى أن تلتقط أنفاسها أو التعجيل نحو استراتيجية خروج، وهو السبب الرئيسي".
خسائر القوات السعودية الكبيرة، بحسب ما يؤكد الحوثيون وقوعها، لم يتطرق إليها السعوديون، وفي حال صحت هذه الرواية فإن الحوثيين قد يكونون سبباً مباشراً في تلميح بن سلمان بالشروع للحوار، وفق مراقبين.