القدس العربي-
الاتفاق ينتزع من الحكومة الشرعية عناصر سيادية جوهرية على أصعدة سياسية وإدارية وعسكرية وأمنية.
الاتفاق نقل الهيمنة من التحالف بشقه الإماراتي إلى شقه السعودي وكرّس ذلك باتفاق «دولي» الطابع.
انسحبت الإمارات خوفًا من تعرّض منشآت ومرافق ومدن إماراتية لضربات صاروخية كالتي انهالت على السعودية.
رفع غطاء الإمارات عن المجلس الانتقالي بينما أجبرت الحكومة الشرعية على التعاطي معه تحت اشتراطات السقف السعودي.
المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا ارتكب في أعمالا انقلابية وانفصالية فنهب القصر الرئاسي ومرافق حكومية وعسكرية في عدن.
* * *
بعد أيام من التعطيل والتأخير والتأجيل يُنتظر أن يتم في الرياض التوقيع رسمياً على اتفاق بين الحكومة اليمنية الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وبين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات والذي ارتكب في آب/ أغسطس الماضي سلسلة أعمال انقلابية وانفصالية سيطر بموجبها على القصر الرئاسي ومرافق حكومية وعسكرية في العاصمة المؤقتة عدن.
ويجري التوقيع في ظل تطور عسكري ذي بعد سياسي مباشر هو سحب الإمارات أفراد قواتها وأسلحتها ومعداتها العسكرية من مقر التحالف في البريقة، حيث حلت محلها قوات سعودية وصلت خصيصاً إلى عدن وتولت الملف العسكري في المدينة، وكذلك قيادة التحالف بدلاً من الإمارات.
وهذا يعني من حيث المبدأ رفع الغطاء الإماراتي عن المجلس الانتقالي وفي الآن ذاته إجبار الحكومة الشرعية على التعاطي مع الانفصاليين، تحت اشتراطات السقف السعودي.
ومن المعروف أن انسحاب أبو ظبي العسكري لا يأتي نتيجة تطورات جديدة تخص الوجود الإماراتي في اليمن، أو بسبب تبدل مطامعها وخططها في الجنوب والموانئ على نحو خاص، بل هو ناجم عن المخاوف من تعرّض المنشآت والمرافق والمدن الإماراتية إلى ضربات صاروخية من النوع الذي انهال على السعودية خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة.
وهذا بالتالي يفسر مساعي أبو ظبي للانفتاح على إيران ومحاولة تحسين العلاقات معها ابتداء من الملفات الأكثر حساسية، وفي مطلعها تقليص الوجود الإماراتي العسكري في اليمن.
وفي دليل ساطع على حاجة الإمارات إلى تمرير اتفاق الرياض لأنه يسبغ الشرعية على الانفصاليين ويجعل منهم فريقاً مواجهاً للحكومة الشرعية، تعرّض وزيران يمنيان إلى محاولة اغتيال في شبوة شرقي البلاد، وذلك بعد أن أعربا عن انتقادهما لمشروع الاتفاق. وأشارت التحقيقات إلى مسؤولية المجلس الانتقالي عن المحاولتين.
وكان وزير الداخلية أحمد الميسري قد أعرب عن معارضته لاتفاق يضع اليمن تحت هيمنة مشتركة من السعودية والإمارات. أما وزير النقل صالح الجبواني فدعا إلى إسقاط الاتفاق لأنه يشكل مكافأة للانقلابيين من أعضاء المجلس الانتقالي.
وتشير التسريبات، التي توفرت قبيل التوقيع، إلى أن الاتفاق ينتزع من الحكومة الشرعية عناصر سيادية جوهرية على أصعدة سياسية وإدارية وعسكرية وأمنية، ويهبها في المقابل جوائز ترضية تتمثل في عودة الحكومة ومؤسسات الدولة إلى عدن، والمناصفة مع الشمال في الحقائب الوزارية، ومنح الرئيس اليمني سلطة تسمية الوزارات السيادية وتعيين بعض المحافظين.
ورغم أنه في المقابل لا يمكّن الانقلابيين من ممارسة السلطة ميدانياً، فإن الاتفاق يدخلهم في حكومة شراكة وطنية ويدمج عناصرهم العسكرية في الجيش كما يضم ميليشاتهم الأمنية إلى وزارة الداخلية.
وفي أحد بنوده الأخطر يضع الاتفاق كلاً من الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي على قدم المساواة من حيث تجميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، بما في ذلك الدبابات والمدرعات والمدفعية والصواريخ الحرارية، ونقلها إلى معسكرات في عدن تشرف عليها قوات التحالف.
وهذا يعني عملياً نقل هيمنة الأمر الواقع من التحالف في شقه الإماراتي إلى التحالف في شقه السعودي، وتكريس ذلك بموجب اتفاق «دولي» الطابع تصادق عليه الأمم المتحدة ويعتمده المجتمع الدولي، رغم أنه ينقل مآزق اليمن إلى طور أكثر تعقيداً وأشد مأساوية.