سياسة وأمن » حروب

هل تنجح دبلوماسية الكويت في التهدئة مع إيران؟

في 2020/01/25

الخليج أونلاين-

أخذت التصريحات التي تتحدث عن الطائرة المسيرة التي قتلت قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، في 2 يناير الجاري؛ بأنها انطلقت من الكويت، تلقى اهتماماً واسعاً هناك على مستويات رسمية وإعلامية، لا سيما بعد تصريح أخير لأحد أبرز قادة إيران.

فقد استدعت وزارة الخارجية الكويتية، الجمعة (24 يناير الجاري)، السفير الإيراني لديها محمد إيراني؛ وذلك في أعقاب "التصريحات المتكررة" لقائد القوات الجو- فضائية بإيران، التي يتحدث فيها عن استخدام الطائرات الأمريكية التي نفذت عملية اغتيال اللواء قاسم سليماني قائد فليق القدس لقاعدة "علي السالم" بالكويت.

واجتمع السفير الإيراني مع نائب وزير الخارجية، خالد الجار الله، وأعرب الأخير عن استياء واستغراب الكويت لتكرار مثل هذه التصريحات، مجدداً تأكيد نفي دولة الكويت القاطع مشاركة أي طائرة انطلقت من أراضيها، مطالباً بألا تكرَّر مثل هذه التصريحات، بحسب وكالة "كونا".

وكان قائد القوات الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، العميد أمير علي حاجي زادة، تحدث الأربعاء (22 يناير الجاري)، في تفاصيل "جديدة" حول الضربة الجوية الأمريكية التي أسفرت عن مقتل سليماني.

وأضاف زادة، في تصريحات لوكالة أنباء فارس شبه الرسمية: "الأمريكان استخدموا مجموعة من الإمكانات لتنفيذ عملية الاغتيال". وأردف: "كنا نرصد هذه الأحداث، ولكننا لم نكن نعلم ما هي خطتهم".

وتابع زادة: "شاهدنا طائرات، وبعد إقلاعها بدأت بالتزود بالوقود، وكان هناك عدد من الطائرات المُسيرة من نوع MQ9، التي أقلع أغلبها من قاعدة السالم بالكويت"، حسب قوله.

وقال القائد الإيراني: "بشكل عام كانت هناك 4 إلى 5 قواعد مُشاركة في هذه العمليات"

ليست الاتهامات الأولى للكويت

توجيه الاتهام للكويت بالمشاركة في عملية اغتيال سليماني لم تكن الأولى؛ إذ نفت رئاسة أركان الجيش الكويتي، إبان مقتل سليماني، عبر حسابها في تويتر، ما "تم تداوله في بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من معلومات مغلوطة حول استخدام قواعد دولة الكويت العسكرية لتنفيذ هجمات ضد أهداف محددة بإحدى دول الجوار".

وآنذاك أكد الجيش الكويتي أنه "لم يتم استخدام القواعد الكويتية في هذه العمليات"، ووصفت ما يجري تداوله بأنه "أخبار كاذبة".

رد الجيش الكويتي جاء تعقيباً على بيان لمليشيا "عصائب أهل الحق" العراقية المقربة من إيران، قال فيه إن الطائرة الأمريكية التي قصفت موكب قاسم سليماني انطلقت من الكويت.

وأوضحت المليشيا في بيانها أن "جميع التقارير حول الطائرة بدون طيار MQ-9، التي قتلت الشهيدين أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، وقاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، والتي قالوا عنها إن مقرها قطر، هي تماماً معلومات مغلوطة بالنسبة للتحقيق الأولي".

وأضافت الحركة التي يتزعمها قيس الخزعلي: "وجدنا أن مطار هذه الطائرة الوحيد هو دولة الكويت، وتحديداً في قاعدة علي السالم الجوية"، التي تقع على بعد نحو 60 كم غربي العاصمة الكويت.

تهديدات وابتزاز

بدورهم فإن كويتيين مختصين بالشأن السياسي وصفوا بيان الحرس الثوري الإيراني الذي ادعى أن الطائرة المسيرة التي قتلت قاسم سليماني أقلعت من قاعدة علي السالم الجوية في الكويت، بأنه ليس سوى محاولة للابتزاز والضغط على الكويت؛ باعتبارها حليفاً للولايات المتحدة.

وبحسب ما أوردت صحيفة "القبس" المحلية، قال رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية، سامي الفرج، إن إيران غير قادرة على الضغط على أمريكا مباشرة؛ لذلك فهي تلجأ للضغط على حلفائها في المنطقة والتهديد بالإضرار بهم.

وأضاف الفرج أن إيران وجهت الاتهام عينه من قبل إلى كل من قطر والإمارات، مبيناً أنه في حال كانوا يستجدون شيئاً من الكويت فهم قادرون على الضغط لإيصال رسائل إلى واشنطن، التي لا يمكن الضغط عليها مباشرة.

وحذر الفرج من أن التهديدات الإيرانية بردود فعل انتقامية على مواقع معينة يجب أن يقابلها استعداد وحذر وتأهب إلى أبعد مدى.

بدوره قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، فيصل بوصليب، مستغرباً، إن الحرس الثوري الذي لم يفرّق بين طائرة مدنية وصاروخ كروز استطاع أن يرصد موقع انطلاق الطائرة الأمريكية التي استهدفت سليماني؟!

وأشار إلى أن التصريحات الإيرانية تأتي من باب الضغط على الحكومة الكويتية التي تستضيف العدد الأكبر من القوات الأمريكية في المنطقة على أراضيها.

وفي حين استبعد استهداف إيران بشكل مباشر للكويت أو لأهداف أمريكية على أراضيها، طالب بوصليب الحكومة بالرد الرسمي على مثل هذه التصريحات الإيرانية "الاستفزازية"، وإرسال رسالة احتجاج إلى طهران حتى لا تتكرر مستقبلاً، مع تأكيد أن الكويت ليست طرفاً في الأزمة أو التصعيد الأمريكي الإيراني.

الدبلوماسية ستنهي التوتر

بعيداً عن آراء المختصين الكويتيين يرى الكاتب والمحلل في الشأن الإقليمي، عمر عياصرة، أن التوتر الذي ساد العلاقات الكويتية-الإيرانية مؤخراً سيزول بالحوارات الدبلوماسية، مؤكداً أن البلدين الجارين يمتلكان من الحكمة ما يمكنهما من تجاوز هذه المشكلة.

وأشار عياصرة إلى تفاعل الكويت السريع مع تصريح القائد الإيراني؛ باستدعائها سفير طهران وإبلاغه نوعاً من الاحتجاج، ونفيها صحة الاتهامات بدورها في اغتيال سليماني، لكنه استبعد في حديثه لـ"الخليج أونلاين" "أن تكون إيران تستعدي الكويت"؛ مشيراً إلى أن "الكويت دولة متوازنة بالعلاقات مع طهران وتشكل حالة وسطية".

وأضاف: "قد يكون هناك بعض الحانقين داخل الحرس الثوري على الكويت بناءً على العلاقة بين الكويت وأمريكا"، مستدركاً: "لكن حتى الآن لا أستطيع القول إن هذا التصريح تطور أو أضعه في سياق ابتزاز الكويت".

ولا يستبعد عياصرة أن يحمل التصريح الإيراني بين طياته تهديداً لدول في المنطقة حليفة لواشنطن؛ "أياً كان المكان الذي انطلقت الطائرة منه".

وتابع: "دول الخليج منقسمة إلى قسمين؛ دول عداوتها واضحة والتهديد الإيراني لها واضح؛ وهي السعودية والإمارات والبحرين، ودول تحاول أن تؤدي دور  الوسيط، وهي سلطنة عمان وقطر والكويت".

وقال: "الكويت وقطر فيهما قواعد أمريكية. قد يكون فيه (التصريح الإيراني) إشارة إلى أننا لن نصمت على أحد. قد يكون ذلك". 

وأعرب عياصرة عن توقعه بأن "الأمور ستنتهي عند الحوار الدبلوماسي ولا تتطور إلى شيء فيما يتعلق بعلاقة إيران مع الكويت"، مضيفاً: "باعتقادي أن الإيرانيين يمتلكون من الحكمة ما يمكنهم من أن يضبطوا هذا الإيقاع". 

واستطرد قائلاً: "الإيرانيون يملكون الحكمة، ويهمهم ألا يخسروا المنطق الكويتي الذي يعتبر جيداً، أي ليس من صالح إيران أن تصف الكويت مع السعودية في العداء. هي دولة متوازنة تقف على الحياد".