الخليج أونلاين-
أصبحت عملية طرد مواطني المحافظات الشمالية من مدينة عدن، العاصمة اليمنية المؤقتة، سلوكاً معتاداً تقوم به بين فترة وأخرى مليشيا المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم من قبل دولة الإمارات، وسط صمت وعدم اتخاذ موقف من قبل الحكومة الشرعية.
وترفع مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تأسس بدعم إماراتي في 11 مايو 2017، عقب إقالة اللواء عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ لمحافظة عدن، شعارات تطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، وإنهاء الوحدة التي تمت في 22 مايو 1990، وتتخذ موقفاً متطرفاً من البسطاء، لكنها في الوقت نفسه تقبل بتحركات القيادات العسكرية كطارق صالح وورفاقه في عدن؛ لكونهم مدعومين إماراتياً.
الأيام القليلة الماضية في عدن سجلت من جديد ممارسات الترحيل والعنصرية ضد أبناء المحافظات الشمالية، وتأتي هذه الموجة من السلوكيات الانفصالية بعد تشديد مجلس الأمن الدولي وتأكيده لأهمية وحدة اليمن وسيادته، يوم الثلاثاء الماضي، عبر القرار 2511 الخاص باليمن، الذي صوتت له 13 دولة في المجلس، في حين امتنعت روسيا والصين عن التصويت.
ويبدو أن المجلس الانتقالي حاول تعويض خيبته من القرار الأممي بتحركات على الأرض، كما بدا واضحاً من تغريدات نائب رئيسه، هاني بن بريك، الذي خاطب أنصاره: "لا تزعجنكم القرارات، وانظروا إلى الكم الهائل منها".
وأشار بن بريك إلى أن قرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة في صيف 1994 كانت ضد فرض الوحدة بالقوة، لافتاً إلى أنه "تم فرضها بالقوة وذهبت القرارات"، مشيراً إلى أن "العالم يعرف القرار الواقع على الأرض".
نحن مع وحدة اليمن وسيادته على كل ترابه وحدوده، ومع وحدة الجنوب وسيادته على كل ترابه وحدوده ومع نيل استقلاله العاجل.
— هاني بن بريك (@HaniBinbrek) February 26, 2020
لاتزعجنكم القرارات، وانظروا إلى الكم الهائل منها.
لقد كانت القرارات صيف 94م ضد فرض الوحدة بالقوة، وتم فرضها بالقوة وذهبت القرارات.
العالم يعرف قرار الواقع على الأرض
سلوك مناطقي مرفوض
اللافت أن السلوك المناطقي المرفوض شعبياً من أبناء الجنوب اليمني تجاه الشمال أصبح يتزامن مع كل انتكاسة تتعرض لها طموحات المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم إماراتياً، حيث إن القرار الأممي جاء عقب مرحلة كان يظن فيها المجلس الانتقالي أنه انتزع شرعية دولية بتوقيعه لاتفاق الرياض مع الحكومة الشرعية في العاصمة السعودية الرياض، في 5 نوفمبر 2019، الذي ينص على عودة رئيس الحكومة إلى عدن، وتشكيل حكومة مناصفة بين شمال اليمن وجنوبه، وتعيين محافظين جدد للمدن الجنوبية، وإعادة تشكيل قوات الجيش والأمن، غير أن ذلك لم يتحقق؛ باستثناء النقطة الأولى.
بالإضافة إلى قرار الرئيس هادي بإقالة راجح باكريت، محافظ المهرة، وتعيين محمد علي ياسر خلفاً له، وهو ما أغضب المجلس الانتقالي أيضاً.
وفي أغسطس الماضي، حول "المجلس الانتقالي الجنوبي" حادثة مقتل القيادي "أبو اليمامة"، ونحو 35 من عناصر الحزام الأمني، في قصف للحوثيين على معسكر الجلاء بعدن، إلى ذريعة لاستهداف المواطنين المنحدرين من المحافظات الشمالية بتهم مختلفة، من بينها تقديم معلومات للحوثيين.
كما اعتاد نشطاء المجلس الانفصالي على التحريض ضد كل ما هو شمالي، وتحميل المواطنين الشماليين أي مشكلات تحدث في المناطق الجنوبية، سواء في الجانب الأمني أو المعيشي أو السياسي.
دور إماراتي - سعودي
يوضح المحلل السياسي اليمني كمال البعداني أن ترحيل أبناء المحافظات الشمالية دائماً ما يأتي كرد على حدث لا يُعجب دولة الإمارات، وقال في منشور له على فيسبوك: "كما هو المعتاد عندما يحصل شي لا يعجب أبوظبي ترد على تغيير محافظ المهرة بإصدار توجيهاتها لمليشيات الانتقالي التابعة لها في (عدن)، بترحيل المواطنين من أبناء المحافظات الشمالية".
كما يرى الصحفي اليمني مصعب عفيف أن تصرفات المليشيا المدعومة إماراتياً "ليس تعبيراً عن امتعاض المجلس الانتقالي من قرارات مجلس الأمن فحسب، بل هي وسائل للضغط والابتزاز للحكومة الشرعية بعد تعثر تنفيذ اتفاق الرياض الذي شرعن سيطرة المجلس على عدن، وميّع قضية عودة الحكومة الشرعية وإنهاء الانقلاب".
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" قال عفيف: "امتدت الممارسات إلى قيام مسلحي المجلس الانتقالي بمنع تفريغ سفينة وقود في ميناء عدن لرجل أعمال موالٍ للحكومة الشرعية، في تصرف جديد قد يحول عدن إلى بيئة طاردة للاستثمار ومغلقة تماماً على المسلحين الذين تدعمهم الإمارات".
واتهم الصحفي اليمني السعودية التي توجد قواتها في عدن بعد الخروج العسكري الإماراتي بتوظيف هذه الممارسات لصالحها، وأوضح أنه "بإمكان السعودية الضغط على المجلس لإيقاف كل هذه التعسفات في عدن، وتنفيذ اتفاق الرياض، لكن يبدو أن المملكة أيضاً تستخدم الانتقالي وتوظف سيطرته للضغط على الشرعية وابتزازها وتخويفها لتنفذ كل ما تريده الرياض في اليمن، ما يعني أن الانتقالي كان أداة الإمارات وحدها، بينما اليوم هو أداة سعودية أيضاً".
وأكد عفيف في ختام حديثه أنه "ليس من خيار أمام الشرعية الضعيفة سوى فرض واقع عسكري يحررها من هذا الارتهان، أو القبول بهذا الوضع الشاذ والمختل في المحافظات المحررة".