سياسة وأمن » حروب

الصراع في اليمن تحول لحرب داخلية والدور الإماراتي والسعودي فيها غير واضح

في 2020/04/30

نيويورك تايمز- 

قال مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” ديكلان وولش إن محاولة السعودية الخروج من اليمن فتح الباب أمام حلفائها للتجارب.

وفي تقرير عن “الحرب داخل حرب” قال وولش إن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي عن الحكم الذاتي في جنوب اليمن يعقد من جهود السعودية الانسحاب من اليمن، فبعد خمسة أعوام من الحرب، بدا ولي العهد محمد بن سلمان في الأسابيع الماضية يتراجع ببطء عن حربه المدمرة هناك. وانتهز فرصة انتشار فيروس كورونا ليعلن عن وقف إطلاق النار من طرف واحد، والذي لم يكن ناجعا إلا أنه عبر عن موافقة ولي العهد نقاد الحرب الذين أكدوا على أن الحملة العسكرية لا يمكن تحقيق النصر فيها.

إلا أن الحلفاء في اليمن كانت لديهم فكرة أخرى. ذلك أن إعلان نهاية الأسبوع من جماعة انفصالية قامت بالسيطرة على ميناء عدن والمصرف المركزي، يهدد بدورة جديدة من الفوضى في البلد الذي مزقته الحرب.

 وجاء القرار بعدما قرر الداعمان الرئيسان للحرب، السعودية والإمارات، البلدان اللذان انشغلا بمشاكلهما الخاصة الإبتعاد عن الميدان اليمني، مما ترك الساحة فارغة أمام حلفاء البلدين الذين وحّدهم في الماضي القتال ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران، وباتوا اليوم يتناحرون بينهم للسيطرة والحكم.

ولم يكن القتال ليحصل في وقت أسوأ من الحالي، فقد تراجع الدعم الدولي للبلد الذي يعاني من كارثة إنسانية، خاصة أن اللاعبين الإقليميين باتوا يواجهون معركة جديدة لمواجهة فيروس كورونا.

ويحاول عمال الإغاثة تقوية النظام الصحي اليمني الذي حطمته الحرب، وتحضيره لإمكانية وصول كوفيد-19، الذي لو وصل فسيترك آثارا كارثية على البلاد.

وفي بيان لمسؤول في الأمم المتحدة باليمن يوم الثلاثاء، قال فيه إن “هناك احتمالا حقيقيا” لاكتشاف حالات جديدة من الفيروس، رغم أنه لم يتم الإعلان إلا عن حالة واحدة لعامل في الميناء عمره 60 عاما.

وحذرت الأمم المتحدة من أن النقص في المواد الطبية والمساعدات سيعرقل جهود مكافحة الفيروس و”هذا يزيد من احتمال تصاعد في الحالات التي لن يكون النظام الصحي قادرا على استيعابها”.

ويعلّق وولش أن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي عن الحكم الذاتي يفتح الباب أمام منظور مواجهات جديدة في داخل التحالف الذي شكله ولي العهد عام 2015 ضد الحوثيين الذين احتلوا العاصمة صنعاء. ويعارض المجلس الذي يتخذ من عدن مقرا حليفه بالإسم الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي يقود حكومة ضعيفة وتحظى باعتراف دولي.

وعادة ما حدثت مواجهات متفرقة بين قوات الحكومة والمقاتلين التابعين للمجلس. وتحولت الخلافات إلى حرب مفتوحة في آب/ أغسطس العام الماضي، بعدما سحبت الإمارات معظم قواتها من جنوب اليمن، التي تعبت على ما يبدو من الحملة السعودية ضد الحوثيين، وخلفت وراءها فراغا في السلطة.

وقامت السعودية بنشر قواتها في مدينة عدن، ثم رعت في تشرين الثاني/ نوفمبر اتفاق مصلحة بين هادي والانفصالين وقّع في الرياض.

وانهار الاتفاق يوم السبت، بعدما تدفق المقاتلون على شوارع عدن وسيطروا على المقرات الحكومية ورفعوا علم الجنوب اليمني الذي كان أثناء الحكم الشيوعي في الفترة ما بين 1967 إلى 1990.

وناشد التحالف السعودي، المجلس الانتقالي يوم الإثنين للتراجع عن القرار الذي اعتبرته “تصعيدا” وبدعم من الإمارات التي طالما رعت وموّلت الانفصاليين.

ودعا المبعوث الدولي مارتن غريفيث إلى خفض التوتر، وقال في بيان إن “التحول في الأحداث مخيب للآمال، خاصة أن مدينة عدن والمناطق المحيطة بها تتعافى من الفيضان وتواجه مخاطر كوفيد-19″، إلا أن نزار هيثم المتحدث باسم المجلس الانتقالي أكد أن الجماعة لن تتراجع عن قرارها.

وقال في مكالمة هاتفية يوم الثلاثاء: “من حق الجنوبيين حكم أنفسهم وإدارة مواردهم”.

وفي الوقت الذي أدت فيه الفيضانات لإغراق البيوت ومقتل 14 شخصا بحيث زاد الحنق ضد فساد الحكومة، إلا أن هناك أسبابا أخرى وراء تحرك الانفصاليين. فمنذ كانون الثاني/ يناير، توقفت الإمارات عن دفع 400 – 530 دولارا كراتب لكل مقاتل انفصالي في عدن. وعندما رفض السعوديون تعويض النقص غضب المقاتلون. وحسب مسؤول طلب عدم ذكر اسمه، فقد واصلت الإمارات دفع رواتب المقاتلين في مناطق أخرى من البلاد، مثل حضرموت وشبوة حيث تم نشر الوحدات الخاصة لملاحقة الإسلاميين.

ويقول وولش إن الحرب داخل الحرب تضيف بعدا جديدا إلى الفوضى التي نبعت من تدخل القوى الخارجية التي ألهبت الخلافات القديمة والتنافسات والصراع على السلطة بين اليمنيين.

ويقول المحللون إن أي صراع بين الطرفين قد يندلع في محافظة أبين التي تقع وسطهما. كما أن قادة الجماعتين يعيشون في الدول المجاورة. فعيدروس الزبيدي الذي يترأس المجلس الانتقالي الجنوبي مقيم في أبو ظبي، أما هادي فمقيم في الرياض.

ومنح النزاع بين هادي والانفصاليين فرصة للحوثيين الذين اندفعوا خلال الأسابيع الماضية باتجاه محافظة مأرب الغنية بالنفط. وحاول محمد بن سلمان إبطاء التقدم من خلال وقف للنار لمدة شهر تم تمديده طوال شهر رمضان، إلا أن القتال استمر، حيث اتهم أطراف التحالف بعضهم البعض بارتكاب مخالفات.

وتراجعت شهية محمد بن سلمان للحرب منذ العام الماضي؛ بسبب الشجب الدولي لأساليب المملكة في الحرب، كما وضع انهيار أسعار النفط ضغوطا جديدة على ميزانية البلاد.

وكشفت صحيفة يمنية يوم الأحد نقلا عن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، أن سلسلة من اللقاءات بين فصيله والمسؤولين السعوديين لم تسفر إلا أن تقدم قليل.

لكن لا يعرف مدى السيطرة التي تمتع بها السعودية والإمارات على الجماعات الوكيلة عنهما في اليمن. ويقول بيتر سالزبري من مجموعة الأزمات الدولية، إن الإمارات عندما قررت الخروج من اليمن أظهرت أنها لم تعد مستعدة للتغطية على الأمور هناك.

ويرى سالزبري أن المواجهات الأخيرة “هي عن التنافس اليمني- اليمني بدلالات اقليمية غير واضحة”.