القدس العربي-
أعاد مقتل آمر حماية قاعدة الوطية، أسامة مسيك، خلال استعادتها من قبل قوات حكومة الوفاق الوطني، الجدل حول دور السلفيين المداخلة في الحرب التي يخوضها حفتر في ليبيا، وعلاقتهم بالسعودية.
وكانت وسائل إعلام ليبية أكدت مقتل أسامة مسيك، آمر حماية قاعدة الوطية الجوية التابع لقوات حفتر، في هجوم شنته قوات حكومة الوفاق على القاعدة، وهو ما يعني خسارة حفتر لآخر قاعدة له في الغرب الليبي.
وأعاد مقتل مسيك، وهو أحد رموز التيار المدخلي، الجدل حول علاقة السلفية المدخلية بالسعودية وأسباب دعمها لخليفة حفتر المدعوم أساسا من الإمارات.
من هم المداخلة؟
المداخلة أو المدخليون هم تيار ديني متشدد نشأ في السعودية على يد الداعية السلفي ربيع المدخلي في تسعينيات القرن الماضي (بعد حرب تحرير الكويت تحديدا) وتمدد إلى بعض الدول العربية الأخرى، ويقوم أساسا على الولاء المطلق للسلطة الحاكمة والطاعة الكاملة للحكام والدفاع عن مواقفهم وسياساتهم مهما كانت، والهجوم المستمر على المخالفين وخاصة من التيارات الإسلامية.
ويتميز التيار المدخلي عن غيره من التيارات في اعتباره أن الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان، ومن هذا الأصل والمنطلق، تشن هجومها الحاد على الجماعات الإسلامية والحزبية لأنها ضد مفهوم الجماعة – في رأيهم – ومن ثم فهم خوارج ومبتدعة في الدين، تجب معاداتهم ومحاربتهم ويجوز قتلهم. فالهدف الرئيسي عند المداخلة يتمثل في إنهاء الفرقة في الأمة والتفافها حول سلطانها.
كيف دخلوا إلى ليبيا؟
يعود نفوذ المداخلة في ليبيا إلى بداية القرن الحالي، حيث استعان معمر القذافي بهم لدعمه ضد المعارضة الإسلامية لمشروع التوريث لنجله سيف الإسلام القذافي، مستعينا بفكرهم القائم أساسا على عدم الخروج عن طاعة الحاكم.
ولعب الساعدي القذافي دورا كبيرا في التقريب بين المداخلة والنظام، حيث أعلن فجأة اعتناقه لأفكار التيار المدخلي الذي استعان به في مناسبات عدة، وتمكن النظام الليبي عبر المداخلة من إرساء مصالحة سياسية مع الإسلاميين تمهيدا لمشروع التوريث، كما أصدر المداخلة لاحقا فتاوى تحرم الخروج على الحاكم في ليبيا وتعتبر ثورة شباط/فبراير فتنة، وهو ما شكل فرصة ثمينة للسعودية للتدخل في الشؤون الليبية عبر أتباع المذهبي المدخلي، الذين تزايدت أعدادهم لاحقا.
وخلال الثورة، قام عدد من المداخلة بالدفاع عن نظام القذافي، نظرا لإيمانهم بـ”أهلية” ولي الأمر، وضرورة طاعته، مستغلين منابر المساجد ووسائل الإعلام.
وبعد سقوط نظام القذافي وفرار الساعدي إلى النيجر، تم تصنيف المداخلة كأنصار للنظام القديم، وهو ما دفعهم للنأي بأنفسهم عن العمل السياسي، حيث وصفوا انتخابات المؤتمر الوطني عام 2012 بأنها بدعة لا يجوز الخوض فيها، واقتصر نشاطهم حينها على العمل الإغاثي والاجتماعي، فبدأ المال السعودي بالتدفق عليهم لإنشاء مدارس غير مرخّصة تروج للفكر المدخلي.
وساهمت تلك المدارس في نشر التطرف بين صفوف الشباب الليبي، وقاموا بتكفير الأمازيغ ونعتوهم بالخوارج، كما كفّروا التيارات الدينية الأخرى كالمالكية والأشاعرة وغيرهم.
ما علاقتهم بحفتر؟
تم إيفاد عشرات الشباب الذي يدرسون في مدارسة المداخلة في ليبيا إلى السعودية لتلقي العلوم الشرعية، حيث تم تجنيدهم ليشكلوا نواة للكتائب التي أصبحت “القوة الضاربة” للجنرال خليفة حفتر.
وفي 16 أيار/مايو 2014 أعلن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر انقلابه العسكري على المؤتمر الوطني العام، فقرر المداخلة القتال إلى جانبه، بعدما أفتى شيوخهم بنهاية صلاحية المؤتمر الوطني، وأصبحوا جنودا في عملية “الكرامة” التي أعلن عنها حفتر لاحقا.
وأصدر الشيخ ربيع المدخلي لاحقا فتوى تحث أتباعه على القتال في صفوف حفتر، باعتباره “القائد الشرعي المخوّل من ولي الأمر”، في إشارة إلى برلمان طبرق الذي عين حفتر قائدا عاما لما يسمى “الجيش الوطني”، معتبرا أن فائز السراج رئيس حكومة الوفاق هو “عميل للغرب”.
المفتي يتهمهم بنشر الفوضى
ويواجه المداخلة معارضة كبيرة من قبل رجال الدين في ليبيا، حيث اعتبر المفتي الصادق الغرياني أنهم مكّلفون من الخارج بنشر الفوضى في ليبيا، معتبرا أن “ولاءهم ليس لليبيا، والدور الموكل لهم منذ الثورة هو أن يقضوا مضجع ليبيا ويحرموها من الاستقرار، فقد أشاعوا الفوضى في بلادنا والتفجيرات في المساجد وبعدها كونوا من أنفسهم فصيلا مسلحا تأتيهم الفتاوى من المخابرات الأجنبية للقتال إلى جانب حفتر”.
وأضاف في لقاء تلفزيوني: “في كل مناسبة يصدرون فتاوى مختلفة، فمرة يقولون إن الديمقراطية والمشاركة في الانتخابات “كفر”، ومرة يقولون إن ولي الأمر هو حفتر وبرلمان طبرق لأنه منتخب بصورة شرعية، وفي كل مناسبة يلبسون لبوساً مختلفا، ومن بداية الحرب معظم خطباء المساجد في طرابلس يدعون لنصرة حفتر! هل هؤلاء ولاؤهم لليبيا؟ لا أعتقد ذلك فقد رأيناهم في المنطقة الشرقية مجندين مع حفتر بكتائب قاتلت الثوار والعلماء والأبرياء ودمرت المدن. هؤلاء علماء مخابرات أجنبية”.