تتصاعد الحرب المستمرة منذ 5 أعوام في اليمن، وتبدو الدولة على وشك التفكك في الوقت الذي يتفشى فيه وباء كورونا في أفقر دولة بالشرق الأوسط.
وتشكل الحرب عبئا على الاقتصاد السعودي، وتدمر آمال التنويع الاقتصادي، وبالتالي فإن إيران هي الفائز الوحيد في هذا المستنقع.
والأسبوع الماضي، شن السعوديون غارات جوية على صنعاء ومدن أخرى في الشمال واقعة تحت سيطرة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
إذ تم شن ما لا يقل عن 40 غارة جوية على صنعاء. وكان الهدف الآخر هو "صعدة"، موطن قيادة الحوثيين. ويقول السعوديون إنهم يحاولون قتل كبار المسؤولين الحوثيين.
وتأتي الهجمات في أعقاب إطلاق صواريخ وطائرات بدون طيار على العاصمة الرياض ومدن وبلدات سعودية أخرى. ويدّعي السعوديون أنهم أسقطوا الصواريخ، في حين يدّعي الحوثيون أنهم ضربوا وزارة الدفاع السعودية.
ويشير التصعيد في القتال إلى فشل شهور من المفاوضات الرامية لترتيب وقف إطلاق النار، بما في ذلك مبادرة السعودية بإعلان وقف لإطلاق النار من جانب واحد.
ويدرك السعوديون جيدا أن الحرب كلفتهم ثروة، في الوقت الذي انخفض فيه الطلب العالمي على النفط بشكل حاد، مع ما صحبه من انخفاض في إيرادات المملكة.
ويباع النفط السعودي الآن مقابل 40 دولارا للبرميل، وهو أقل من نصف ما تحتاجه المملكة لتحقيق التعادل.
ولم تكن تفاصيل الجهود المتعددة لترتيب وقف إطلاق النار معروفة، لكن بالتأكيد لا يشعر الحوثيون بالكثير من الضغوط في الوقت الذي يرسخون في أقدامهم على الأرض. وتجمع الحرب العديد من اليمنيين ضد الأجانب المكروهين الممثلين في السعوديين والإماراتيين على وجه الخصوص.
وبسبب الوباء، ألغت السعودية فريضة الحج إلى مكة لمعظم الأجانب، وهي نكسة اقتصادية كبرى أخرى في المملكة.
ويتزايد تفشي الفيروس في السعودية، وكذلك في البحرين وقطر وسلطنة عمان المجاورة. وتجاوزت الإصابات بين السعوديين 200 ألف حالة، بعضها في العائلة المالكة.
وأعلن ولي العهد "محمد بن سلمان"، مهندس الحرب السعودية المتهورة في اليمن، عن خطط لتنويع الاقتصاد وبناء مدينة جديدة في شمال غرب البلاد. لكن هذه الخطط تعطلت بسبب ضعف الاقتصاد.
وفي جنوب اليمن، سيطر الانفصاليون على مدينة عدن الساحلية وجزيرة سقطرى الاستراتيجية، وطردوا أنصار حكومة "عبدربه منصور هادي" المتمركزة في السعودية.
وسقطت أجزاء أخرى من الجنوب في أيدي المليشيات المحلية. وأصبح من الواضح أن إعادة اليمن إلى ما كان عليه مرة أخرى أمر مستحيل.
وبلغت حصيلة الحرب أكثر من 100 ألف قتيل. ويحتاج 80% من اليمنيين إلى مساعدات إنسانية من الخارج. والآن، يعيث فيروس كورونا فسادا بالسكان الذين يعانون من سوء التغذية.
وقال رئيس منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في اليمن إن "الأزمة لها أبعاد كارثية"، وهي تتفاقم مع جفاف أموال المساعدات بسبب الكساد الاقتصادي العالمي.
وينكر الحوثيون تفشي الوباء، ويعلنون أعدادا منخفضة للغاية من العدوى والوفيات، كما أنهم يفرضون ضرائب على المساعدات الإنسانية، ويحولون المساعدات لأنفسهم. لكنهم يحتفظون بالسيطرة الحصرية على كل الشمال تقريبا.
كانت إيران تقدم المساعدة للحوثيين منذ بدء الحرب، خاصة فيما يتعلق بالصواريخ والطائرات بدون طيار. وتعد تلك المساعدات وسيلة زهيدة الثمن نسبيا بالنسبة لإيران لاستنزاف السعودية. واكتسب الإيرانيون خبرة قتالية كبيرة في مجال الصواريخ والطائرات بدون طيار خلال الحرب في اليمن، وستساعد التجربة بلا شك حلفاء إيران الآخرين، مثل "حزب الله"، على تحسين قدراتهم.
وتبقى الخلاصةهي أن إيران ورطت منافسها الإقليمي الأبرز في كارثة باهظة الثمن في اليمن، مع عدم وجود مخرج على ما يبدو.
وفي المقابل، كانت تكاليف الحرب على الإيرانيين ضئيلة. وستتشوه سمعة السعوديين بسبب الكارثة الإنسانية التي ساعدوا على خلقها لأعوام قادمة، لا سيما سمعة ولي العهد "محمد بن سلمان".
ولدى إيران مجموعة من المشاكل، مثل تفشي الفيروس والانفجارات الغامضة وغيرها، لكن حين يتعلق الأمر باليمن، فإن طهران خرجت فائزة على ما يبدو.
روس ريدل- بروكينجز - ترجمة الخليج الجديد-