أنيل شلين- ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة الخليج الجديد-
تحل يوم الجمعة الذكرى السابعة للتدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن بينما تتفاقم دوامة التصعيد كل يوم. وفي الذكرى السادسة، بدا أن تنصيب "بايدن" سيغير موقف الولايات المتحدة ويدفعها لتشجع الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار، لكن أصبح واضحا أن إدارة "بايدن" لا تختلف كثيرا عن إدارة "ترامب" في دعم الأهداف السعودية والإماراتية في اليمن بالرغم أن إدارة "بايدن" أخفت تفضيلها للتحالف الذي تقوده السعودية بقشرة من الدبلوماسية.
وسلط موجز جديد من "معهد كوينسي" الضوء على المساعدة الأمريكية المستمرة للتدخل العسكري الذي تقوده السعودية بالرغم من إعلان "بايدن" أنه "سينهي كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في حرب اليمن بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة".
وبالرغم أن الإدارة الأمريكية أوقفت صفقتي سلاح، لكنها شرعت في وقت لاحق في مبيعات جديدة للمملكة بأكثر من مليار دولار، ووصفت هذه الأسلحة بأنها دفاعية، ولكن هذه القدرة الدفاعية تتحول مباشرة إلى ميزة هجومية. فمن خلال مساعدة السعودية والإمارات في الدفاع، تسمح الولايات المتحدة لهذه الدول بمهاجمة اليمن مع المزيد من الإفلات من العقاب. علاوة على ذلك، تمتلك السعودية والإمارات بالفعل أسلحة هجومية تقدر قيمتها بمئات مليارات الدولارات، وقد تم شراء معظمها من الولايات المتحدة.
وكثيرًا ما يدين مسؤولو إدارة "بايدن" هجمات الحوثيين لكنهم يحجمون عن إدانة الضربات الجوية السعودية. ففي 10 فبراير/شباط 2021، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية "نيد برايس" الحوثيين بأنهم "يظهرون باستمرار رغبة في إطالة الحرب عن طريق مهاجمة السعودية". وفي أغسطس/آب 2021، صرح وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" أنه منذ بداية العام، تعرضت السعودية "لأكثر من 240 هجومًا من قبل الحوثيين". وأكد المبعوث الخاص "تيم ليندركينج" في 24 يناير/كانون الثاني 2022 "إدانة الإدارة الأمريكية للهجمات الحوثية الأخيرة ضد الإمارات والسعودية والتي قتلت المدنيين".
وتعد المشكلة في هذه البيانات هي مشكلة تناسب حيث تلوم الإدارة الأمريكية الحوثيين باستمرار وتؤكد أن هجماتهم العابرة للحدود خطيرة، لكن الهجمات العابرة للحدود التي ينفذها التحالف السعودي تفوقها بكثير (عددًا وتدميرًا). ولا تتجاوز الهجمات الحوثية العابرة للحدود أبدًا عدد الغارات الجوية التي ينفذها التحالف كل شهر، بل إنها نادرًا ما تقترب منها. وبمساعدة أنظمة الدفاع الأمريكية، تتمكن السعودية من صد 90% من هجمات الحوثيين العابرة للحدود.
ونفذ التحالف تقوده السعودية أكثر من 24800 غارة جوية منذ عام 2015، أي ما يقرب من 10 غارات يوميًا، وقتلت هذه الغارات نحو 9 آلاف مدني وجرحت أكثر من 10 آلاف. في المقابل، أفاد المتحدث الرسمي باسم التحالف الذي تقوده السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2021 أن الحوثيين أطلقوا أكثر من 400 صاروخ وأكثر من 800 طائرة مسيرة على السعودية منذ بداية الحرب في مارس/آذار 2015، مما أسفر عن مقتل 59 مدنياً. وتعني هذه الهجمات الحوثية مجتمعة، أن هناك هجمة واحدة يوميًا في المتوسط.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أطلق الحوثيون سلسلة من الهجمات المنسقة على مرافق الطاقة السعودية، ولم تكن هناك إصابات. وفي المقابل، قتلت غارة جوية سعودية على منشأة احتجاز في اليمن في يناير/كانون الثاني 91 شخصًا وأصابت المئات.
وتعتمد القوات الجوية السعودية بشدة على المتعاقدين العسكريين الأمريكيين لتوفير الصيانة وقطع الغيار والإصلاحات لطائراتهم. وبدون مساعدة الولايات المتحدة، لم يكن السعوديون ليتمكنوا من قصف اليمن.
وبالنظر إلى إعلان "بايدن" بعد تنصيبه أن الولايات المتحدة ستنهي دعم العمليات الهجومية، فمن المستغرب أن تظل مستويات الغارات الجوية للتحالف متسقة نسبيا من 2020 إلى 2021. ولو كانت الولايات المتحدة انسحبت بالفعل من دعم الهجمات السعودية، فإن معدل الغارات كان ينبغي أن يتراجع في عهد "بايدن" عن عهد "ترامب"، لكن ذلك لم يحدث.
وبدلا من ذلك، بدأت هجمات التحالف في الزيادة بشكل كبير في أواخر 2021. وخلافًا لتوصيفات إدارة "بايدن"، لم يكن هذا ردا على تصعيد الحوثيين عبر الحدود، حيث ظلت هجمات الحوثي مستقرة نسبيا، وربما صعّد الحوثيون داخل اليمن، لكنهم لم يزيدوا هجماتهم على الأراضي السعودية.
وغالبا ما توصف الحرب باعتبارها صراعا بالوكالة بين السعودية التي تدعم حكومة الرئيس "عبدربه منصور هادي" وإيران التي تدعم المتمردين الحوثيين. لكن الممارسة العملية تثبت أن التدخل الذي تقوده السعودية حملة عقوبة جماعية ضد السكان اليمنيين، الذين يعيش 80% منهم في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. ويبرر السعوديون قصفهم الجوي وعرقلتهم لوصول الوقود بأنه ضروري لمواجهة وكلاء إيران، لكن النتيجة الفعلية كانت تنامي قوة الحوثيين خلال السنوات الـ7 الماضية، بينما تحطمت حياة اليمنيين العاديين.
ولا يوجد "أخيار" في هذه الحرب؛ حيث اتهم خبراء الأمم المتحدة جميع أطراف النزاع بجرائم حرب. وعلى عكس رواية إدارة "بايدن" بأنها ملتزمة بدعم حل النزاع، تشير الولايات المتحدة دائما إلى دعمها للسعوديين والإماراتيين. ومن خلال إعادة التأكيد على دعم الولايات المتحدة باستمرار، تخاطر إدارة "بايدن" بتصعيد التورط الأمريكي في الحرب.
ودفعت المنافسة مع روسيا والصين "بايدن" إلى إعطاء الأولوية للعلاقات العسكرية الوثيقة مع السعودية والإمارات، وربما هذه الحسابات هي التي دفعته إلى التراجع عن تعهده بإنهاء الحرب. ولا يهدد ذلك فقط بجر واشنطن إلى الصراع بشكل أعمق، وإنما يطيل الحرب أيضًا ويضاعف تدمير اليمن، ولا يختلف العدوان العسكري السعودي والإماراتي الذي تدعمه الولايات المتحدة عن الإجراءات الروسية في أوكرانيا إلا قليلًا.
لذلك يجب على إدارة "بايدن" أن تتبنى استراتيجية تراعي المصالح القومية الأمريكية، ويعني ذلك عدم الإذعان لشركائها الخليجيين في الأمور التي تقوض المصالح الأمريكية ويمكن أن تدفعها إلى مواجهة عسكرية أخرى في الشرق الأوسط.
ويبرر البعض التغاضي عن ممارسات الشركاء الخليجيين بأنه ضروري من أجل كسبهم في مواجهة الصين وروسيا، لكن هذه الاستراتيجية مشكوك في جدواها، حيث أظهر السعوديون والإماراتيون بالفعل أنهم يتحوطون في رهاناتهم فيما يتعلق بالمنافسة الأمريكية مع القوى العظمى الأخرى، كما يتضح من عدم استعدادهم لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.