جريجوري دي جونسن | معهد دول الخليج العربية – ترجمة الخليج الجديد-
في بداية يونيو/حزيران الجاري، أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن "هانز جروندبرج" أن الهدنة الهشة في اليمن التي بدأت في أبريل/نيسان الماضي تم تمديدها لشهرين إضافيين. وخلال جلسة إحاطة لمجلس الأمن بعد أسبوعين، وصف "جروندبرج" الهدنة بأنها "غير مسبوقة ولم يكن أحد يتصورها في بداية العام"، فيما اعترف بأنه لا زال هناك طريق طويل من أجل إنهاء الصراع في اليمن بشكل دائم.
وتعد الهدنة الحالية في مصلحة كافة الأطراف، لكن بدا أن المدنيين هم أكبر المستفيدين. فخلال الشهر الأول، انخفضت الخسائر في صفوف المدنيين بأكثر من 50%.
وحتى الآن، لا يبدو أن أطراف الصراع مستعدة لتقديم التنازلات الصعبة اللازمة لتحقيق السلام الدائم. ومع ذلك، هناك بعض الخطوات التي يمكن للأطراف الخارجية، مثل الولايات المتحدة، اتخاذها على الأقل لتضييق الفجوة بين الأطراف المتعارضة.
وكان تمديد الهدنة لمدة شهرين ضروريًا لمنح المجلس الرئاسي وقتًا لترتيب أوضاعه، فقد تم تشكيل المجلس المكون من 8 أعضاء قبل شهرين فقط عندما استقال الرئيس "عبدربه منصور هادي" في خطاب متلفز تحت ضغط سعودي.
ويعد المجلس بحاجة ماسة إلى الشهرين الإضافيين اللذين توفرهما الهدنة الممددة لتشكيل جبهة موحدة خاصة أنه يتألف من مجموعات متنافسة ذات أهداف مختلفة. وربما يكون التحدي الأكبر هو وضع كل الجماعات المسلحة اليمنية المختلفة تحت قيادة وسيطرة الحكومة. وفي نهاية مايو/أيار، شكلت الحكومة لجنة أمنية وعسكرية مشتركة مؤلفة من 59 شخصًا لتنسيق هذه المهمة، ولكن كانت هناك تحديات بالفعل.
كما يفيد تمديد الهدنة الحوثيين الذين ما زالوا يعانون من خسائر في ساحة المعركة في شمال شبوة وجنوب مأرب في يناير/كانون الثاني. ومن أجل القيام بحملة أخرى على مأرب وحقولها النفطية، يحتاج الحوثيون إلى وقت لإعادة التفكير في الهجوم والتخطيط له.
ومع ذلك، لا ينبغي التقليل من المكاسب الحقيقية والإيجابية للغاية التي توفرها الهدنة في طريق الوصول لحل دائم.
وبحسب "جروندبرج"، لم ترد تقارير عن ضربات جوية سعودية على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون ولا ضربات صاروخية عبر الحدود على السعودية، فيما أعيد افتتاح مطار صنعاء للمرة الأولى منذ نحو 6 سنوات. وحتى الآن، نقلت 8 رحلات 2795 راكبا من صنعاء إلى عمان والقاهرة.
تنازلات صعبة
وحتى الآن، ليس لدى الحوثيين أي نية ولا حافز للتخلي عن سيطرتهم أحادية الجانب على جزء كبير من شمال اليمن ليكونوا جزءًا من دولة يمنية مُعاد توحيدها. وقد لا تتمكن الجماعة من الاستيلاء على حقول النفط والغاز في مأرب، والتي ستوفر القاعدة الاقتصادية التي تحتاجها بشدة، لكن التحالف المناهض للحوثيين لم يستطع إجبارهم حتى الآن على تقديم تنازلات.
على الجانب الحكومي، يواصل أعضاء المجلس الرئاسي محاولات تقويض والتغلب على بعضهم البعض. على سبيل المثال، في أوائل يونيو/حزيران، بدأ لواء مدعوم من التحالف الذي تقوده السعودية حملة تجنيد لمزيد من المقاتلين في أبين، فيما بدأ المجلس الانتقالي الجنوبي في تجنيد المزيد من المقاتلين في عدن بسبب قلقه من أن يكون عدد أفراده أقل.
ومن الواضح أن مثل هذه الإجراءات والردود لا تفعل الكثير لتعزيز الشعور بالوحدة داخل المجلس الرئاسي أو تقديم جبهة مشتركة ضد الحوثيين. وبالرغم من كون رئيسه عضوًا في المجلس الرئاسي، يواصل المجلس الانتقالي الجنوبي التأكيد على أن هدفه النهائي هو دولة جنوبية مستقلة.
هناك أيضًا قضايا هيكلية عميقة يجب التغلب عليها قبل أي اتفاق سلام من أهما الانقسام الخطير في البنك المركزي.
وبعد تشكيل المجلس الرئاسي، أعلنت السعودية أنها ستودع 3 مليارات دولار إضافية في البنك المركزي الذي تسيطر عليه الحكومة في عدن (يسيطر الحوثيون على البنك المركزي اليمني الآخر في صنعاء) في محاولة لتحقيق الاستقرار في الريال اليمني.
في البداية، بدا أن تدفق السيولة نجح، حيث انتقل الريال في عدن من التداول عند حوالي 1100 مقابل الدولار إلى 650، وهو نفس القيمة تقريبًا في صنعاء. لكن بحلول أوائل يونيو/حزيران، تبخرت معظم تلك المكاسب الأولية، وعاد الريال اليمني في عدن إلى 1026 مقابل الدولار (قبل اندلاع الحرب كان الريال اليمني ثابتًا عند 250 مقابل الدولار).
وقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير فضلا عن صعوبة توفير المواد الغذائية الأساسية مما يهدد بموجة مجاعة.
وتضغط إدارة "بايدن" على السعودية لإنهاء الحرب في اليمن منذ توليها السلطة في يناير/كانون الثاني 2021. ولم تؤد هذه الجهود دائمًا إلى النتائج المرجوة. ومن الواضح أن الضغط لوقف العمليات العسكرية السعودية لن ينهي الحرب بقدر ما يعزز انتصار الحوثيين.
وبدلاً من ذلك، يجب أن يضغط "بايدن" على السعودية لزيادة دعمها المالي بشكل كبير للحكومة اليمنية والمجلس الرئاسي، وقد تكون الزيارة التي سيقوم بها إلى المملكة الشهر المقبل فرصة لطلب ذلك.
إن تعزيز قيمة الريال وجعل الغذاء والوقود في متناول المزيد من اليمنيين لن ينهي الحرب لكنه قد يجعل إنهاء الحرب أسهل.