(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
بعد المواقف المتفردة لدولة الإمارات، في مجلس الأمن، والتي شكّلت خروجًا عن الإجماع العربي، حيث أدانت المقاومة في غزة وبدت في اصطفاف مع العدو، وكأنّها تسوّغ له جرائم الحرب في غزة، وبعد التطبيع المندفع والمتعجّل لدرجة التهور، بدت تتكشف عبر بعض التقارير معلومات خطيرة حول خجم الاختراق الصهيوني للدولة الإماراتيّة.
لقد كشفت صحيفة "الخبر" الجزائرية، مؤخرا، أنّ السّلطات الإماراتيّة اتفقت مع "إسرائيل" على استقدام سبعة من ضبّاط "الشّاباك" إلى أبو ظبي من أجل توظيفهم في جهاز الأمن وبأسماء إماراتيّة لإبعاد شبهة جنسيتهم.
وأضافت الصحيفة أنّ سلطات أبوظبي اعتمدت هذه الطريقة، في توظيف عناصر الشّاباك لعدم إثارة سخط الشرفاء من المواطنين، وكذلك الجنسيات الأخرى العاملة في الدوائر الحكوميّة، فقامت بإعطاء هؤلاء العناصر صفة "مستشار" لإخفاء الطبيعة الحقيقيّة لعملياتهم.
أمّا حول مهمة عناصر الشّاباك، بحسب المصادر الصحفيّة، فإنّها تكمن في التعاون مع السّلطات الأمنيّة في الإمارات لتكريس سياسة أمنيّة تخدم أمن "إسرائيل" بالدرجة الأولى، وتأسيس بؤرة لعمل استخباراتي مشترك بالدرجة الثانية. إذ توجّه بؤرة العمل الاستخباراتي لتوفير الحماية للجالية الإسرائيليّة المقيمة في الإمارات، والتصدّي لارتدادات الزلزال الذي أحدثته معركة "طوفان الأقصى"، حيث أوضحت الصحيفة أنّ عددًا يعتدّ به من أفراد الجالية الإسرائيلية المقيمة في الإمارات أصبحوا يتبوأون مناصب ووظائف عليا وحسّاسة في شركات كبرى وإدارات الدولة، إضافة إلى استقرار عدد لافت من روّاد الأعمال والتجارة وقطاع المال.
كما رأت الصحيفة أنّ: "مثل هذا التعاون المريب يبعث على القلق، خاصة وأنّ زوار الإمارات تحت أي مسوّغ أو هدف، وخاصة من الجنسيات العربيّة والإسلاميّة التي لا ترحب بمواقف أبوظبي تجاه القضايا العربيّة والإسلاميّة المركزيّة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، سيجدون أنفسهم محاصرين ومحلّ متابعة أمنية إسرائيلية".
ويعيدنا ذلك الى العام 2020، حين كشف تحقيق أجرته "وكالة الأناضول" وقتها النقاب عن تعاقد شركات إماراتيّة مع أخرى إسرائيلية صنّفتها الأمم المتحدة ضمن "قائمة سوداء" تضم شركات تدعم الاستيطان في الأراضي المحتلّة.
وتضم "القائمة السوداء" 112 شركة إسرائيليّة ودوليّة، قالت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في 12 فبراير/شباط 2020، إنّها تقوم بأنشطة محدّدة، تتعلّق بالمستوطنات الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. إذ تشتهر الإمارات حاليًا بأنّها مركز مالي تتحكّم فيه لوبيات إسرائيليّة تهيمن على القرار الاقتصادي والمالي والتجاري فيها.
ولا يقتصر الأمر على المواطنين والمقيمين، بل بات يهدّد علاقة الإمارات بالدول العربيّة الأخرى وعلى رأسها الجزائر، حيث يسود في الإعلام الجزائري قلق من الدور الإماراتي في المنطقة منذ مدة، خاصة بعد تطبيع علاقاتها مع "إسرائيل". وكانت صحيفة "الشروق" الجزائرية نشرت، قبل أسابيع، معلومات عن وجود "تحركات مشبوهة" لملحق الدفاع في سفارة الإمارات في الجزائر، متوقعة أن تنفجر أزمة دبلوماسيّة بين الجزائر وأبوظبي في أي وقت.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسيّة أجنبيّة، وصفتها بالموثوقة، أنّ الملحق الإماراتي الذي يحمل رتبة عقيد، صرّح لأحد الدبلوماسيين، في حضرة نظرائه الأوروبيين، أنه في حال نشوب حرب بين الجزائر والمغرب، فإنّ بلاده ستقف بكل إمكاناتها مع المملكة المغربيّة.
السّؤال هنا، إلى أي مدى تندفع الإمارات بعلاقاتها مع الكيان الصهيوني، وخاصة بعد المجازر التي يرتكبها في غزة فبات معها التطبيع اكثر إثارة للاستفزاز والغضب، وهل هي لا تبالي بتأثير تطور هذه العلاقة على مواطنيها والمقيمين فيها، ولا بعلاقاتها مع الأشقاء العرب؟