(هدى القشعمي \ راصد الخليج)
منذ شنّت القوات الإسرائيلية الحرب على فلسطين، والدول الغربية تحاول توريط المملكة العربية السعودية لما لها من امتداد إسلامي وعربي وموقع إقليمي في الحرب الدائرة في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر /تشرين الأول 2023.
فمن هي هذه الدول؟ وكيف تسعى إلى ذلك؟
بدايةً؛ سعت بريطانيا عبر مجلة "الإيكونوميست"، في تقريرٍ لها، قالت فيه إنّ: "العديد من الحكومات العربية ترغب برؤية نهاية حماس ويشعرون بالقلق من أن الحرب في غزة ستؤدي إلى الإخلال بخططهم الاقتصادية". ولم تكتفِ المجلة بهذا التلميح؛ بل تابعت بأنّ: "العديد من دول الخليج، على سبيل المثال، ترغب في أن تتخلص إسرائيل من حماس، مع خشيتها في أن يؤدي هذا إلى إيقاظ التطرف في بلدانها". وما كان ينقص المجلة فقط بأن تسمي السعودية بالاسم.
بدورها حاولت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية توريط وزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح بسؤاله إذا كانت "المملكة تنوي حاليًا استخدام تأثيرها على أسعار النفط العالمية كورقة ضغط لتحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة؟". فكان جواب الوزير دبلوماسيًا بأنّ: "مثل هذه القرار غير وارد على جدول الأعمال حاليًا، وتحاول السعودية تحقيق السلام من خلال محادثات السلام".
في المقابلة ذاتها؛ قال الوزير إنّ: "مسألة تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ما تزال على جدول الأعمال، بالرغم من الأحداث التي يشهدها قطاع غزة". وفي هذا السياق؛ رد سفير السعودية في بريطانيا، الأمير خالد بن بندر، خلال مقابلة مع "بي بي سي" البريطانية على سؤال إن كانت "بلاده مهتمة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد حرب غزة، ولكن أي اتفاق للتطبيع: "لا بدّ أن يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية". هذا ما أجاب به السفير، وأضاف أن السعودية ما تزال تؤمن بإقامة علاقات مع إسرائيل، على الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح في غزة، ولكنه استدرك قائلاً إنّ ذلك لا ينبغي أن يكون "على حساب الشعب الفلسطيني".
وخلال زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، يوم الأحد المنصرم، إلى "إسرائيل" صرحت للصحافيين أنه: "لا نرى أنفسنا، في حكومة الاتحادية الألمانية، نعارض المعايير البريطانية بشأن مبيعات طائرات يوروفايتر أخرى"، مؤكدة على الدور السعودي في الأزمة الأمنية في الشرق الأوسط منذ اندلاع حرب أكتوبر2023". وبدوره كشف المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن هيبيستريت أنه ""ليس سرًا أن القوات الجوية السعودية استخدمت مقاتلات يوروفايتر لإسقاط الصواريخ التي أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل".
وطبعًا؛ هذه الصفقة الألمانية هي سمٌ في العسل، حيث إن المملكة لن تحصل عليها إلا بالتقسيط خلال السنوات القادمة، وبالتأكيد هذه محاولة للإيحاء بأنّ السعودية متورطة في حرب غزة.
كل هذه المحاولات الغربية من أجل توريط السعودية في وحول قطاع غزة، كما ورطتنا في الحرب في اليمن ولم تقم بدعمنا إلا ببعض الذخيرة والأسلحة التي كانت على شكل صفقات دفعت المملكة ثمنها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان يبتزنا بوقاحة- آنذاك- مستغلاً حاجتنا للدفاع عن أنفسنا، لكننا اليوم لسنا مضطرين للتورط في هذه الحرب، فالشعب السّعودي قال كلمته بأنه إلى جانب الفلسطينيين. وبحسب إحصاء جديد نشره معهد واشنطن، أظهر أنّ الأغلبية الساحقة (91%) من السعوديين يرون أن "هذه الحرب في غزة هي انتصار للفلسطينيين والعرب والمسلمين، على الرغم من الدمار والخسائر في الأرواح". كما رأى الجميع تقريبًا (96%) على أنه: "يجب على الدول العربية أن تقطع فورًا جميع الاتصالات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية وأي اتصالات أخرى مع إسرائيل، احتجاجًا على عملها العسكري في غزة"..
هذا هو الشعب السعودي؛ وسيبقى إلى جانب فلسطين والقضية الفلسطينية، ويدعم ولاة أمره ويشدّ على أيديهم ألا ينزلقوا نحو رمال غزة، مهما كانت الضغوطات والمغريات التي يقدمها الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.