(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
بالرغم من عدم الثقة التامة بوسائل الإعلام الإسرائيلية وتحليلاتها، والتي قد تهدف لوضع أسفين وبث الفتن في العالم العربي والإسلامي، إلا أن التقارير الإخبارية وخاصة المدعومة بالصوت والصورة لا يمكن تجاهلها، وخاصة إذا ما أضيف لذلك عدم صدور نفي رسمي أو تكذيب بما فيها من خطورة.
في المدة الأخيرة، ركزت وسائل الإعلام الإسرائيلية على الجسر التجاري البري الذي دشنته الإمارات لإسرائيل لتعويضها عن تداعيات الحصار البحري الذي فرضته جماعة أنصار الله في اليمن، عبر البحر الأحمر وخليج عدن. فقد نشرت هذه الوسائل عدة تقارير عن تدشين الإمارات لجسر تجاري بري، يبدأ من دبي وأبوظبي مرورًا بالسعودية ثم الأردن وصولًا إلى "إسرائيل"، في الوقت الذي تتعرض فيه غزة إلى مجاعة كبرى.
في هذا المورد؛ يتعلق الأمر بثلاثة دول؛ وهي: الإمارات والسعودية والأردن. ولم يصدر أي نفي أو تكذيب، وهو أمر لا يجوز معه الصمت، على الأقل بالنسبة إلى السعودية، والتي لم تعلن تطبيعًا رسميًا حتى الآن بالرغم من تواتر التقارير بالسير قدمًا في ملف التطبيع الإسرائيلي - السعودي وعدم ارتباطه بالحرب في غزة، وأنه يتوقف على ضمانات أمنية أمريكية للسعودية، وبعض الإجراءات الشكلية المتعلقة بدولة فلسطينية موعودة حتى من دون جداول زمنية!
لقد وصفت القناة 13 الإسرائيلية إجراء الإمارات لدعم "إسرائيل" بأنّه: "مهم ومغيّر للمعادلة، ويقوم على تغيير الواقع". وقالت : " هو افتتاح هادئ وسري لخط تجاري جديد يلتفّ حول الحوثيين، ويعمل بكامل طاقته".
علّق الصحفيون الإسرائيليون بالقول إن: "مشهد الشاحنات هذا بلوحات إماراتية على أرض إسرائيل، هو تنفيذ للاتفاقية الإبراهيمية (إشارة إلى اتفاقية التطبيع) التي وُقعت في العام 2020"؛ بينما جاءت بعض التعليقات من النشطاء الإماراتيين غاضبة مثل تعليق الناشط الإماراتي عبدالله الطويل، والذي قال إن المشاهد الحصرية التي نشرتها القناة الإسرائيلية لشاحنات من السعودية والإمارات عبر الأردن تصل لإنقاذ "اسرائيل" من حصار الحوثيين البحري، وهي تمثل خيانة تمارسها الأنظمة العربية وستعاقب عليها مهما طال الزمن أو قصر.
كما أفادت التقارير أنه، وفي الشهر الماضي، وصلت الدفعة الأولى من الشحنات التجارية المحملة بالمواد الغذائية الطازجة من دبي إلى الاحتلال الإسرائيلي، من خلال الجسر البري الجديد البديل للبحر الأحمر عبر موانئ دبي، مرورًا بالسعودية والأردن، ويبلغ طوله ألفي كيلو متر وتستغرق الرحلة يومين، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية.
كما كشف موقع “واللا” الإسرائيلي، أنه تجري إدارة عمليات النقل من خلال تطبيق النقل الإسرائيلي Trakent، والذي صُمّم في سبيل تشغيل جسر بري من موانئ دبي بديلًأ عن الرحلات البحرية عبر البحر الأحمر، لاستيراد المنتجات الغذائية الطازجة وتصديرها، والتي لن تنجو من رحلة السفينة حول أفريقيا. وأضاف أنه، في الأسابيع الأخيرة، أكملت عشر شاحنات أولى الطريق الطويل من موانئ الخليج إلى "إسرائيل".
وكانت صحيفة معاريف قد كشفت، في شهر ديسمبر الماضي، عن اتفاق بين الإمارات و"إسرائيل"، يقضي بإنشاء جسر بري بين ميناءي حيفا ودبي؛ لــــ"تجاوز تهديد الحوثيين" للسفن التي تمر عبر البحر الأحمر. وذكرت الصحيفة أنه في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة، وُقّع اتفاق مع شركة "بوريترانس" للخدمات اللوجستية التي تتخذ من دولة الإمارات مقرا لها، والتي تعمل بالتعاون مع موانئ دبي العالمية، يتمّ بموجبه تشغيل جسر بري لنقل البضائع على طريق يربط دبي والمملكة العربية السعودية والأردن بميناء حيفا في إسرئيل والعكس.
كما يُلاحظ، في هذا السياق، لقد ذُكرت دول وأسماء شركات، ولم ينُشر أي تكذيب ولا حتى التعليق حولها، وهو ما يشي بصحة الأمر. وهنا يبرز سؤال كبير حول تداعيات ذلك الأمر مع تصاعد الصراع، وخاصة بعد تطور الأمر في البحر الأحمر والعدوان الأمريكي والبريطاني على اليمن بسبب الموقف اليمني الذي يدفع اليمن ثمنه بهدف تضييق الحصار على العدو لرفع الحصار عن غزة.
فهل سيؤدي هذا التصعيد لاستهداف من يُفشل المبادرة اليمنية، ويحاول انقاذ "إسرائيل"؟
هل سيؤدي الأمر لتصعيد في الخليج، وسيكون له تأثير على الهدنة الراهنة في الحرب بين السعودية والأمارات من جهة وبين اليمن من جهة أخرى؟
ممّا لا شك فيه أنها ألعاب خليجية خطرة؛ فضلًا عن أنها مخزية لمساعدتها العدو وإسهامها في إبقاء الحصار على الأشقاء في غزة...!