يوسف حمود - الخليج أونلاين-
مر عامان على اندلاع الحرب في أوكرانيا، وليس ثم ما يبرر الاعتقاد بأنها ستنتهي قريباً، ولا ترى موسكو وكييف، أو أي من حلفائهما، أرضية مشتركة لتسوية سلمية.
فبينما تصر كييف على أحقيّتها في استعادة كل الأراضي ضمن حدود الدولة المعترف بها دولياً، وعلى طرد القوات الروسية خارج تلك الحدود، لا تزال موسكو ترى أن أوكرانيا بلد غير قانوني، وعليه ستواصل عملياتها حتى تحقق أهدافها.
لكن محاولات دولية تقودها بعض الأطراف، ومنها قطر، تسعى لتحقيق تفاهمات قد تنجح في التوصل لحلول تنهي هذه الأزمة التي أثرت على العالم بأجمع سياسياً واقتصادياً. فهل تتمكن قطر عبر المؤتمر الذي سيعقد على أراضيها من إرساء أرضية لوقف الحرب؟
اجتماع بالدوحة
في ضوء عدم إظهار أي من طرفي الحرب في أوكرانيا نية للاستسلام، وفي ضوء بقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ما يبدو في السلطة، تستعد قطر لاستضافة اجتماع دولي بشأن حرب الطرفين.
وقالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية (24 أبريل 2024)، إن العاصمة القطرية الدوحة تستضيف، نهاية الأسبوع الحالي، اجتماعاً لمستشاري الأمن القومي وكبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم، لمناقشة عقد قمة حول شروط أوكرانيا للتوصل إلى تسوية مع روسيا.
ونقلت الوكالة عن مصادر لم تكشف عن هويتها، أن قائمة الحضور للاجتماع في العاصمة القطرية لم يتم الانتهاء منها بعد، مشيرةً إلى أنه "لم تتم دعوة روسيا، وما يزال من غير الواضح حضور الصين للاجتماع أم لا".
ووفق "بلومبيرغ" فإن "حضور الصين مهم لنجاح القمة، نظراً للنفوذ الذي تتمتع به بكين على موسكو بعد مرور أكثر من عامين على الحرب".
نقاط الاجتماع
ويدعو مخطط أوكرانيا للسلام إلى احترام سلامة أراضي البلاد وسيادتها، وانسحاب القوات الروسية، فضلاً عن ضمانات بشأن أمنها في المستقبل، كما يتضمن أحكاماً محددة لحماية مولداتها النووية وإمداداتها الغذائية.
وتريد كييف أن يتم الاتفاق على هذه المبادئ على نطاق واسع بقمة يونيو في سويسرا، تمهيداً لأي محادثات محتملة تشارك فيها روسيا.
وينظر إلى الصين على أنها مشارك رئيسي لإعطاء وزن لأي اتفاق، ومن ثم فإن مسألة حضورها الاجتماع أمر بالغ الأهمية، حيث لم تشارك حتى الآن بخصوص الحرب إلا في اجتماع واحد سابق عقد في السعودية في أغسطس الماضي.
ويأتي اجتماع مسؤولين من مجموعة السبع، وما يسمى بالجنوب العالمي، في إطار جولة من المحادثات لتمهيد الطريق لقمة رفيعة المستوى من المقرر أن تستضيفها سويسرا في يونيو.
وشملت بعض هذه الاجتماعات عشرات الدول الأخرى من الخليج ومجموعة الـ20 ومجموعة "بريكس"، وهي منظمة تضم البرازيل والهند، كما عقد تجمع أصغر في ديسمبر الماضي.
رغبة لتعزيز موقف أوكرانيا
يرى الباحث في العلاقات الدولية، أحمد مولانا، أن انعقاد الاجتماع لافت؛ لكونه يأتي بعد إقرار واشنطن مساعدات لأوكرانيا بقيمة 60 مليار دولار.
ويؤكد أن الاجتماع وإقرار المساعدات "يشير إلى رغبة أمريكية غربية في تعزيز موقف أوكرانيا قبل إجراء مفاوضات جادة".
وفي المقابل، وفق حديث مولانا لـ"الخليج أونلاين"، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لن يتنازل أمام إدارة (نظيره الأمريكي جو) بايدن، وسينتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة".
وأشار إلى أنه سبق أن عقد اجتماع شبيه بالرياض في أغسطس 2023، "ولم يسفر عن شيء"، مضيفاً: "لذا قد يكون الهدف من الاجتماع الحالي الوقوف على مستجدات موقف كل طرف دون المراهنة على عقد تفاهمات حالياً".
الدور القطري
وأياً كانت مخرجات هذا الاجتماع فإنه يبرز الدور الناجح لقطر في وساطاتها الدولية المختلفة، فضلاً عن نجاحها الذي بدأته في هذه الأزمة مؤخراً من خلال وساطة لتبادل أطفال من الجانبين.
وقبيل الاجتماع المرتقب كانت الدوحة قد استضافت، (24 أبريل 2024)، جولة مفاوضات مباشرة لأول مرة بين موسكو وكييف، في إطار جهودها لجمع شمل العائلات المتأثرة بالصراع الروسي الأوكراني.
وعقب الاجتماع أعلنت مفوضة شؤون الأطفال الروسية التوصل إلى اتفاق مع كييف لتبادل 48 طفلاً نازحاً بسبب الحرب، وقالت: "إنها المرة الأولى التي نجري فيها محادثات مباشرة وجهاً لوجه مع الجانب الأوكراني برعاية قطرية".
ونقل موقع "الجزيرة نت" عن المفوضة الرئاسية لحقوق الطفل، ماريا لفوفا بيلوفا، قولها إن الجانب القطري كان وسيطاً مهماً خلال مراحل المفاوضات، مشيرة إلى أنه تم إحراز تقدم كبير في ملفات "إشكالية"، حيث تم لم شمل 5 أطفال من 3 عائلات مع أقاربهم في روسيا، و28 طفلاً من 22 عائلة مع أقاربهم في أوكرانيا.
بدورها نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن وزيرة الدولة القطرية للتعاون الدولي، لولوة الخاطر، أن هذه المحادثات التي تجري خلف الكواليس، كما هو الحال مع روسيا وأوكرانيا، تعد "إحدى الركائز الأساسية لسياستنا الخارجية"، مشيرة إلى دور أكبر للدوحة في مناقشات بين موسكو وكييف في المستقبل.
ونجحت وساطة قطر، أواخر شهر مارس الماضي، في لم شمل دفعة جديدة من الأطفال مع عائلاتهم، في إطار جهودها المستمرة بهذا الصدد. ونقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء حينها أن روسيا سلمت 6 أطفال أوكرانيين لبلادهم، ونجحت الدوحة سابقاً في لم شمل عدة أطفال أوكرانيين مع عائلاتهم.