الحياة السعودية-
أبدت «حملة السكينة» تحفظاً على الظهور الإعلامي للعناصر العائدة من تنظيمات إرهابية مثل «داعش» و«القاعدة»، داعية إلى وضع ضوابط تقيد هذا الظهور، ورأت الحملة خلال حوارها في اللقاء الأكاديمي الأخير للخبراء العالميين في مكافحة الارهاب، الذي نفذته مراكز البحث والدراسات في جامعة كنغز البريطانية وشاركت فيه حملة «السكينة» التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، أن عناصر هذه الجماعات تجاوزت المرحلة الثالثة على صعيد المتغيرات الفكرية التي مرت بها طوال الـ15 عاماً الماضية، مؤكدة على دراسة هذه المتغيرات، لأن «الدول التي تنجح في التعامل مع المتغيّرات ستكون الأقل تضرراً في موجات الإرهاب المقبلة».
ونصحت «السكينة» بألا يتم الاحتفاء بالعناصر العائدة من التنظيمات الإرهابية، وتقليص ظهورهم في وسائل الإعلام، أو تشجعيهم على رواية القصص، «لأن هذا جزء من التسويق للفكرة الأساس»، مشيرة إلى أنه غالباً لا تخلو مقالاتهم من «تلميع لرموز الإرهاب أو لأفكار متطرفة».
إلا أن الحملة رأت أنه قد يستفاد من قصصهم وتجربتهم في «مساحات محدودة للمتخصصين، وتحت إشراف أمني وفكري، أما ظهورهم غير المُقيّد في وسائل الإعلام فهو تصفيق حار واحتفاء في مرحلة من مراحل الإرهاب».
وقالت: «ننصح العائد بأن يطوي الماضي كله، ويبدأ من جديد، ويمارس حياته بعيداً جداً عن كل ما يتعلق بماضيه، أما الاحتفاء بالعائدين وقصصهم وإبرازهم فهذا غير مناسب، وله تداعياته وتأثيراته السلبية».
ورأت «السكينة» أن الحال الفكرية للجماعات والتنظيمات الإرهابيّة منذ 2003 مرّت بثلاثة متغيّرات أساسية، يمتد الأول من 2003 إلى 2005، واطلق على هذه المرحلة «العنفوان الفكري»، وصاحبها حضور إعلامي إلكتروني مُمنهج، وثراء معرفي، وحرصت الجماعات، خصوصاً تنظيم «القاعدة» في هذه المرحلة على نقل كل خبراتها ومعرفتها وحتى معسكرات التدريب إلى مواقع الإنترنت.
وتمتد المرحلة الثانية من 2006 إلى 2011، وتحديداً إلى مقتل أسامة بن لادن، وهي مرحلة اتسمت بـ «الكمون» والتراجع، وبناء خلايا عالمية متناثرة، وهي المرحلة التي أنتجت تنظيم «داعش» في ما بعد، وحرصت فيها الجماعات على الخروج من المعارك الميدانية بأقل الخسائر، وكذلك تثبيت أفكارها ومنهجها لدى الأتباع.
فيما تغطي المرحلة الثالثة الفترة من 2012 إلى 2016، الذي اتسم بـ«جيل وفِكر أكثر توحّشاً، سواءً تنظيم داعش 2014، أو القاعدة وغيرهما من تنظيمات متوسطة، جميعها ارتفع لديها منسوب العنف والتوحش».
وأكدت «حملة السكينة» خلال اللقاء الذي جمع متحدثين دوليين ذوي خبرة أن هذه المرحلة «مهمة»، لأنها كشفت التسلسل الفكري للعنف الدموي، وأيضاً كشفت أن الأفكار لا بد أن تحارب بالأفكار قبل أن تتضخم وتتطور. وقالت الحملة تعلمنا منها كذلك أن الإرهاب «يتبرعم» وينمو في الظل وفجأة نجده في شوارع المدن. ولفتت إلى أنه غالباً ما تسير التنظيمات بمنهجيّة متقاربة وسنن متشابهة، لذلك فإن الدول التي تنجح في التعامل مع المتغيّرات ستكون الأقل تضرراً في موجات الارهاب المقبلة.
وكانت حملة السكينة لتعزيز الوسطية التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية شاركت أخيراً في اللقاء الأكاديمي للخبراء العالميين في مكافحة الإرهاب، الذي نفذته مراكز البحث والدراسات في جامعة كنغز البريطانية وذلك باستعراض تجربتها في التعامل مع ملف مكافحة الإرهاب، اذ تعد الحملة اول وأكبر منصة إلكترونية في تعزيزالوسطية ومواجهة ومعالجة الإرهاب.
وكشفت «حملة السكينة» خلال اللقاء عن استفادة 160 جهة عالمية من برنامج «نقل الخبرة» الذي أطلقته أخيراً بعد تلقيها دعوات من دول أوروبية وآسيوية لنقل التجربة، مشيرة إلى أن البرنامج يقوم على التدريب والإرشاد، ونقل المناسب من المحتوى والمعرفة مع الاحتفاظ الخصوصية الفكرية لكل بلد وبصمته المعرفية، اذ تم تنفيذ البرنامج كمرحلة أولى في عدد من الدول وفق جداول زمنيّة ومنهجية مختلفة، وذلك بهدف تحفيز المجموعات والمهتمين بتطبيق نماذج في مواجهة الإرهاب وتعزيز الوسطية بطرق تناسبهم في بيئاتهم المختلفة.