راي الوطن العمانية-
يشكل معرض مسقط الدولي للكتاب فرصة حقيقية تفتح الآفاق لتلك العقول المبدعة للتلاقح الفكري وتلاقي الأفكار وتبادلها، ويحفل المعرض هذا العام بمشاركة أكثر من 650 دار نشر تنتمي لـ27 دولة عربية وأجنبية، وتتنوع ما بين المشاركة المباشرة والمشاركة عبر التوكيلات، بإجمالي عناوين مدرجة بالموقع الإلكتروني بلغت 250 ألف عنوان متاحة عبر محرك البحث بالموقع الإلكتروني للمعرض. كما يشهد هذا العام مشاركة دور نشر لأول مرة من الجمهورية الباكستانية والجمهورية الإيطالية، ما يعني مشاركة أهم الكتاب والمثقفين العرب والأجانب بالإضافة إلى أهم دور النشر ومؤسسات الإنتاج الثقافي حول العالم.
ويعد المعرض متنفسًا تنتظره الأنفس التواقة للنهل من بحر العلوم والآداب والاستزادة الثقافية، كما أنه يقوم بتنمية الوعي والشغف بالقراءة، فهو ملتقى لتوسعة المدارك يقود غالبًا لإدراك الحقائق، خصوصًا في حالة التخبط والاضطراب في كافة مناحي الحياة التي تمر بها المنطقة، فهناك من يسعى دائمًا لتدمير الشخصية العربية وتسطيحها، عبر غرس مفاهيم غريبة، تدمر الذات العربية مستغلة وسائل لا ترتقي لمصداقية الكتاب، وبالتالي يمثل المعرض فرصة للتأكيد على وعي هذه الجماهير بأهمية الثقافة ودورها في تحصين الإنسان العربي، ومعالجة واحتواء ما خلفته النكسات الحضارية التي تعاني منها البشرية الآن.
وللمعرض أيضًا بُعد اقتصادي تجاري كونه يضيق المساحة الجغرافية أمام طالب الكتاب والباحث عن الجديد في عالم الثقافة، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام الناشر لعرض جديده أمام أكبر شريحة ممكنة من الناس، كما يشكل ملتقى بين المشتغلين في صناعة الكتاب، وبين صناع الثقافة من المبدعين والمثقفين والكتاب من جهة أخرى، حيث يكون المعرض فرصة للترويج للمنتجات المتصلة بالمعرفة. كما يتيح فرصة لعقد صفقات، سواء صفقات بيع وشراء للمنتجات أو لحقوق الطبع والنشر وعقود الشراكة والوكالة.
كما يتيح المعرض للمواطن العماني أجواء من التفاعل الفكري، حيث يعد منبرًا مفتوحًا على كل الثقافات، ويظهر الإبداعات الأدبية بكل مجالاتها الشعرية والروائية والنقدية والفكرية والسياسية والعلمية، فيقدم نتاجات النخب المخضرمة مع الأجيال الصاعدة، وهو يواكب التطور العالمي في عصر المعرفة الذي يعتمد على قوة الفكر وغزارة المعلومات التي يقاس بها تقدم الأمم. فبكل المعايير يعد المعرض ظاهرة إيجابية، تعكس تميز السلطنة بعلاقة طيبة تجمعها مع الشعوب والمثقفين على مستوى العالم.
فالأرقام السابقة لدور النشر والعناوين توضح دور المنظِّمين في عملية التجديد وزيادة جرعة المعروض من العناوين والكتب والمؤلفات، كما تبين الحركة العلمية وحركة التأليف المصاحبة وتوسعها، والرغبة في احتضان كل جديد على الساحة العلمية والثقافية والأدبية والمعرفية ومختلف الفنون، لذلك يحق للوسط الثقافي والعلمي في السلطنة وخارجها أن يحتفي بالمعرض لكونه رافدًا من روافد الفكر والمعرفة، وتظاهرةً الجميل فيها أنها تتكرر كل عام والأجمل حصادها المعرفي، إلى جانب أنواع الحصادات الأخرى.