ثقافة » نشاطات

الخيل والليل والقرطاس والقلم تستعيد ألقها في سوق "عكاظ"

في 2016/08/11

يشكل سوق عكاظ بما يعنيه من قيمة معنوية وتاريخية، معلماً سياحياً فريداً في المملكة العربية السعودية، ويعتبر واحداً من أهم الروافد السياحية؛ حيث يجمع زوراه بين التقنيات الحديثة مع جغرافية المكان، وقيمته التاريخية الأصيلة، فإذا ذُكر الخيلُ والسيفُ والقرطاسُ والقلمُ، ذكر عكاظ.

وتأتي أهمية هذا السوق في الوقت الحالي من كونه ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه، يقصده المثقفون والمهتمون بالأدب والثقافة، كما أنه يعيد إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل، ويستعرض ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته، ويقدم في كل مهرجان احتفالاً واحتفاءً بأحد شعراء المعلقات ليؤكد اتصال التراث بالحاضر.

ويقدم عكاظ العديد من الفعاليات والجوائز على مستوى الوطن العربي، حيث يغطي مساحة واسعة من الإبداع الفني؛ ابتداءً من الشعر مروراً بالفن التشكيلي والتصوير الضوئي والخط العربي وانتهاء بالفلكلور والحرف.

- الدورة العاشرة

أمير منطقة مكة المكرمة، خالد الفيصل بن عبد العزيز، افتتح أمس الثلاثاء، الدورة العاشرة لفعاليات سوق عكاظ، وذلك بمقر السوق في منطقة العرفاء، قبل أن يفتتح معرض عكاظ المستقبل.

الأمير خالد الفيصل اطلع على ما تحويه "جادة عكـاظ"، وشاهد عروضاً لنماذج من الحياة اليومية التي كانت معروفة في السوق قديماً؛ ومنها: مرور القوافل والشعراء على الإبل والخيل، وإلقاء القصائد بالعربية الفصحى، وكذلك عروض للألعاب الشعبية.

السوق التاريخي يضم أيضاً محال للحرف والصناعات اليدوية التي يعمل فيها حرفيون وحرفيات من المملكة ومن بعض الدول العربية، كما أنه يضم أيضاً محال للأسر المنتجة للمأكولات الشعبية، والمقاهي، ومحال عرض المقتنيات والقطع الأثرية وبيعها، وبيع الهدايا التذكارية التاريخية اليدوية.

وعلى هامش افتتاحه للدورة الجديدة للسوق، شاهد أمير مكة عروضاً للفنون الشعبية من الفرق المشاركة في مسابقة الفولكلور الشعبي. وقلَّدت شاعرة عكاظ في دورته الماضية، ربى الحاج، البردة للفائز بجائزة شاعر السوق لهذا العام، الأردني محمد محمود العزام، كما قدم الشاعر جاسم الصحيح جائزة شباب عكاظ للشاعر السعودي خليف بن غالب الشمري.

وقدم مدير الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، سلطان البازعي، الفائزين بجائزة لوحة وقصيدة، وهم: عبد الرحمن خضر الغامدي (المركز الأول)، ومحمد علي الشهري (المركز الثاني)، وسعيد الهلال الزهراني (المركز الثالث). وتضمنت الفعاليات عرض فيلم عن رؤية 2030 بعنوان "اقتصاد مزهر ومجتمع حيوي ووطن طموح".

كما تسلم الروائي السعودي مقبول موسى العلوي، جائزة الرواية التي تم استحداثها هذا العام، وذلك عن رواية (البدوي الصغير)، كما تسلم الفائزون بجائزة الخط العربي؛ وهم: عبد الباقي أبو بكر من ماليزيا، محفوظ ذنون يوسف من العراق، ويحيى محمد فلاته من نيجيريا.

وفاز بجائزة التصوير الضوئي، عبد الرحمن إبراهيم الماجد من البحرين، وظافر مشبب الشهري من السعودية، وقاسم محمد الفارسي من السعودية أيضاً. في حين ذهبت جائزة "مبتكر عكاظ" إلى الدكتور أنس محمد باسلامة، من السعودية. أما جائزة "رائد أعمال عكاظ"، التي تم استحداثها خلال الدورة الحالية، فكانت من نصيب لؤي محمد نسيم من السعودية.

واختتم فنان العرب محمد عبده فعاليات الافتتاح بأغنية "أفاطمُ مهلاً"، وذلك بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والأمير تركي بن سعود بن محمد، رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ووزير الثقافة والإعلام، الدكتور عادل بن زيد الطريفي، ونخبة من المسؤولين والمثقفين.

- تاريخ يتجدد

وقديماً اكتسب عكاظ أهميته من كونه أهم أسواق العرب وأشهرها على الإطلاق؛ إذ يعود تاريخه إلى ما قبل الإسلام، حيث كان الناس يفدون إليه من اليمن والعراق والشام، وهم في طريقهم إلى مكة للحج، فيمكثون فيه شهراً، فيتحول السوق خلال هذا الشهر من السنة إلى مهرجان وسوق وملتقى كبير.

وكان الشعراء يلقون الشعر فيه ويفاخر بعضهم بعضاً، وورد عن الخليل بن أحمد حول كلمة عكاظ قوله: "وسُمّي به لأن العرب كانت تجتمع فيه كل سنة فيعكظ بعضهم بعضاً بالمفاخرة والتناشد: أي يُدعك ويُعرك، وفلان يعكظ خصمه بالخصومة: يمعكه".

في عام 2007 أعيد إحياء فعاليات سوق عكاظ بإقامة مهرجان ضخم يشمل فعاليات ومسابقات ونشاطات مختلفة، توزع فيه الجوائز على الفائزين في مسابقاته، وذلك بعد انقطاع دام نحو 1300 عام جذبت خلالها المدن الكبيرة في مصر والعراق والشام الناسَ؛ ما أضعف الحاجة لسوق عكاظ ودوره التجاري خاصة.

ويعيد عكاظ بفعالياته إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل، ويستعرض ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته، ويقدم في كل مهرجان احتفالاً واحتفاءً بأحد شعراء المعلقات ليؤكد اتصال التراث بالحاضر، وتجدد المحافظة على الماضي وما حفل به من تاريخ وأحداث وأمجاد.

وتقام خلال مهرجان سوق عكاظ مجموعة من المعارض، ويشمل معرض الهيئة عرض مجموعة من الصور المميزة لأهم مناطق المملكة، وعدداً من البرامج كـ"بارع" للحرف اليدوية صاحب أهم جائزة خلال المهرجان، وبرنامج لا تترك أثراً، وجائزة ألوان السعودية. كما تشهد أيام السوق أعمالاً تمثيلية تاريخية، يقدمها مجموعة من الممثلين المشاهير، وتعرض كل الأعمال باللغة العربية الفصحى.

من خلال معرض البعد الحضاري في السوق، يمكن التعرف على مجموعة كبيرة ورائعة من الصور التعريفية عن الطرق التاريخية، ومواقع التراث والمتاحف والحرف والصناعات التقليدية وأهم قصور المملكة.

ومؤخراً بات السوق التاريخي مقصداً مهماً من المقاصد السياحية والمعالم الثقافية، التي ينتظر الوفود إليها زوار المملكة من السياح والوفود لرؤية فعالياتها، التي تمثل كرنفالاً تراثياً وتاريخياً غنياً بالثقافة والفنون.

وأعلنت إدارة مهرجان سوق عكاظ أن 24 شاعراً من 10 دول عربية سيشاركون في الدورة العاشرة للمهرجان الذي يبدأ الأسبوع القادم، ويعد أكبر ملتقى شعري في السعودية والخليج.

وقالت اللجنة الإعلامية للمهرجان إن شعراء من مصر، وتونس، والمغرب، والعراق، والأردن، والإمارات، والكويت، والسودان، وموريتانيا، والسعودية، سيشاركون في دورة هذا العام.

ويقام مهرجان سوق عكاظ في الفترة من 9 إلى 19 من أغسطس/آب الجاري.