ثقافة » نشاطات

الإجازة.. حضور (هيئة الترفيه) يزاحم جنون السفر

في 2017/04/03

إذا كانت الإجازات المدرسية ضرورة لا غنى عنها لالتقاط الأنفاس، واستئناف العام المدرسي بروح أكثر تحفزاً ونشاطاً وإيجابية، فإن حضور مظاهر الترفيه وروافده حاجة إنسانية لا غنى عنها أيضاً في هذه الإجازات، وإلا تحولت الأخيرة إلى وقت فراغ قاتل، وفقدت معناها وغرضها، بل ربما انعكست سلباً على بقية العام.

وعلى رغم حضور هيئة الترفيه القوي هذا العام، ودخولها في تنظيم وتحفيز سوق المهرجانات والفعاليات الترفيهية، إلا أن الترفيه البسيط -خلافاً عن السفر- ما زال طاغيا على اهتمامات الأسر السعودية، ربما بحكم العادة أو الجهل بزخم الفعاليات الذي تدعمه الهيئة علاوة على غلاء أسعار بعض الفعاليات، مثل الحفلات الموسيقية التي سجلت حضوراً لافتاً هذا العام، وبعض المهرجانات العالمية التي حظيت بتغطيات إعلامية ضخمة لكنها لم تدخل في حسابات الأسر عموماً، فمعظم من التقتهم "الرياض" كان مفهوم الترفيه لديهم ينحصر في السهر وطلعات البر أو البحر، فغالبية الأمهات أجمعن أن الأولاد يفضلون السهر ورؤية الشروق والغروب عند شاطئ البحر أو على كثبان الرمال الذهبية، يليها المولات والمهرجانات السياحية، ثم تتفاوت الرغبات بعد ذلك حسب كل نوع وفئة عمرية، ففي حين فضلت الفتيات مهرجانات التسوق، يفضل الأطفال استخدام الأجهزة الذكية بدون تقنين أو ساعات محددة والذهاب إلى الملاهي، أما المراهقين فأعينهم على المهرجانات الترفيهية سواء في جدة التاريخية أو في أي مكان آخر لما لها من أجواء مميزة تجعل لها ذكرى جميلة في القلوب.

واجب إلزامي

أكّد المحلل النفسي والمختص في القضايا والدراسات الأسرية والمجتمعية د. هاني الغامدي أنّ الإنسان بطبعه يحتاج إلى وقفات بين ما هو عليه من الأمور الخاصة بالالتزامات اليومية سواء كانت عملاً أو دراسة، وبالتالي حينما تأتي فرصة للإجازة فتتوق النفس لممارسة الترفيه بشكل أو بآخر، والترفيه له عدة طبقات ومستويات وشرائح، حيث إن هناك من يعتقد أن الترفيه واجب وإلزامي أن يكون خارج المدينة أو خارج البلد كلها، وهناك من يعتقد أن الترفيه جزء من الراحة اليومية لجعل الجزء الخاص من الإحساس أو هذه المشاعر من خلال الفعاليات أو الأنشطة التي تقوم بها الجهات المختصة.

فطرة يجب احترامها

وقال: إنّ الإنسان يحتاج إلى الترفيه بشكل أو بآخر وهو أمر فطري وطبيعي تحتاجه النفس ويحتاجه العقل حيث إنه يغير من مكان التجربة إلى مكان مختلف، وبالتالي تستقي النفس الإحساس بالزهو من خلال ما قد يمارسه الإنسان من ما هو عليه موضوع الترفيه.

وأضاف "أما أنواع الترفيه فهي التي تختلف الآراء فيها من شخص إلى آخر وتختلف أيضا المقدرات من عائلة إلى أخرى بحكم أن العملية تندرج تحت مسمى الترفيه دون أن يكون هناك إلزام للنفس بأن الترفيه يجب أن يكون سفراً على سبيل المثال أو ذهاباً إلى أماكن معينة، ولكن الترفيه للنفس يعتنقه الأفراد من ضمن مجموعة محددة وهي الأسرة والعائلة ولكن باتفاق مع الجميع بأن هناك حاجة ماسة وأكيدة للنفس بأن يكون هناك ترفيه ووقفة من خلال ما قد تعودت عليه من الروتين من خلال العمل أو الدراسة".

وتابع: "وعلى رب الأسرة أن يضع من البداية في مخطط ميزانية الأسرة توفير مبلغ شهري بأن هناك أياماً ستأتي، ستكون الأسرة بحاجة لممارسة الترفيه بحسب مقدرة الأسرة، وأن لا يكون هناك مصادمة"، مضيفاً: "في كثير من البيوت والأسر تتحول أيام الإجازة إلى أيام نكد، فأصبح هناك تصادم بين الأبناء والبنات والأم والأب وما بين الزوج والزوجة في متطلبات أبنائهم أو متطلباتهم الشخصية، ومنتهى الأنانية حينما يتفرد الأب بالذهاب إلى رحلة أو إلى الخروج أو إلى السهر في أيام الإجازة، وترك الأبناء والزوجة دون أن يكون هناك أمر مضافا وإلزامية على نفسيته التي تحتوي على جزء من الأنانية، بما يخص عدم الاكتراث بما قد تتطلب نفوس الآخرين في الأسرة، أو أن تتحول الإجازة أو مفهوم الترفيه للانطلاق إلى الأسواق أو المجمعات والمطاعم بحيث إن النفس تمل من تكرار التجربة وبالتالي لا يعتبر هذا الأمر ضمن ما هو عليه من الإشباع الخاص بمفهوم الترفيه أو مفهوم إسعاد النفس أثناء الإجازة للخروج من دائرة الملل وتكرار ما كان عليه من العمل أو الدراسة".

توطين الترفيه

وقال: إن على هيئة الترفيه وعلى الجهات الأخرى والمستثمرين أن يطرحوا مشروعات وبرامج وفعاليات ضمن الخطوط التي يقبلها أفراد المجتمع في السعودية، من خلال الاستثمار في هذا الجانب، وهو جانب تصب له مليارات من الريالات خارج المملكة في كل فرصة من إجازات السنة الدراسية، مضيفاً "ونحن على علم بأن كثير من الأشخاص يسافرون خارج المملكة في دول مجاورة ويخرج المبلغ النهائي مليارات من الريالات تكون قد صرفت في ما يخص موضوع الترفيه، لذلك على الجهات المعنية أن تتكتل في تسهيل عملية توطين الترفيه بدلاً من أن يكون الترفيه خارج المملكة، لأن التوطين للترفيه داخل المملكة سيضم الخط الشرعي والخط العرفي الاجتماعي".

كما دعا لتوفير كافة الوسائل الخاصة باحترام العميل وتقديره، وقد شاهدنا في بعض الفعاليات لم يكن هناك اهتمام بمواقف للسيارات، ولم يكن هناك اهتمام ببعض أمور النظافة، أو بعملية الترتيب لدخول وخروج الزوار أو الاهتمام بالمبالغ العالية التي تستنزف جيوب المواطنين، فالعملية تحتاج إلى ذوق عام وإتيكيت لتوطين هذا المفهوم وهذا الاستثمار العام لتوطين الترفيه واحترام العميل وتقديره لا أن يكون مجرد إقامة فعاليات.

فعاليات كثيرة

ومن جانبه يقول مدير عام شركة لتنظيم الفعاليات والمعارض والمؤتمرات عادل بابكر إن مدينة جدة وغيرها من مدن المملكة بدأت تتنبه لجانب الترفيه المنظم أخيراً، فتنظم في الإجازة فعاليات كثيرة، وبالنسبة للإجازات القصيرة التي تكون ما بين الفصول الدراسية عادة يكون الإقبال عليها كبيراً، وخصوصاً في مدينة جدة التي يأتيها الزوار من كافة أنحاء المملكة إذ دائما يبحثون عن الفعاليات الكبيرة في المدن السواحلية أو المدن الصيفية كجدة وأبها والمنطقة الشرقية.

وأضاف: "في السابق كان الأهالي ينتظرون الإجازات لتكون شعلة الفعاليات متوهجة في ذلك الحين، أما الآن ومع قدوم هيئة الترفيه أصبحت الفعاليات تقام بشكل أسبوعي وهذا من الممكن أن يقلل من وهج الفعاليات ما إذا كانت أسبوعية".

وقال: "أما فيما يخص الإجازات في الأعياد عادة ما تكون اجتماعات للعوائل وتقتصر على الزيارات، ففي الغالب لا يكون هناك إقبال كبير جداً مثلما يكون الحضور في الإجازات المدرسية"، مشيراً إلى أنّه بالنسبة للفعاليات التي تقدم فإنها مناسبة لجميع الفئات، مثل العروض الحركية والمسرحية أو حتى الستاند أب كوميدي موجهة دائماً لجميع الفئات، مستدركاً:"لكن ما نحتاجه اليوم إدخال هذه الفعاليات في المدارس وتبني إنشاء قطاع مختص بالفعاليات المدرسية لتصبح المدرسة بيئة ترفيهية جاذبة للتعليم وهذا ما نسعى ونحاول إيصاله للمسؤولين في هيئة الترفيه".

ونصح الأسر أن يكون الترفيه خلال الإجازة المدرسية لزيارة المدن الساحلية مثل أي سائح في الذهاب والتمتع بالأجواء في الكورنيش مثلاً، ومن تجهيز قائمة بالمطاعم المميزة الموجودة في المدينة، وأيضاً تجهيز خطة لزيارة الأماكن الترفيهية والأماكن التي تقام بها الفعاليات وهذا غالباً ما تقوم به الأسر من خطط وميزانيات في الإجازات.

أوضحت عضو هيئة الترفيه د.لمى السليمان أن الهيئة تضع معايير معينة للفعاليات بما يتناسب مع المجتمع والدين والعادات والتقاليد، وبدورهم الشباب وأصحاب الشركات يقدمون الأفكار والفعاليات التي يريدون تنفيذها أثناء المهرجان والهيئة توافق على الجيد منها.