كنت قد قلت فيما سبق، وفقني الله وعفا عني وعنكم، إن أكثر شيئين فقدا معناهما على مر العصور هما كلمة «الحب» وعبارة «إرادة الشعب»، وإن دلالتهما النبيلة تحولت إلى شيء مبتذل.
الحب، وإرادة الشعب أصبح سماعهما يستوجب توخي الحذر فهما يستخدمان الآن كتمهيد لبدء علاقة محرمة.
وبعيدا ـ ليس كثيرا ـ عن الحب والشعب وإرادته، فإني ومن هذا المنبر أطالب بإنشاء مجمع للمصطلحات يهتم بتزويد المتشاتمين على أعمدة الصحف ومواقع التواصل بقائمة محدثة لدلالات الألفاظ.
واللاشيء باللاشيء يذكر، فقد قرأت خبرا في تغريدة عن أن مجموعة من الطلاب الباكستانيين قاموا بضرب زميل لهم حتى الموت لأنه «ليبرالي»، وبعيدا عن صحة هذا الخبر من عدمه، إلا أن اللافت للنظر هو أن الردود على هذا الخبر كانت بالفعل مخيفة، فأكثرها يتمنى لو أن هؤلاء كانوا لدينا لكي يقوموا بتصفية المجتمع وتنظيفه من الليبراليين، أو من «بني ليبرال» كما يسميهم الإخوة الصالحون.
لأن كلمة الليبرالي تعني في دلالتها المجتمعية التي حقنت في أذهان الناس لعقود شخصا منحرفا يسكن مع أهله الذين لا يرتدون أي ملابس ويشربون الخمر بدلا عن الشاي والقهوة كل صباح. هذه هي الفكرة الموجودة التي تجعل مغردا يتمنى استقدام قاتل باكستاني لكي يقضي على هذا المنحرف وأشباهه من بني ليبرال.
صحيح أنه يوجد بعض «الدشير» الذين يطلقون على أنفسهم ليبراليين، تماما مثل فريق حارتنا حينما سمى نفسه برشلونة. هؤلاء يمكن أن يسموا «دشيرا أو سرابيتا» أو أي اسم مناسب آخر، ولكن هذا أيضا لا يبرر استقدام باكستاني لقتلهم.
وفي الجانب الآخر أيضا هناك من يتهمك بأنك داعشي مجرم إرهابي لمجرد أنك تختلف معه في نوعية الأغنيات التي تحب سماعها، أو لا تحب القناة التلفزيونية التي يتابعها، وتقول رأيك فيها وفي العاملين فيها وأنك لا تحبهم «كلياتهن».
وعلى أي حال..
الشتائم حق مكفول للجميع، وهو وسيلة ترفيه جيدة، فقط أتمنى استخدام المصطلحات والكلمات المناسبة في أماكنها الصحيحة حتى لا نشتم بعضنا بكلمات قد لا تعني أي شيء من الأساس.
عبدالله المزهر- مكة السعودية-