عواجي النعمي- الوطن السعودية-
انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي بمنطقة جازان خلال الأيام الماضية بإحدى فعاليات الترفيه خلال إجازة عيد الفطر المبارك حينما قامت إحدى الفرق المشاركة بتقديم فقرة فنية لفتيات صغيرات وهن يرقصن على خشبة المسرح. وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، وبين داعم للفكرة وبين مستهجن لها مطالب بوأدها. ولن نكون في صف أحد الفريقين، ولكن سنحاول معرفة لماذا هذا التراشق والسباب، ولماذا هذا الخلاف والاختلاف!
مع كل حادثة رأي عام ينقسم هذا المجتمع ويتشكل فريقان أحدهما متطرف الفكر وآخر ليبرالي المنهج. وكل فريق لا يقبل برؤية الطرف الآخر ويراه السبب في نكسة المجتمع.. إن كل مجتمع يريد أن يتقدم فعليه أن يصحح توجهاته الخاطئة، ويراجع طرق تفكيره، ويقوم بردم فجوة الاختلاف، ويخرج من حياة الرتابة والجمود، ويبتعد عن تقليد الآخرين وينجو بنفسه من الاستسلام للماضي، وهذا لا يتم إلا من خلال ممارسة نقدية هادفة. وفي ديننا الإسلامي فإن القرآن الكريم قد وضع الركائز الأولى لممارسة النقد الإصلاحي في المجتمع المسلم. لقد اعتاد الكثير أن مفهوم النقد هو إبراز العيوب والأخطاء، ولهذا أصبح النقد غير مقبول ولا يؤخذ به في معظم الأوقات. إن النقد الهادف هو الذي يقوم على تقييم الواقع وذكر المحاسن وسرد المشاكل وإيجاد الحلول على شكل أفكار جديدة أو توجيهات سديدة. إن أعظم ما يواجه أمتنا الإسلامية هو التعصب أو التقليد الأعمى لثقافات الآخرين، وترتب على ذلك أن ننهج إلى إخفاء تلك العيوب دون تقبل لحوار أو مناقشة لواقع مؤلم مع عدم رضا بالحلول الناجعة. وعليه فثقافتنا النقدية لا تستطيع العيش في هذا المحيط، وعليها أن تتطور من خلال الانفتاح على الآخرين وتقبل الرأي الآخر، كذلك فإن العقلية النقدية عليها أن تتكلم عن الأمل والمستقبل والتعايش.
إن الحوار الإيجابي يتطلب الوضوح في الطرح والبعد عن الغموض، فالغموض يعني نقص المعرفة وقصور الإدراك بواقع المجتمع. إن الحوار الهادف هو القلب النابض الذي يقول إن ذلك المجتمع هو مجتمع ميت أم حي.