الخليج أونلاين-
يعتبر التعطر والتطيّب من عادات بلدان الخليج العربي القديمة، التي توارثوها عن أسلافهم، حتى غدا اليوم موروثاً تراثياً.
ويحرص الخليجيون على وجود أجود أنواع العطر في بيوتهم، بل تضع مدن خليجية نصباً للمباخر ومرشات العطر؛ للدلالة على الاهتمام الشعبي المتوارث بالعطور.
ولا تخلو البيوت في بلدان الخليج كافة من العطور التي تُحرق في أوانٍ خاصة تسمى "مباخر" و"مداخن"، ومع أن الخليجيين يهتمون بتعطير منازلهم بشكل مستمر فإن ذلك يزداد في المناسبات.
وأهم هذه العطور "العود" الذي يعتبر أغلى أنواع العطور، بالإضافة إلى تعدد أنواعه، الذي كلما كان أكثر جودة كان أغلى سعراً.
العود الذي كان يعكس المكانة الاجتماعية للمضيف قديماً، وما زال، ارتبط ارتباطاً وثيقاً بكرم الضيافة الخليجية، وأصبح بمرور الزمن يرتبط بالكثير من مناسبات الحزن والفرح.
لذلك فإنك أينما تحل في أي دولة من دول الخليج العربي لا بد أن تجد رائحة العود؛ فهو يعد من الرموز الأساسية في الثقافة الخليجية، فقد تغنى به الشعراء وشكل مطلعاً لقصائد عدة.
وينفق الخليجيون مبالغ كبيرة على "العود"، وهو ما يشير إلى تحول منطقة الخليج العربي إلى سوق كبيرة ومهمة وناشطة لـ"العود" ومختلف أنواع العطور.
ما هو العود؟
والعود هو عبارة عن فطر يصيب الأشجار، فيفرز رائحة زكية، ويجري قطع عدة أشجار للحصول على الشجرة المصابة، وهذا ما يفسر سعره المرتفع؛ ذلك لأن أغلب الأشجار تقطع قبل أن تحظى بفرصة الإصابة بالفطر.
أما استخراج الدهن فيكون بعد دق قطع العود إلى قطع صغيرة، حيث يجري استخدام القطع والفتات الناتج عن عملية التنظيف، وليس القطع الكبيرة، ثم تنقع في الماء وتترك لتتخمر، قبل أن توضع في قدور الضغط الكبيرة، ويستخرج الدهن عن طريق عملية التقطير، ثم يحفظ في قوارير زجاج.
وتعتبر شجرة العود من الأشجار المعمرة؛ إذ يتراوح عمرها بين 60 و100 عام.
طرق الاستعمال
وتتعدد طرق استعمال العود ولعل أكثرها شيوعاً وضعه على الفحم في مدخن حتى يحترق وتنتشر رائحته العطرة.
ويجري تدخين الضيوف بعد تقديم الطعام وخلال شرب القهوة، وفي طريقة أخرى، وهي عادة تقتصر على أهل المنزل فقط، يصار إلى وضع المدخن بين الأرجل لتبخير الملابس.
وفي حين يقتصر البخور "الرجالي" على حرق العود، تلجأ النساء إلى "الدخون". والدخون تصنعه النسوة من عجينة من المسك والعود والعنبر ومجموعة من المواد العطرية تستعمل بعد تجفيفها، لتكون ترحيباً عطراً جداً بالضيوف القادمين.
جودة العود
وتقاس جودة العود وفقاً لجودة الخشب الذي دق أو طحن لاستخراجه، ويمكن تحديد جودته عن طريق وزنه ولونه من الداخل.
وهناك أنواع تكون أسعارها مرتفعة جداً، وللخبراء مقاييس كثيرة لمعرفة الجيد من المغشوش؛ منها أنَّ العود الأصلي لا يدمع العين ولا يؤذيها عندما يحترق، أما المغشوش فثمنه رخيص، ويعرف مباشرة بالرائحة الكريهة، وهو ضار جداً للصحة من جراء تصاعد مواد كيميائية منه عند الاحتراق.
ويعتبر العود الأزرق من أجود أنواع العود وأغلاها ثمناً، ويتميز بعدم تقطيره للدهن، ويليه عود الصندل، الذي يستخرج من أشجار الصندل المنتشرة في الهند وجنوب شرق آسيا، حيث يستخرج من لحائها زيت، ليصنّع بخور العود منها.
ويعد العود الكمبودي من الأنواع المميزة أيضاً، ويطلق عليه اسم "السوبر"، ويكون أقل سواداً من خشب العود الأزرق، ويميل لونه إلى البني أكثر من السواد.
والعود الكمبودي من الأصناف النادرة، ومن الصعب الحصول عليها؛ بسبب إجراءات إحضاره من الهند أو لسوء الأوضاع الأمنية في كمبوديا.
أيضاً هناك عود كلمنتان، ومصدره غابات جزر إندونيسيا، وسمي كذلك نسبة إلى مقاطعة كلمنتان الشرقية في جزيرة تاراكان، وهي الجزيرة المشتركة مع ماليزيا.
ويتميز عود كلمنتان بالرائحة القوية والزكية جداً، ولها انتشار وثبات في المكان وفي الملابس.
ويُعرف نوع آخر من العود يسمى العود الصناعي الفاخر، وينتشر استخدام هذا النوع بين العامة، حيث يتميز برائحة العود، واعتدال ثمنه، بحيث يصبح في متناول أغلب الناس، ويعد اختياراً جيداً للضيوف.
ونظراً لجودته وصعوبة الحصول عليه، بات العود من أغلى أنواع العطور في العالم، ويختلف سعر العود باختلاف نوعية الأخشاب التي يستخلص منها.
ووفقاً لتقارير اقتصادية سابقة، يصل إنفاق دول الخليج على منتجات العطور التقليدية التي تتضمن، بالإضافة إلى العود، كلاً من المسك والعنبر، ما يزيد على 3 مليارات دولار سنوياً.
وترتفع مبيعات العود في المناسبات العامة والخاصة، وتعتبر الأعياد مناسبة يحرص الخليجيون فيها على التبخير بأجود أنواع العود، لا سيما في عيدي الأضحى والفطر.