في 2025/11/05
عمر محمود - الخليج أونلاين
في مبادرة قطرية تعكس رؤية طموحة نحو مستقبل أكثر توازناً ووعياً بيئياً، انطلق أسبوع الاستدامة في قطر ليجمع بين الابتكار والتوعية، ويؤكد التزام الدولة الراسخ بتحقيق تنمية مستدامة تحفظ الموارد الطبيعية وتواكب المتغيرات العالمية.
ويعد هذا الحدث السنوي أحد أبرز المبادرات الوطنية التي تسلط الضوء على أهمية الاستدامة كخيار استراتيجي يدعم رؤية قطر الوطنية 2030، ويجسد الجهود المتواصلة في مواجهة تحديات البيئة وتغير المناخ.
وعلى مدار الأسبوع، تشهد الدولة سلسلة من الفعاليات والمعارض وورشات العمل التفاعلية التي تهدف إلى رفع الوعي المجتمعي، وتشجيع الأفراد والمؤسسات على تبنّي ممارسات أكثر استدامة في حياتهم اليومية ومجالات عملهم.
كما تبرز مشاركة الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتجسد وحدة الجهود الوطنية في بناء اقتصاد أخضر ومجتمع واعي بقضايا البيئة.
ويعكس هذا الحدث الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص، حيث تعمل الوزارات والمؤسسات الوطنية جنباً إلى جنب مع الشركات المحلية والدولية لتبادل الخبرات وطرح مبادرات مبتكرة تسهم في تعزيز الاقتصاد الأخضر وتشجيع الابتكار البيئي.
ويُعتبر أسبوع الاستدامة في قطر أكثر من مجرد فعالية سنوية؛ فهو رسالة وطنية تعبر عن وعي المجتمع القطري واستعداده للمساهمة في بناء مستقبل قائم على الكفاءة، والتقنيات النظيفة، والمسؤولية البيئية.
خلال الفترة من 1 إلى 8 نوفمبر المقبل، ستعمل الجهات الحكومية والخاصة على إطلاق أكثر من 400 فعالية في مختلف مناطق الدولة، تركز على الترويج لأنماط الحياة المستدامة، ودعم الابتكار، وتعزيز المشاركة المجتمعية، بما يعكس التزام قطر المتجدد نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهاراً.
مبادرة وطنية
الدكتور محمد سيف الكواري، الخبير البيئي ومستشار مكتب وزير البيئة والتغير المناخي في دولة قطر، أكد أن أسبوع الاستدامة في قطر يمثل مبادرة وطنية شاملة تتضافر فيها جهود الدولة وجميع الجهات المعنية، ويحمل أثراً وطنياً ورسالة مهمة على المستوى الإقليمي.
وفي تصريحات خاصة لـ "الخليج أونلاين"، أوضح الكواري أن قطر حققت إنجازات مهمة في أهداف التنمية المستدامة، مشيراً إلى الربط بين التنمية الوطنية والاستدامة من خلال مفاهيم مثل التنمية الوطنية المستدامة، والاقتصاد المستدام، والبيئة المستدامة، والتنمية الاجتماعية المستدامة.
وأضاف مستشار مكتب وزير البيئة والتغير المناخي أن قطر حققت نجاحات كبيرة في القضاء على الفقر والجوع، مؤكداً أن التعليم الجيد والصحة المتقدمة تمثلان علامات واضحة للتقدم الوطني في التنمية المستدامة.
واستعرض الكواري جهود الدولة في مواجهة التغير المناخي وحماية البيئة، قائلاً: " نفذت قطر مشاريع كبيرة للحفاظ على البر والبحر، وحماية الكائنات البحرية والغطاء النباتي".
وفي سياق الإنجازات في القطاع الزراعي أوضح أن قطر حققت قفزات كبيرة في الإنتاج الزراعي ووصلت إلى مستوى مرتفع من الاكتفاء الذاتي.
مشروع الطاقة المتجددة
وأضاف الكواري: "مشروع الطاقة المتجددة من أبرز إنجازاتنا، حيث تنتج الطاقة الشمسية في قطر نحو 1700 ميغاواط من خلال محطتين في مسيعيد ولفان، وهو رقم قياسي على مستوى المنطقة".
وأوضح أن أسبوع الاستدامة يسهم في تعزيز الوعي المجتمعي، قائلاً: "الاستدامة ليست مجرد قرارات حكومية، بل وعي مجتمعي بالدرجة الأولى، ففعاليات الأسبوع ومبادرات الوزارة مع المدارس والطلاب تدعم تطبيق الاستدامة عملياً".
وأكد أن "من المهم تحويل الدراسات والبحوث إلى مشاريع واقعية، مع التركيز على الطلاب ليكونوا جيلاً متعلماً ومثقفاً على مبادئ واستراتيجيات الاستدامة خلال العقدين المقبلين".
وبيّن الكواري أن جهود وزارة البيئة والتغير المناخي تشمل زيادة الغطاء النباتي وإعادة زراعة الأشجار المحلية مثل الغاف، والسدر البري، والعوسج، إلى جانب الحزام الأخضر الذي يمتد على 14 كيلومتراً لزراعة أشجار المنغروف، مما يسهم في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، والحفاظ على الكربون الأزرق في التربة، ودعم الحياة البحرية.
وأشار إلى أن المبادرات تشمل مشروع العشرة ملايين شجرة حتى عام 2030، مشاريع الطاقة النظيفة، وحماية البيئة البحرية، وزيادة الكائنات البحرية عبر المحافظة على الشعاب المرجانية، حيث أطلق نحو 50 ألف سلحفاة خلال 5 سنوات.
وبحسب الكواري، تركز دولة قطر على النقل المستدام من خلال المترو، والباصات، والسيارات الكهربائية، لتقليل الانبعاثات الغازية وتعزيز ثقافة النقل الصديق للبيئة.
وختم حديثه لـ "الخليج أونلاين" بالقول: "كل هذه المشاريع تجعل قطر نموذجاً رائداً في الاستدامة على مستوى المنطقة، ويشكل أسبوع الاستدامة منصة وطنية لتعزيز ثقافة المسؤولية البيئية والمجتمعية".
أسبوع الاستدامة في سطور
أُطلق أسبوع الاستدامة في قطر لأول مرة عام 2012 كمبادرة وطنية رائدة تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية الاستدامة وتشجيع المشاركة المجتمعية في حماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية.
وجاءت فكرة الأسبوع من الحاجة إلى توحيد الجهود الوطنية في مواجهة التحديات البيئية المتزايدة، ودعم توجه الدولة نحو تنمية مستدامة توازن بين التقدم الاقتصادي والحفاظ على البيئة، بما ينسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030.
ويقام أسبوع الاستدامة سنويا بمشاركة الجهات الحكومية، والمؤسسات التعليمية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، ويتضمن مئات الفعاليات والأنشطة التي تركز على نشر ثقافة الاستدامة، وتشجيع الابتكار البيئي، والترويج لأنماط حياة أكثر استدامة.
ويعد هذا الأسبوع اليوم منصة قطرية رائدة تجمع بين التوعية، والابتكار، والتعاون بين القطاعات المختلفة، لترسيخ مفهوم أن الاستدامة ليست هدفاً مؤقتاً، بل نهج حياة ومسؤولية جماعية نحو مستقبل مزدهر وصديق للبيئة.