ابن الديرة- الخليج الاماراتية-
حسناً تفعل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع حين تمضي حثيثاً، وبجدية ومثابرة لافتتين، إلى استكمال توثيق المشهد الثقافي في الإمارات عبر الموسوعة الثقافية الوطنية انطلاقا من إنجاز موقع إلكتروني متقدم يصنف مفردات وعناوين المشهد، ويعتبر اليوم مرجعية خصبة وموثوقة. هذا الجانب الذي تعيد إليه وزارة الثقافة بقيادة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع رونقه ومعناه، خصوصاً لدى التمسك بوعي عميق يبني على ما بني من قبل، ولا يروج لأية قطيعة مع ماضي الإنجاز. توثيق هذا الجانب الحيوي من جوانب حياتنا مهم وضروري، فالكثير من الإرث الوطني والإنتاج الأدبي، إبداعاً ودرساً، يضيع، لا محالة، في غياب الجهود المؤسسية خصوصا، يضيع كأن لم يكن. يزيد من الأهمية بل يجعلها أضعافاً مضاعفة أن جهد وزارة الثقافة مطوق بالإتقان من كل جانب، فكل معلومة مراجعة بشكل علمي عبر إعداد متميز، فلا توضع معلومة أو تاريخ أو رقم من دون تدقيق وعودة إلى الأصول. الموسوعة بهذا تسجل تاريخنا الثقافي عبر تقديمه في أحسن الأطر والأشكال، وكأنها بذلك تؤسسه تأسيساً مستمراً، وتقربه وتيسره لجمهور الباحثين والمهتمين والقراء. تتناول الموسوعة الثقافة الإماراتية في مجملها ومفصلها عبر تصنيفات وتقسيمات علمية ومدروسة، ومنطلقة من معرفة بتجربة التوثيق الثقافي إجمالاً، ومعرفة بواقع الإمارات الثقافي من جميع الجوانب والاهتمامات، فلن يقضي المتابع بعد اليوم وقتاً طويلاً وهو يبحث عن شاعر أو في واقع مؤسسة ثقافية، فالموسوعة الثقافية الإماراتية تلبي القصد وتجيب عن كل الأسئلة التي قد تخطر في بال الباحث والسائل، وعبر هذه النافذة يستطيع زائر الإمارات، كما كل من يريد المزيد من المعرفة، التعرف إلى آفاق الثقافة والإبداع في دولة هي اليوم تقدم الأنموذج الأمثل للتنمية الشاملة والمستدامة على مستوى المنطقة. التوازن، إلى ذلك، سمة التنمية في دولة الإمارات منذ عهد والدنا وقائدنا وحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى مرحلة تمكين المواطن والمؤسسة الوطنية وفق رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وهي الرؤية التي تحولت إلى نهج معتمد تقتبس منه التنمية، بما فيها التنمية الثقافية، أقباسها. العمل التوثيقي، خصوصا حين يتصل بالإرث الثقافي والإبداع الجديد، اشتغال تفاعلي بامتياز، فكم يشكل ذلك العمل، بما هو كذلك، انشغالاً لدى أوساطنا الثقافية، مؤسسات وأفراداً؟ المطلوب تعاون أكبر من المجتمع الإماراتي الثقافي، كما من أسرة القرّاء والمتابعين، فالمسؤولية مشتركة يقينا، ونحن إنما نسهم بذلك في ترسيخ ثقافتنا، وتكريس هويتنا الوطنية، وفي جعلنا أقوى وأقدر على مواجهة المستقبل بكل تحدياته واستحقاقاته.