عكاظ السعودية-
أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي أن الذين يمارسون الحرق والتفجير وقتل المصلين في المساجد قد طمست إنسانيتهم، وأظلمت بصائرهم، والذين يقتحمون ويدنسون بأجسادهم وأحذيتهم مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقتلون في ساحاته النساء والأطفال والرجال قد ماتت ضمائرهم وانسلخت إنسانيتهم بكل معانيها وصورها.
وبين أن القرآن الكريم يرسخ كرامة الإنسان ويحمي العواطف الإنسانية من الانحراف عن أهدافها ويحصنها من الصراع البغيض الذي يتنافي مع الإنسانية النقية، ويجعلها تبصر الحق وتعرف الرشد وتحكم العقل وتنشد العدل.
وبين فضيلته في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي أمس، أن الإنسانية تستمد منهجها وقيمها من الإسلام، وحماها بإقامة الحدود الشرعية التي من أهم مقاصدها المحافظة على حقوق الأفراد وهذبها واعتنى بها في إطار منهج القرآن.
وقال: إن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم وجعل في أعماقه أخلاقا ومشاعر وأذواقا، والذين يستشعرون مقام الروح والقلب والعاطفة أكثر تحقيقا لمعاني الإنسانية، وكلما اقترب الإنسان من ربه صلاة وتعبدا ودعاء، سمت إنسانيته، قال تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة) وقال تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).
وأكد أن الإسلام ينشد كمال الإنسانية بإحياء مراقبة الله، وإذا ساس الإنسان نفسة وجاهدها انقادت له وأشرقت إنسانيته، مبينا أن الإنسانية التي زكاها الإسلام تضم جميع الأجناس والألوان ليتعارف الناس ويتآلفوا ويعيشوا إخوانا وليقوموا بواجب الخلافة على الأرض قال الله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى * وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا * إن أكرمكم عند الله أتقاكم * إن الله عليم خبير).
وبين أن من مقتضيات الإنسانية في الإسلام التعاون والتكافل وبناء معاني الحب والرحمة والتسامح وهجر الحقد والكبر والانتقام ومنع الظلم ومساندة المحتاج، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «وكونوا عباد الله إخوانا»، مضيفا أن القرآن يهدف لرقي الإنسانية وإلا هبطت فيها نزوات الجسد ودواعي الغريزة إلى الحد الذي يصبح الناس فيه عبيدا لشهواتهم وملذاتهم، كما يرتقي بالحياة حتى لا تتحول إلى صراع بغيض وحروب مدمرة تمتهن فيها الإنسانية.
وأوضح أن الإنسانية في الإسلام بلغت شأنا عظيما ومرتبة سامقة في أهدافها ووسائلها، ومن ذلك الإحسان إلى الوالدين بالتكريم والنفقة وخفض الجناح وفي رعاية المرأة وأداء حقوقها، إما زوجا أو بنتا أو أختا، مشيرا إلى أن الإنسانية تنعدم وتطمس معالمها بالاعتداء على الخالق في خلقه وفي التحليل والتحريم لقوله تعالى (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين)، وقد تبطر الإنسانية وتستبد عندما تصل إلى الرفاه وتغدق عليها النعم والخيرات قال الله تعالى (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)، مما يفضي هذا الإنحراف إلى الطغيان والاستبداد إلى العقوبة والبلايا.