عبداللطيف الزبيدي- الخليج الاماراتية-
أربع وثلاثون سنة مرّت على بزوغ شمس الكتاب في الشارقة. ولكن شوق ختام المعرض اليوم إلى مطلع الدورة الخامسة والثلاثين، لا يعدل تطلعاته أيّ عام مضى. سيكون الزائرون على موعد مختلف تماماً، بدخول الكتاب الرقميّ مسرح المستقبل. المنافس اليوم خجول، وغداً: هل من مبارز؟
المستقبل لا يعرف السير إلّا إلى الأمام، هكذا هي مركبته، ليس لها محوّل سرعة إلى الخلف، فلا تسأل الزمن عن رومانسيّة الحنين، أو عن مصير الكتاب الورقيّ، أو كيف سيستطيع القراء تغيير العادات والتقاليد؟ لكن التغيير لن يكون مفاجئاً وقاطعاً. حفل الوداع طويل.
طريف أن نرى، بعد عشر سنوات أو عشرين، وجهاً ظريفاً للخصوصيّة. تختفي الأكياس المنتفخة بالكتب الورقيّة. يخرج الزائر وفي جيب قميصه عشرون كتاباً في ذاكرة وميضيّة (فلاش ميموري)، أو في هاتفه النقّال، أو يرسلها من البائع إلى بريده الإلكترونيّ أو أيّ تخزين افتراضيّ آخر. غير أن للخروج بالأكياس من المعرض متعة استعراضيّة جماهيريّة، «وللناس أعين». كيف يعرف الناس أنك مجنون ليلى المعرفة، وأنت بلا أكياس؟ الكتب ثقيلة، وحين يراك الزائرون تتصبّب عرقاً، وترزح تحت جلاميد الورق، يغنّون لك: «حامل الهوى تعبُ».
ثمّة أشياء جوهريّة كثيرة ستتغيّر. منها ما هو تربويّ ذو أهميّة فائقة، وهو زرع حُبّ الكتب واقتنائها في أذهان النشء الجديد، وأثر سحر المكتبة المنزلية في نفوس الصغار. مسألة قدوة ومثال. ولكن المستقبل لن يضنّ على القادمين بالبديل. لاشك في أنه يحمل في كواليسه مفاجآت لنا، ولكنها ستكون العاديّ المألوف للآتين، سيكبرون معها. ويظل الماضي غير بعيد في الزمن، ستصبح روائع الطباعة الورقية اليوم، كأنها ألواح الطين المسمارية.
لنا أن نتخيّل من الآن، كيف أن مساحات معرض الكتاب الورقيّ، ستحتلّها مجالات معرفيّة وثقافيّة جديدة، فالرقميّ سيحتاج إلى فضاءات أصغر من حيث المقاييس. أطلق لخيالك العنان، وإلاّ فانتظر، فإن المعرض لناظره قريب.
لزوم ما يلزم: النتيجة المنسيّة: فكّرنا كثيراً في توديع الأوراق، أليس من عدم الوفاء ألاّ نفكّر في توديع الأقلام؟