عبدالعزيز الكندري- الراي الكويتية-
تم افتتاح معرض الكتاب العربي الأربعين كما أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وبمشاركة أكثر من 500 دار نشر عربية وأجنبية، وهذا حدث عظيم بحد ذاته، وفرصة سانحة لأن يأخذ الأب أبناءه للمعرض، والمدارس يصطحبون الطلاب، ولكن مع كل أسف فإن العالم العربي مشهور بقلة المريدين للقراءة والعزوف عن الكتب، والكثير لم يفتح الكتب منذ أن تخرج من الجامعة على عكس الدول الغربية التي يكون الكتاب لشعوبها مثل الصاحب والشواهد في ذلك كثيرة.
مثال ذلك امرأة غير معروفة في الأوساط الثقافية، تواجه صعوبة في العيش نتيجة قلة ذات اليد، فتقوم بتأليف مجموعة كتب قصصية باسم «هاري بوتر» فتصبح من أثرى أثرياء بريطانيا، بل وأصبحت أثرى من ملكة بريطانيا نفسها.
وكاتب آخر ألف مجموعة روايات «داون براون» فأصبح من أثرياء العالم نتيجة تفرغه للكتابة والتأليف، وفي عالمنا العربي فإن الكاتب يشحذ من دور النشر لطباعة كتابه نتيجة أن المجتمع غير قارئ ولا يحب الكتاب وهناك عزلة شعورية عن الثقافة.
وليس بجديد في العالم العربي أن نقول إن هناك فجوة كبيرة بين الإنسان والكتاب والقراءة، وهذا أمر واضح للعيان، الطفل لم ير والده يقرأ، المدرسة لا تعود الطفل على البحث والقراءة وإنما تتبع أسلوب التلقين، البيئة عموماً لا تشجع على القراءة، حتى إن دور النشر تشتكي من قلة مرتاديها وبعضها أغلق أبوابه وقام بتصفية الكتب، إذاً لماذا لا نقرأ؟
وكما يقول المثل «فاقد الشيء لا يعطيه» وتقول الحكمة الصينية: «في الكتب بيوت من ذهب»، فإن الكثير من الناس في العالم العربي تحديداً يجهلون أهمية وفوائد القراءة، خاصة للأطفال، والقراءة بالنسبة للأطفال تعتبر المفتاح المهم لتعلم باقي العلوم المختلفة، حيث إن الطفل دون أن يتقن القراءة لا يستطيع أن يتقدم في باقي العلوم، وهنا يأتي دور الآباء بالجلوس مع أبنائهم ومساعدتهم على القراءة، وقراءة القصص لهم، وتحبيب القراءة لهم كذلك، ويجب على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم، بحيث يقرأون بعض الكتب أمامهم، ووضع المكتبة في مكان بارز في المنزل ويقول الكاتب ماركوس: «بيت بلا كتب كجسد بلا روح».. وللعلم فإن المسؤولية تقع على عاتق الأمهات بسبب عدم مبالاة الآباء.
يقول العقاد: «لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمراً في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، والقراءة هي التي تعطيني أكثر من حياة، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق». وهل تعلمون أن الجاحظ مات تحت ركام كتبه التي سقطت عليه.
ويذكر عبدالله مغرم في مقال «ما لا نعرفه عن القراءة» بأن هناك «أمثلة عديدة ومهمة للعلاقة بين القراءة وحالة الإنسان الصحية ومنها دراسة أعدتها جامعة (ساسكس) والتي تشير إلى أن القراءة أفضل طريقة للتخلص من التوتر بل وأكثر فائدة من شرب القهوة أو ممارسة رياضة المشي حيث تشير نتائج الدراسة على عينة الدراسة إلى انخفاض الشعور بالتوتر خلال ست دقائق فقط من بدء القراءة بحسب ما أشار جهاز تخطيط القلب، فضلاً عن دراسات أخرى تشير إلى العلاقة بين القراءة والصحة العقلية كدورية علم الأعصاب والتي تشير إلى نتائج دراسة أجريت على 294 شخصاً في سن 89 إذ إن الأشخاص المنخرطين في أنشطة ترتبط بالعقل أفضل صحة عقلية بمعدل 32 في المئة مقارنة بغير المنخرطين فضلاً عن عدد كبير من الدراسات التي تشير إلى أهمية القراءة قبل النوم للمساعدة في تهدئة العقل وتمكين الإنسان من النوم»
كل الشكر والتقدير للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، على هذه المسيرة الثقافية الممتدة إلى 40 عاماً، وكان الله في عونهم على كثرة الانتقادات وهذا دليل على أن هناك عملاً وجهداً مبذولاً في خدمة الكتاب العربي والمكتبة كذلك.