محمد ناصر العطوان- الراي الكويتية-
اليوم هو آخر يوم في معرض الكويت الدولي للكتاب، وفي كل معرض وفي كل سنة ودائماً وبمناسبة ومن غير مناسبة يكون هناك شكل من أشكال (الردح الثقافي) بين المثقفين وقت انطلاق معرض الكتاب، ولكنها قديماً كانت بين العقاد والرافعي على صفحات الجرائد، أما اليوم فهي بين من يكتبون بالعربية وبين من يكتبون بالعامية على صفحات وسائل الإعلام الإلكترونية!
وبما أنني صعلوك طائش وعائش على الهامش، هامش الثقافة وهامش الحياة فلن أشارك في مهرجان (الردح)، ولكنني سأشارك في مهرجان النفاق، فأنا بصراحة لا أريد أن أكسب عداوات ولكنني أريد أن أكسب (واسطات) كي يتم تلميعي كنجم ثقافي، ربما عندها أجلس على كرسي من كراسي الدولة أو مقعد من مقاعد البرلمان.
ولذلك أريد أن أقول لذلك الكاتب الذي انتقل من كرسي الحلاق إلى كرسي المعرض، ووضع كمية من (الجِل) على شعره أكثر من كمية (الحِبر) على ورقه، ولم يكن يقف وقفة الأدباء، ولكنه كان يقف وقفة عارضي الأزياء أن استمر ولا تدع الآخرين وخصوصاً من هم على (شاكلتي) أن يحبطوك، فأنت جميل والله يحب الجمال.
وأريد أن أقول لمن تركوا كرسي التقديم والإعلام وجلسوا على كرسي التأليف والأقلام أن استمروا لأن (هيلاري كلينتون وأوباما) ليسا أفضل منكم عندما تركا كرسي السياسة وجلسا على كرسي تأليف السير الذاتية.
وأريد أن أقول لذلك الكاتب الناشئ الذي طلب مني أن أشتري كتابه وجلس على كرسي الاقتصاد وأسمعني ترانيم الرجاء واستخدم أحدث الوسائل في العرض والطلب، أنا آسف يا صديقي لأنه لم يكن معي نقود كافية لأشتري خواطر وهلاوس ما قبل النوم التي كتبتها، ولأنني إذا صرفت ما تبقى معي فسأجلس على كرسي الاعتراف في البيت.
كلكم على رأسي!
فلماذا أعترض أصلاً على لعبة الكراسي التي تمارسونها معنا إذا كنا نحن منذ البداية قد قبلنا أن تترك (الفاشينستا) كرسي صالون التجميل، وسمحنا لها أن تجلس على كرسي الفلسفة لتعلمنا كيف نحيا وكيف نلبس وكيف يكون الإبداع من فوق الركبة وليس من تحت العصف الذهني.
كلكم على رأسي!
فإذا كنا قد سمحنا للجمال أن يكون شيئاً استهلاكيا يعرض في «كتالوجات» عيادات التجميل، فلماذا نعترض على الأدب عندما يكون أكثر استهلاكاً ويكون هدفه المتعة وليس السمو.
أيها المثقفون والمواطنون في كل مكان... تسامحوا مع هؤلاء جميعاً لأنهم ثمرة المجتمع الذي صنعناه نحن وليسوا (فقعاً) خرج من دون مقدمات أو مبررات، وصدقوني ما كانوا لينجحوا لولا أنهم أذكياء وقد راهنوا على سطحية المجتمع.
الغريب أن كل شيء في الكويت في تدنٍ ابتداء من أسعار النفط وانتهاء بمستوى التعليم والصحة، ولا يرتفع إلا الضغط والسكر والإيجارات ومبيعات كتب أصحاب الكراسي.
وفي النهاية يقال إنه في عام 4000 ق.م تعلم الإنسان الكتابة، ولكن مع ما يحدث في لعبة الكراسي فسيتعلم الإنسان نسيانها خلال عشر سنوات.
ولكن لا يهم فكل شيء يهون... لأنكم جميعاً على رأسي، فلا يوجد أدب منحط في هذا البلد سوى الذي أقدمه أنا، والآن أرجو من الجميع أن ينزل من على رأسي لأنني بدأت أشعر بالدوار.